سعيد الشيخ
لم تكن “اسرائيل” يوما قوية ومتفوقة بذاتها، بل ظلت هناك عوامل خارجية تغذيها وتدفع بها الى هذا التغوّل الذي هي عليه. ولأن كيانها منذ البداية قد قام على الاحتلال والسرقة وبما يتنافى مع القواننين والاخلاق ظل قادتها يسعون الى امتلاك اسباب وادوات القوة العسكرية، الى حد بات هذا الكيان عبارة عن دبابة يحشر المجتمع الاسرائيلي نفسه بها، في ظل ثقافة مشحونة بالكراهية ضد الآخر. وذلك بشعور من الخوف ، وهو الشعور الذي يصاحب عادة اللصوص والمجرمين لما اقترفت ايديهم من اعمال مشينة.
اوروبا لم تكن يوما انسانية او يمسها شئ من التمدن والحضارة عندما تتعاطى مع مسألة ضحايا النازية من اليهود.. الاعمال النازية المشينة هي اوروبية بامتياز والضحايا هم مواطنون اوروبيون يامتياز. فكيف يتم تعويض ومكافأة هؤلاء الضحايا على حساب ارض ووطن شعب آخر وفي قارة اخرى. هذا هو الخلل الكوني منذ البداية، محو العار بالعار… ومازال عار اورويا مستمرا وهي تدعم الكيان الصهيوني بكل اسباب القوة وتعطي تفسيرات تبريرية قائمة على الكذب والتضليل لممارسات الجيش الاسرائيلي الوحشية بحق ابناء الشعب الفلسطيني.
لقد استمرت اوروبا في رعاية وتنمية الوحشية الاسرائيلية ولو بشكل أقل من الولايات المتحدة الامريكية التي تبدو شريكا كاملا في حرب القضاء على الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
نعم.. هو المشهد كذلك، عندما يقدم الجيش الاسرائيلي على قتل اكثر من 1200 مواطنا فلسطينيا خلال ثلاثة اسابيع من عدوان مجنون على قطاع غزة ومن بين الضحايا ما يربو على اكثر من ثلاثمائة طفل حسب تقارير طبية والتي ذكرت ان الجرحى قد تجاوزوا الخمسة ألاف عدا عن حجم الدمارالذي يلحق البنية المدنية ومنها مؤسسات لهيئة الامم المتحدة ، كل ذلك دون ان تتحرك هذه المدنية الاوروبية والاميركية بالاضافة الى النظام العربي الرسمي للضغط من اجل وقف العدوان ، وهو ما يكشف حجم المؤامرة على القضية الفلسطينية وان هذه الانظمة ما هي الا دروع للكيان الصهيوني، وان لم يكن كذلك فكم بحاجة هذا المجتمع الدولي ومعه النظام العربي لسفك دماء الاطفال في غزة حتى تتحرك انسانيته كما تتحرك لجرح اسرائيلي واحد.
لقد تمادى النظام العربي كثيرا في خلع عباءتة العربية وما ترمز اليها من نخوة وشهامة.. وذهب بعيدا في تواطئه المعلن في قتل فلسطين واصطفافه الى جانب اعداء الامة في محاولة لتركيز سلطاته القمعية بالاعتماد على القوى العظمى. وهذا الشرخ في الجسد العربي لن تسكت عليه الشعوب العربية طويلا. فالمنطق ان لا يكون بعد الآن سكوتا على انظمة تذهب من خزي الى خزي.. والى انتحار بمحض الارادة في تكوين عالم عربي هامشي خارج التاريخ.
ان الشعوب العربية من خلال قواها الوطنية والديمقراطية مطالبة الان باعادة اللحظة التاريخية المشرّفة للنهوض قبل فوات الاوان. وأول علامات النهوض كسر دروع اسرائيل الداخلية على كامل مساحة الوطن العربي!
سعيد الشيخ/ كاتب وشاعر فلسطيني
مدير موقع الوان عربية