جمال عميمي
أصبح الكل ضعيفا بل بات كل واحد يتملص و يتنصل من مسؤوليته و يرمي باللوم على الآخرين. الشعوب تحمل قادتها المسؤولية وتتهمها بالتخاذل والخيانة والحكام يلومون بعضهم البعض بل هناك من لم يستحيي وحمل حماس المسؤولية. بالنسبة لمن يحمل حماس المسؤولية فإنه يحملها للفلسطينيين لأنهم هم من اختار حماس بطريقة ديموقراطية وشفافة بشهادة الجميع. نعم إن الطريقة التي اختيرت بها حماس تختلف كليا عن الطريقة التي يعرفونها والتي وصلوا بها إلى قمة السلطة, وقد يكون التخوف من الطريقة التي وصلت بها حماس للسلطة هو ما يخيف هؤلاء القوادة عفوا القادة وعدم اخفاء رغبتهم في تصفيتها من طرف الكيان الصهيوني.
بالنسبة للموقف الأمريكي والذين ينتظرون المعجزة من الرئيس الجديد باراك أوباما إنما ينتظرون المستحيل الذي لن يأتي وذلك لسبب جد بسيط يعرفه كل من له إلمام بالسياسة الخارجية الأمريكية. اللوبي الصهيوني قد تمكن من إحلال إسرائيل الولاية الواحدة والخمسين للولايات المتحدة الأمريكية. هذا الأمر تجند له اللوبي الصهيوني منذ زمن بعيد و بكل ما أوتي من قوة وذلك بتسخير كل وسائل الإعلام الذي يسيطر عليها والأبناك والأموال التي يمتلكها. بالنسبة لوسائل الإعلام والتي يمتلك أغلبيتها في الولايات المتحدة فقد سخرها ليرسخ في ذهن الشعب الأمريكي المسكين بأن الشعب اليهودي قد تعرض للإبادة الجماعية ويسعى للعيش في سلام غير أن المنظمات الإرهابية “حماس وحزب الله” تهددان سلامته ووجوده وهاته المنظمات الإرهابية تتلقى الدعم من دول مارقة تريد سحق إسرائيل ومحوها من الخريطة وهاته الدول هي “إيران و سوريا” و”عراق صدام قبل احتوائها”. والمعروف أيضا في الولايات المتحدة فهذا اللوبي ىما يملكه من قوة لايسمح لأي أمريكي كيفما كان نوعه أن يصل للكونغريس أو البيت الأبيض إلآ إذا تعهد علنا بمساندة اسرائيل وعدم انتقادها ولو أجمع العالم على ذلك.
لهذه الأسباب لا يمكن أن ننتظر موقفا مغايرا من الرئيس الأمريكي باراك أوباما. أما توقيت هاته الجريمة فهو تطابق رغبة بوش من رغبته في الإنتقام لنفسه من حذاء الزيدي والشهرة والإستهزاء الذي حل كل الأرجاء وكذلك رغبة إسرائيل للإنتقام لجيشها من هزيمته أمام حزب الله صيف 2006 وإستغلالها ورقة انتخابية.
وللتذكير فقط فهذا اللوبي لم يتأسس ويتقوى بالولايات المتحدة سوى سنة 1962 في عهد الرئيس الأمريكي المغتال كيندي. سيقول البعض أين لوبي الواوا. الجواب جد بسيط فحكام الواوا استولوا على الحكم وبالتالي كانوا دائما خائفين على كراسيهم فلم يكونوا يبعثون كفاءات للولايات المتحدة الأمريكية بل كانوا يبعثون أقاربهم ذووا الكفاءات المنعدمة أو المحدودة في أحسن الأحوال. وهؤلاء السفراء كانوا يقضون أوقاتهم في الرقص والليالي الحمراء ولهذا لقبوا ب”الواوا”. وأكثر من ذلك ففي الوقت الذي كان فيه أفراد حكام الواوا يبذرون أموال شعوبهم في كل أشكال القمار والليالي الحمراء كان اللوبي الصهيوني يترقبهم ويراقبهم ويصورهم ويجمع ملفات ضدهم لمساومتهم في الوقت المناسب وهذا ما يعمله حاليا مع كثير من حكام الواوا.
لماذا انبطحت الشعوب؟ إن حكام الواوا كما سبق الذكر قد وصلوا إلى سدة الحكم ضذا في شعوبهم ووقعوا في غرام الكراسي وبالتالي كان لا بد ممن يحميهم ويحمي كراسيهم وقد تطوعت اسرائيل لذلك مقابل ما أصبح واضحا ومكشوفا اليوم. واسرائيل تستعمل نفس الأسلوب وهو فرق تسود بتخويف البعض من الطرف الأخرى وهذا مانراه ونشاهده في كل قطر. فالإسلاميون تلفق لهم تهمة الإرهاب والعلمانيون تلفق لهم تهمة الكفر والذين اختاروا الوسطية تلفق لهم تهمة النفاق وما إلى غير ذلك من تهم وهلم جرا. وهذا ما دفع الكثيرين من تطليق السياسة والهروب بعيدا عنها وهذا ما يريح حكام الواوا لأن البقية القليلة المتبقية يسهل السيطرة عليها بالترغيب والترهيب . والتغيير لا يأتي سوى بالسياسة أوالإنقلابات العسكرية وهذا مستبعد في كثير من الدول لإنغماس الجيش في النهب مما يفقده دعم شعبي. وحتى إن وقع فهو سرعان ما يفشل أو يكون أكثر ديكتاتورية من سلفه.
ماهو الحل إذا؟ الحل يكمن في تغيير عقليتنا وطيقة تفكيرنا وهذا لايتوخى إلآ بالعلم. إذن حاجتنا اليوم إلى ثورة ثقافية عارمة, لكن في الوت الحالي علينا أن نستمر في مساندة الشعب الفلسطيني في محنته بتكثيف المظاهرات وتقديم الدعم المادي والإنساني ومقاطعة المنتوجات والشركات التي تخصص مساعدات للآلة الصهيونية المدمرة لأنه من الكفر واللاأخلاق أن نساهم في قتل الأطفال الرضع.
جمال عميمي