كل مقومات امبر اطورية قطر الصوتية العظمى هو بئر للغاز وقناة الجزيرة .. وقاعدة السيلة اضخم قاعدة عسكرية للقوات الامريكية في الشرق الاوسط، ومنها ادارت القوات الامريكة حربها في تدمير العراق، ولديها ايضا مكتبا تمثيليا تجاريا لدولة اسرائيل الصهيونية العنصرية.
وفي ذات الوقت فهي حليف رئيسي للجمهورية الاسلامية الايرانية، التي تعتبر الولايات المتحدة الشيطان الاكبر، وينادي رئيسها “الثوري جدا” احمدي نجاد بتدمير دولة اسرائيل، كما انها بنفس الوقت حليف رئيسي لزعيمة حلف الممانعة العربية أي سوريا، هذا الحلف الذي يضم حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية.
ومن مقومات قطر انها تحتضن القيادات العليا لحركة الاخوان المسلمين، وتفرض عقوبة الجلد على شارب الخمر، ومع ذلك تغص فنادقها بالسكارى والعاهرات والداعرات، من جنسيات مختلفة لتوفير الرفاهية والترفيه المطلوب لقوات الجيش الامريكي، ومدراء البنوك والشركات الاجانب.
اظن انه مع هذه القدرات لهذه الدولة الصحراوية التي لا يزيد عدد سكانها عن 300 الف نسمة وقدرتها على التعامل مع كل هذه المتناقضات تستحق وبجدارة ان يطلق عليها “امبراطورية قطر العظمى”، ونظرا لامتلاكها قناة الجزيرة والتي تحتل عن جدارة المركز الاول بين القنوات الفضائية العربية، فان قطر تستحق لقب ” امبراطورية قطر الصوتية العظمى” .
ولذلك من من حقها ان تنافس جمهورية مصر العربية على زعامة الامة، ومن حقها ان تنافس المملكة العربية السعودية على دورها التاريخي في المجال الحيوي العربي. ومن حقها ان تسطو على دور الكويت التاريخي في دعم النضال الوطني الفلسطيني، فتعمل على تخريب القمة العربية المقرر عقدها مطلع الاسبوع المقبل في الكويت، فتدعو الى عقد قمة عربية طارئة قبل يومين فقط من انعقاد القمة الاقتصادية العربية في الكويت والتي تقرر ان تحتل قصية الحرب العدوانية الصهيونية على غزة موقعا واهتماما رئيسيا في مداولاتها.
فلماذا دعت قطر الى عقد هذه القمة الطارئة دون أي تنسيق مع أي من الدول العربية باستثناء سوريا، وما هي المخاطر التي يمكن ان تترتب عليها .
صحيفة القبس الكويتية كشفت عن بعض الاسرار المتعلقة بالدعوة القطرية لعقد القمة فقالت “ مصادر خليجية رفيعة المستوى، كشفت لــ«القبس» ابعاد الدعوة القطرية، وقالت: «ان المشكلة بدأت عندما فوجئت قطر بإجماع خليجي في قمة مسقط على رفض دعوتها لعقد قمة طارئة، وبعدما فشلت الدوحة في الحصول على اجماع خليجي، ومن بعده عربي، قررت التحرك عبر محاور اخرى لتثبت رؤيتها بشأن لعب دور في القضايا العربية”.
اذن السبب الرئيسي يكمن في ان قبيلة بني مرة استاءت من رفض ابناء عمومتها الاستماع والموافقة على رغبتها فشعرت بالدونية فقررت رد الاعتبار لنفسها باتخاذ طرق اخرى لفرض القمة.
واضافت جريدة القبس في سياق كشفها عن خلفيات الدعوة القطرية فقالت ” وتضيف المصادر الخليجية ان القطريين، ولمجرد الاعلان عن اجتماع لوزراء الخارجية العرب في الكويت صباح يوم الجمعة المقبل، سارعت الى تقديم دعوة لاستضافة قمة عربية طارئة في الدوحة، وفي يوم اجتماع وزراء الخارجية العرب نفسه، مشيرة الى ان قطر عبرت عن رفضها للاجتماع الوزاري بالدعوة لهذه القمة”.
اذن المسالة مجرد انتقام حركته الكرامة القبلية، والنزعة القبلية للانتقام..!!
وحسب المصادر الخليجية المطلعة، فإن الكويت ودولاً خليجية ابلغت قطر استياءها من توقيت الدعوة للقمة الطارئة، ووصلت رسالة واضحة الى المعنيين في قطر بأن دعوتهم للقمة لا يمكن ان تفسر الا بأنها رسالة غير ايجابية، هدفها عرقلة قمة الكويت واظهار الموقف العربي بأنه منشق في ما يتعلق بقضية غزة تحديدا.
وأضافت مصادر القبس قائلة .. ان الرد القطري كان غير مقنع بقولهم ان قمة الكويت مخصصة للقضايا الاقتصادية، لكن رد المسؤولين الكويتيين والخليجيين على هذا المنطق كان: قمة الكويت ستناقش كل القضايا، وفي طليعتها غزة، وقد اجريت اتصالات واستعدادات مع عدد من الدول، ومن بينها قطر، لبحث غزة والاجراءات الواجب اتخاذها لمواجهة آلة الدمار الاسرائيلية.
