بكاء ثم بكاء ثم بكاء .. وبكاء بلا دموع لانها جفت من كثرة البكاء.. هذا ما خيّم على اللقاء مع الدكتور عز الدين ابو العيش في مستشفى تل هشومير في تل ابيب، الذي يتواجد بجانب ابنته وشقيقه وابنة شقيقه الذين اصيبوا جراء تعرض بيتهم للقصف بقذيفة اسرائيلية اسفرت عن استشهاد ثلاث من بناته وابنة اخيه.
ويفيد مراسل موقع باينت وصحيفة بانوراما ان الدكتور عز الدين ابو العيش من سكان مخيم جباليا عمل سنوات طويلة في مستشفى سوروكا في بئر السبع في مجال اختصاصه بالوراثة والاخصاب ثم انتقل للعمل في مستشفى تل هشومير ليكون العامود الفقري في هذا المجال.
وقد بنى خلال عمله علاقة قوية مع كل زملائه الاطباء بالاضافة الى بناء علاقة حب ومودة بينه وبين كل من يتعالج عنده حتى اصبح محبوبا على الجميع ولقب برجل السلام.
” خرجت من الصالون تاركا بناتي وحاملا ابني ومن ثم كان الانفجار..”
المأساة التي مرت على الدكتور ابو العيش كبيرة جدا بفقدانه ثلاث من بناته وهن: بيسان 20 عاما، وميار 15 عاما وآيه 14 عاما وابنة اخيه نور 17 عاما.
وعما حدث يقول الدكتور ابو العيش لمراسل موقع بانيت وصحيفة بانوراما :” كنت جالسا مع عائلتي وشقيقي وابناءه في صالون البيت في الطابق الثاني من العمارة وفي لحظة من اللحظات حملت ابني الصغير على كتفي وخرجت باتجاه المطبخ واذا بانفجار كبير يهز البيت وخاصة الصالون ومن شدة الدخان والغبار لم ارى شيئا وانتظرت قليلا وانا اسمع صراخ ابنائي وقبل ان ادخل الى الصالون واذا بقذيفة اخرى تطلقها الدبابة باتجاه نفس الصالون وكانت النتيجة مؤلمة بان افقد اعز ما املك رحمهم الله وحتى الان لا اصدق ما حدث”.
” فقدت زوجتي بتاريخ 16/9 وفقدت بناتي بتاريخ 16/1″
الحديث مع الدكتور عز الدين لم يكن سهلا خاصة انك تسمع منه مآسي من الصعب تحملها.. والادهى من ذلك انه يتحدث وهو يبكي بلا توقف.. الا ان البكاء الذي استمر اكثر من 24 ساعة يخرج بلا دموع لانها جفت.. ويضيف الدكتور ابو العيش في حديثه لموقع بانيت وصحيفة بانوراما: “توفيت زوجتي اثر مرض خبيث قبل اربعة اشهر بالضبط في تاريخ 16/9 وحتى الان كان من الصعب ان ننسى تلك المصيبة ، حتى حلت علينا مصيبة اخرى بتاريخ 16/1 وهي ان افقد ثلاث من بناتي”.
” لم اتحمل توديع بناتي قبل تشييع الجثامين”
الدكتور ابو العيش وصل مستشفى تل هشومير في ساعات الصباح الباكر اما تشييع جثامين بناته وابنة اخيه فكان في ساعات الظهر.. ولما سألته عن التشييع دون حضوره وهل ودعهن؟.. استمر في بكاءه المرير وقال في حديثه لموقع بانيت وصحيفة بانوراما: “خلال ساعات الصباح قبل مغادرة القطاع الى المستشفى في اسرائيل، كنت اتقطع الماً ولم استطع توديعهن واردت ان اقبلهن ولم استطع.. وكان نفسي ان ادفنهن بجانب والدتهن الا انهم منعوني من ذلك”.
” كل شخص يتمنى ان يكون عنده بنات مثل بناتي”
ارتباط الدكتور ابو العيش ببناته الست ارتباط قوي وكان يعمل المستحيل من اجل اسعادهن خاصة بعد وفاة الوالدة.. وعن بناته يقول: “كل انسان يتمنى ان يكون عنده بنات مثل بناتي.. كل الناس كانوا يحسدوني على بناتي من ناحية التربية، حتى في المدارس كانت المعلمات يردن ان تكون بناتي في صفهن. كانت بناتي ناجحات وجميلات ومهذبات. ابنتي البكر كانت تعمل وتتعلم في آن واحد وبعد اشهر كان من المفروض ان تنهي اللقب الاول”.
” ادعاء الجيش بان احدا اطلق النار من بيتي كاذب”
الجيش الاسرائيلي وفي رده الاول عما حدث قال بان البيت الذي تعرض للقصف اطلقت منه النار باتجاه القوات الاسرائيلية وتم الرد على مكان اطلاق النار.. هذا الادعاء يزيد من حزن وغضب الدكتور ابو العيش الذي قال في حديثه لمراسل موقع بانيت وصحيفة بانوراما: “عيب عليهم ان لا يعترفوا بالحقيقة هذا ادعاء كاذب… والدليل ان احدا لم يصب في المنطقة عدا بناتي في الصالون، وعليهم ان يكونوا شجعان ويعترفوا بالجريمة. وان لا يخدعوا الناس ويخدعوا شعبهم.. وانا على استعداد بان اضحي ببناتي من اجل السلام فقط في حالة اعترافهم بالجريمة”.
وسائل الاعلام المحلية والعالمية تهتم بقصة ابو العيش
يفيد مراسل موقع بانيت وصحيفة بانوراما الى ان القصف الذي تعرض له منزل الدكتور ابو العيش وانتشار الخبر عن طريق الصدفة في بث مباشر عبر القناة العاشرة للتلفزيون الاسرائيلي خلال حديث بين الدكتور والصحفي شلومي الدار اعطى الموضوع اهمية كبرى خاصة من قبل وسائل الاعلام المحلية والعالمية حيث وصلت الى المستشفى العشرات من الطواقم الصحفية المرئية والمسموعة والمكتوبة من اجل اظهار الصورة الحقيقية للاوضاع في غزة.