تقر التوراة (التي كتبها أحبار اليهود) بما يلائم تركيبتهم النفسية ، أو ما يسمى بالعهد القديم ، أن أريحا صمدت واستعصت أمام بني إسرائيل والنبي يوشع ، قائد الجيش ، ولم يجدوا إلا عاهرة في أريحا اسمها (رحاب) ، وافقت على خيانة بني قومها مقابل سلامة رأسها ، وهكذا فتحت لهم الأبواب ، فدخلوا وقتلوا أهل أريحا على حد السيف ولم تنجُ من الذبح إلا رحاب العاهرة.
وعاشت رحاب بين الجيش الإسرائيلي الذي كان يقتل الأنبياء ، واستمد من رحاب ما صنعه لمستقبل الأجيال القادمة ، وربما تربية رحاب العاهرة وثقافتها هي التي تميز الثقافة الإسرائيلية وقادتها الذين لا يعرفون الحياء أو الخجل ، بل أن الكذب هو ما يميز سياستهم إلى الأبد، بل إن الدعارة والجنس من أفتك أسلحة إسرائيل سابقا حيث تعتمد على الفضيحة أولا ، ولاحقا حيث صار الإيدز يفتك بالضحية.
وليس هنا مربط الفرس وزبدة الحديث ، ولكن إذا كان الإسرائيليون قد خربوا أريحا وذبحوا أهلها على حد السيف من أجل وجود عاهرة واحدة ، فكيف صنعت غزة العزة وحولها سوار من (رحابات) لا تعد ولا تحصى في زمن صارت الخيانة من مكونات الحياة ، وخصوصا القادة والسياسيون ؟؟
ولماذا يقبل البعض أن يؤدي دور رحاب ويسلِّم مذبح غزة للسكين الإسرائيلي ، ولماذا هذا الرعب من أمريكا حتى نخافها أكثر من الله ؟؟ولماذا هذا الرعب من الموت مع أنه قدر مقدور علينا وكأس نشربه عن بكرة أبينا ، وأن الموت لا يأتي إلا بمشيئة الله عند انتهاء الأجل ، وأن للشهادة عند المسلمين قدسية وأمنية ودعاء نرفعه بخشوع لله تعالى ، وأن الله هو الذي يجتبي ويختار الشهداء ، وأن الصور المعجزة التي تأتينا من غزة العزة تدل على أن الحي لن يموت إلا إذا انتهى أجله ، فلماذا الخوف ؟؟؟؟
ولماذا يصبح شعارنا (نحن ورثة رحاب) أهل الخيانة والدناسة…..
إن العدو يحترم الند القوي الذي يحسب له ألف حساب أكثر من الجاسوس الذي يكشف عورات أمته للعدو ، حتى ولو حقق منه إنجازات هائلة ، بل إذا قضى شهيدا فإن العدو لا يتوانى عن تأدية التحية العسكرية له…..
بعد أن وقعت العشيقتان ليفيني ورايس الاتفاق الذي يقضي بمراقبة مصر للحدود والحؤول دون المقاومة وتهريب السلاح ، واعتبر نظام رحاب في مصر العروبة والصمود ذلك إهانة وصفعة بل وبصقة في وجه النظام ، خرج علينا الشيخ منسر زعيم الزار يخاطبنا بلهجة كانت غائبة طوال 22 يوما ، مدة وجود غزة العزة تحت الذبح ، بل كان يفت في عضد الأمة بمبادرة مشبوهة تعطي إسرائيل الوقت اللازم لإنهاء غزة ، وأن لا تقوم لها قائمة ، وعلى أمل أن يمضي السكين ويذبح أسطورة غزة والمقاومة والبندقية الشريفة لكل فصائل الثورة ، وأن المقاومة هي قدر مقدور على الجبين الفلسطيني الشامخ ، وسقوط المقاومة وخيارها الذي أسقطه الصنم البهائي بوقاحة ،ولكن هيهات !!!
إن هذا الدم الزكي المبارك ، قد أسقط من أسقط ، ورفع من رفع ، وأن الحلف الرحابي قد سقط خير الجبن ، ووحد الدم الفلسطيني كل الأمة العربية الشريفة تحت وحدة الدم الغالي الذي يضيء دياجير الظلمة وأن التصدي والصمود هما العنوان الأكبر الذي لا يجوز إسقاطه ، وأن النصر من الله ، والشهداء في ذمة الله ، ونحن عبيد الله ، إن أحسنا الثقة والاعتماد عليه عز وجل ……
لقد سطرت غزة العزة أعظم سطور البهاء( ليس الذي يعبده إياه) ، وأوقدت بالدم ما أظلمه البهائيون بالسياسة العاقرة ، وأعادت لنا الثقة بأمجاد الأمة الماجدة التي أضاعت هيبة الأمة ، وأن الشعوب صاروا أكثر وعيا ، وتم فضح الأنظمة الرحابية وكشف أوراقها ، والدور على مصر العروبة ، مصر جمال عبد الناصر أن تخلع هذا النظام كما يخلع الكندرجي المسمار الأعوج من الحذاء ، ليعود لمصر بياض وجهها البهي ، ووجه مصر أبيض إن شاء الله تعالى…..
شكرا غزة العزة فقد أحس النظام المر بحرارة الصفعة وكبر الإهانة ، ولو هذه الصفعة كانت على وجه أنور السادات ، لفعل فعل كبير ، فقد كان للرجل رحمه الله مواقف رجولية ، مع أنه أول من ثقب السفينة المصرية وسلمها للغرق….