انتهت مدة العقد التي نص عليها زواج المتعة مابين أحمدي نجاد وحركة حماس. ذلك أن التفرج الإيراني على مأساة غزة والاكتفاء بالتنديد اللفظي، أكد بما لايترك مجالا للشك بأن المدة الزمنية التي نص عليها عقد زواج المتعة مابين إيران وحماس قد انتهى، ووجب إما تجديده، وهذا غير وارد حاليا بالنسبة للإيرانيين الذين قدموا رأس حماس هدية لأوباما، وإما التفرج وإلقاء الخطب، كما يحصل الآن، من قمة الهرم في الجمهورية الإسلامية، إلى أدنى الأوساط الشعبية في طهران.
علائم انتهاء زواج المتعة مابين الجمهورية الإسلامية وحماس خصوصا، والفلسطينيين، عموما، بدأت تباشيرها من الساعات الأولى للعدوان الإسرائيلي على غزة. فقد قام مرشد الثورة علي الخامنئي، بشحمه ولحمه، بإعلان رفض طهران بإرسال مقاتلين انتحاريين الى غزة. ولم يعرف أي مواطن عربي السبب في ذلك إذا ماكانت إيران، حقاً، تؤيد الحق العربي الشرعي في فلسطين. هذه كانت أولى البشائر، بينما كان حلفاء طهران الفلسطينيون في غزة، يُقتلون أطفالاً ونساء وشيوخاً وقادة وعناصر ومدنيين. قسوة قلب فارسية عُرِفَت عن هؤلاء الناس، وبها يعزو محللون ثقافيون قلة الانتاج الشعري الإيراني.
العلامة الثانية لانتهاء زواج المتعة الإيراني – الفلسطيني جاءت هذه المرة من رئيس الدولة الإيرانية ، وايضا بشحمه ولحمه، بعدما أتته الإشارة من المرشد. فقد صرّح أحمدي نجاد بأن إيران ليست مضطرة لاستخدام السلاح لنصرة أهل غزة، والسبب كما قال نجاد بأن أهل غزة قادرون على مقاومة الإسرائيليين بدون معونة من أحد. كأن نجاد يعتبر بقاء فلسطيني واحد على قيد الحياة في غزة مؤشراً على انتصار حلفائه في الحرب! ولم يكتف الرئيس المكلوم من هذا التنصل، فقد تنصل حتى من فكرة استخدام النفط للضغط على حلفاء إسرائيل، وقال إن هذا الأمر غير مطروح الآن.. لم يقل متى سيطرح؟ ربما إذا تخطى عدد ضحايا حلفائه العشرين ألفاً وليس الألفي ضحية فقط.
لا شك بأن الإيرانيين ينتظرون أوباما. ولا شك بأنهم لايتوقفون عن إرسال الرسائل إليه بأكثر من طريقة. وماهو أفضل من التخلي عن حلفائهم في ميدان غزة كي يطمئن الأمريكي إلى أن السلاح النووي الإيراني لن يستهدف الدولة العبرية في حال من الأحوال؟
يخطئ أي عربي لو ظن أن السلاح النووي الإيراني سيكتب له النجاح والتشريع الدولي إن كان يمس أمن إسرائيل ولو قيد أنملة؟ تعرف إيران أن سلاحها النووي سيبقى أمراً مرفوضاً دوليا إذا ماكان حقا سيهدد أمن إسرائيل. من أجل هذا لايتوقف الإيرانيون عن إفهام من لم يفهم في الإدارة الأمريكية بأن سلاحها النووي ليس موجهاً ضد الدولة العبرية. والغريب أنه مازال ثمة عربٌ يتعاملون مع النووي الإيراني كما لو أنه بيد فوزي القاوقجي ايام الجيوش العربية التي أعلنت الحرب على الدولة الإسرائيلية. أو كما لو أن النووي الإيراني بيد ابراهيم هنانو أو عمر المختار.
على الرغم من مأسوية الحرب الإسرائيلية على غزة، إلا أن الوجه الكالح لها، ليس من الجانب الإسرائيلي، وحسب، بل من الجانب الإيراني، حيث وجهت طهران للرئيس الأمريكي الجديد أقوى رسالة يمكن أن يسمعها رئيس ضعيف الخبرة مثله، وهي أن رأس حماس على مأدبة أي اتفاق ممكن ياأوباما. ولقد لاحظ المراقبون أن إسرائيل في إعلامها وأدبياتها أثناء حرب غزة كانت تتجنب ذكر حتى الدور الإيراني إلا بالحدود الدنيا. ماالسبب ياترى؟ وضحت معالم انتهاء زواج المتعة، هذا العقد الذي يبدو كما لو أنه يتجه لضم شريك جديد والذي قد يكون إسرائيل نفسها.
في الوقت نفسه يقف نجاد ويبعث الرسائل للعرب ويتبجح ويمثّل ويدعي ويخيّل. على من تكذب ياسيادة الرئيس؟ أنتم قدّمتم رأس حماس هدية لأوباما ثم تقولون لن نرسل مقاتلين الى غزة ولن نستخدم النفط سلاحاً. ثم . وثم .. فعلاً كما قال الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه : الكذبُ حَيْضُ الرِّجال …