“بشاعة العدوان الإسرائيلي على غزة جعلت لساني عاجزا عن وصف دقيق لما يحدث هناك.. بحثت في القاموس عن لفظة تجسد هول ما يحدث، فلم أجد.. حتى مفردة (الإرهاب) أو (العدوان) غير معبرة عن حقيقة المأساة”.
بهذه الكلمات أدان “ناعوم تشومسكي” عالم اللغويات والمفكر اليهودي الأمريكي الشهير محرقة غزة المتواصلة، واصفا “دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في عدوانها بأنه دعم للانحطاط الأخلاقي”.
وفي محاضرة بمركز “ستار للدراسات الدولية” بولاية ماساتشوستس الأمريكية الثلاثاء 13-1-2009 انتقد تشومسكي إسرائيل بشدة بسبب استهداف المدنيين في قطاع غزة المحاصر، وانتهاكاتها ضد الشعب الفلسطيني على مدى سنوات الصراع العربي الإسرائيلي.
وشدد تشومسكي على أنه “حتى لو انتصرت آلة الحرب الإسرائيلية على غزة فستبدو إسرائيل كوحش تلطخت يده بالدماء”، بحسب ما ذكرته صحيفة “ذا تيك” الصادرة عن “معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا”.
وفي اليوم التاسع عشر من “حرب كسر الإرادة – 3” ارتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى نحو 1018 شهيدا و4650 جريحا.
الانحطاط الأخلاقي
وموجها انتقاداته للولايات المتحدة وصف تسشومسكي دعم الإدارة الأمريكية المطلق لإسرائيل بأنه بمثابة “مساعدتها على الإفلات من جرائم الحرب التي ترتكبها بحق الفلسطينيين العزل”.
وأضاف قائلا: “إن مؤيدي إسرائيل هم في الواقع مؤيدون لانحطاطها الأخلاقي”.
وانتقد تشومسكي عدم دعم إدارة بوش قرار الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار في غزة، وأبدى استياءه من “تعاطف الرئيس الأمريكي المنتخب الجديد باراك أوباما مع الإسرائيليين”.
وفي هذا السياق دعا تشومسكي الإدارة الأمريكية إلى الانضمام إلى بقية الأسرة الدولية في إدانة إسرائيل على تقوم به من عمليات بحق المدنيين الفلسطينيين.
وبمجرد صعود تشومسكي المعروف بين النخبة السياسية الأمريكية بانتقاداته اللاذعة لإسرائيل ومؤيديها، امتلأت قاعة المحاضرات عن آخرها، واضطر البعض ممن لم يجدوا مكانا لهم إلى متابعة المحاضرة عن طريق شاشات الفيديو خارج القاعة الممتلئة.
وبدا استنكار تشومسكي لأعمال القصف الإسرائيلية على غزة فور بدء حديثه عن أول يوم للهجوم “الأمريكي – الإسرائيلي على الفلسطينيين العزل” في 27-12-2008.
التوقيت مقصود
وشبه العدوان على غزة بحرب لبنان 2006، مشيرا إلى أن الجيش الإسرائيلي استخدم في كلا العدوانين بشكل مفرط وغير متكافئ آلته العسكرية في استهداف المدنيين، بالرغم من ادعاءاتها بأنها تستهدف المسلحين فقط، وهو ما أثار انتقادات واستنكارات في جميع أنحاء العالم.
وعلى صعيد متصل شدد تشومسكي على أن إسرائيل أعدت قبل لشهور لعملية “الرصاص المتدفق” في غزة، مشيرا إلى أنها قصدت أن تنفذ أولى غارات قصفها في وقت كان أطفال غزة فيه عائدين من مدارسهم، وكانت شوارعها ممتلئة بالمارة من كبار السن والنساء.
وفيما يتعلق بالحصار الذى تفرضه إسرائيل على غزة أدان تشومسكي رفض إسرائيل دخول سفن المساعدات الإنسانية إلى القطاع قبل بدء الهجوم عليها، بحجة تقليدية، وهي “خرق هذه السفن لمياهها الإقليمية دون تصريح منها ودون تنسيق مسبق مع السلطات الإسرائيلية؛ مشيرا إلى أن هذه السفن تعني لإسرائيل “خرق الحصار الإجرامي الذي تفرضه على القطاع”.
وأضاف تشومسكي: “على الرغم من أن منع دخول سفن المساعدات أسوأ من أعمال القرصنة التي تحدث قبالة السواحل الصومالية، فإن هذا الحدث تغافل عنه الكثيرون ومروا عليه مرور ا
لكرام”.
لكرام”.
ويعد تشومسكي من أشد المدافعين عن القضايا العربية في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن أشد نقاد السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، ويصف هذه السياسة بأنها ضالة ومضللة، وخادمة وتكيل بمكيالين، وقد تؤدي بالعالم إلى الدمار الكوني؛ لأن الشرق الأوسط من المناطق شديدة الالتهاب في العالم.
ولتشومسكي عدة كتب تنتقد السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، منها “السلام في الشرق الأوسط” و “مثلث المقادير” و “قراصنة وقياصرة” و “ثقافة الإرهاب” و “أوهام ضرورية” و”الديمقراطية المعوَّقة” وغيرها.