أي شريعة هي تلك التي ترغمنا، قبل أيام، على دفن أطفال من عائلات مختلفة في مقبرة جماعية؟ يتساءل الفتى عبد الرحيم حويلة. هو لا ينتظر جواباً من أحد. كان قد انتهى للتو من دفن أحدهم، فوق جثة من سبقه إلى الموت في غزة.
ليست مسألة »ألا نجــد مكانــاً في المقــبرة القديمة« في غزة، لدفن الأحباب، ما يحزن عبد الرحيم، بل »ألا نكرّم شــهداءنا«، و»ألا نفتح لهم بيوت عزاء«. حشود المعزين قد تعــد »صــيداً سهلاً« لقــنابل الإسرائيليين. ألم يفعلوا ذلك في بيت حانون في اليوم الثالث للعدوان على غزة؟
ويروي عبد الرحيم (١٦ عاماً) لصحيفة »التايمز«، أن »الأسوأ لم يكن في أننا عمدنــا إلى دفــن ابن عمــي إســماعيل، الذي استُشهد بقذيفة دبابة إسرائيلية أمام منزله في جبــاليا في قطــاع غزة، فوق جثة جده الذي توفي قبل ٢٥ عاماً«، بل »إننــا لم نجــد اسمــنتاً أو الآجر لإعادة إغلاق المدفن«. لا بأس! فعبد الرحــيم لم يتخلّص بعد من »كابوس« دفعه، مع غيره، إلى دفن »أطفال من عائلات مختلفة في جباليا، في مقبرة جماعية«.
على باب مقبرة الشيخ رضوان الكبيرة في مدينة غزة، لافتة كبيرة كتب عليها: »المقبرة ممتلئة«. شواهد بيضاء متراصة، لم تعد، بفعل الدفن المتكرر تحت كل واحد منها، تخص الاسم الذي تحمله.
ثمة مقبرة ثانية في المدينة، لكن دبابات الاحتلال الإسرائيلي تطوقها، وكأن الحصار يطارد حتى الأموات في غزة.
محمود الزينــاتي (٢٣ عاماً) »جاب مقــابر المدينة، من دون أن نعثر على مكان ندفــن فيه ابــن عمي.. هل تصــدقون هذا؟.. لذلــك فتحنا، في مقبرة الشيخ رضوان، مدفن ابن عم آخـر استــشهد قــبل عامين، لدفنه فيه«.
إلى جانبه، ثمة أشخاص يحفرون قبراً، لا يعرفون صاحبه، بعدما »تعذّر عليهم الوصول إلى مدفن عائلة صديقه«. هم يريدون دفن أحد شبابها، باسل خير الدين، الذي استشهد في قصف إسرائيلي.