وهنا رد القطريون بالقول ان عقد قمة منفصلة يخصص لغزة سيعطي نتائج أفضل.
وقد جاء الرد الكويتي الخليجي على هذا المنطق القطري بالتالي: «قمة الكويت تحظى باجماع عربي، وليس عليها أي جدل أو خلاف، وبمعنى أدق لن تكون قمة بمن حضر، بل قمة كل العرب، وهي قمة جامعة للتضامن العربي وقضايا العرب، وعلى رأسها قضية غزة».
وقد جاء الرد الكويتي الخليجي على هذا المنطق القطري بالتالي: «قمة الكويت تحظى باجماع عربي، وليس عليها أي جدل أو خلاف، وبمعنى أدق لن تكون قمة بمن حضر، بل قمة كل العرب، وهي قمة جامعة للتضامن العربي وقضايا العرب، وعلى رأسها قضية غزة».
واضافت المصادر الخليجية ان قمة الكويت لا تندرج في اطار المتاجرة السياسية والصفقات على حساب الابرياء، متوقعة ان ينعكس الموقف القطري على العلاقات القطرية مع دول مجلس التعاون الخليجي ككل، اذ ان الدعوة القطرية، وفقا للمصادر، هي محاولة واضحة لعرقلة قمة الكويت، التي تعتبر بمنزلة شمعة للتوافق وسط الظلام العربي الدامس.
واشارت الى ان قمة الكويت هي قمة الانسان العربي البسيط الذي يأمل ان تخرج بقرارات تصب في مصلحته بعيدا عن المزايدات السياسية. واعربت المصادر الخليجية عن املها في ان تخرج بعض الدول العربية من وهم انها تمثل الضمير العربي وحدها.
اظن انه على ضوء ما سبق ذكره يمكن وببساطة ان نتلمس الروح القبلية المسكونة بالثأر وها هي تحاول ان تثأر لكرامتها المجروحة، وان تسترد اعتبارها برد الصاع صاعين الى دول مجلس التعاون على موقفها “المهين للامبراطورية الصوتية العظمى” في قمة دول المجلس، وايضا توجيه صفعة شديدة لمصر التي اعترضت على عقد القمة عشية العدوان الصهيوني على غزة.
لكن هذه الروح الثأرية ورائها ما هو اخطر من مجرد “التنابز بالكرامات”، حيث كما يبدو ان ايران استثمرت بشدة الاحساس العاطفي القطري بجرح الاشقاء وعيال العم، فدفعتها بقوة لتلعب دور حصان طروادة في تعميق شق الصف العربي وترسيخ الخلافات وتوسيعها، واستفادت دمشق من الجموح القطري بظهورها بمظهر الحكم الرشيد الذي تثبت الايام صحة وجهة نظره و منطلقاته، ومكانته القيادية الرائدة على المستوى القومي، في مواجهة محور القاهرة الرياض عمان وحلفائهما مما يطلق عليه معسكر الاعتدال العربي.
لكن الخطر الاكبر لهذا الجموح القطري المدعوم من طهران ودمشق يكمن بانه يضع القضية الفلسطينية في مهب الريح، مستغلا البعد الانساني لدماء اطفال ونساء فلسطين ابشع استغلال لتحقيق مآرب خاصة وأهداف وغايات سياسية على حساب القضية الفلسطينية.
فقطر التي تركب على ظهر المأساة الكبرى التي يمر بها الشعب الفلسطيني، وتدعي انها تعمل لتخفيف هذه المأساة كذبا وافتراء، تعمل على زيادة تفسخ وتفتيت الساحة الفلسطينية من خلال الدعم الهائل الذي تقدمه لحركة حماس على حساب السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، وهي تحاول ان تفرض حضورها في القمة كطرف أساسي يمثل الشعب الفلسطيني بشكل مستقل، مما يؤدي الى شرعنة الانقسام الفلسطيني الى دولتين واحدة لحماس في غزة، والاخرى للسلطة في الضفة الغربية. واعتقد انه لا يوجد خطر اعظم من هذا الخطر على القضية الفلسطينية في المرحلة الحالية، ويعتبر امامه قيام اسرائيل باعادة احتلال كل فلسطين مرة ثانية وعودة الحاكم العسكري اقل خطورة مما يمكن ان يترتب على المغامرة والمقامرة القطرية.
ولا نريد ان نذهب مذهب اصحاب الفكر التآمري ونتساءل حول مصلحة قطر في تدمير الساحة الفلسطينية، فالامور واضحة تماما، ومفادها ان هناك نزعة لدى حكام قطر لا تقل عن النزعة القذافية في الزعامة والوجاهة وتصدر المشهد العربي، ولتحقيق ذلك فليس اسهل من ركوب القضية الفلسطينية، خصوصا عندما يكون هناك فريق فلسطيني لديه الاستعداد لبيع فلسطين وما بعد .. بعد .. بعد .. فلسطين، اذا كان ذلك يثبت شرعيته، ويوفر له الفرصة لاقامة دولة الخلافة الاخوانية الاسلامية، حتى ولو في احدى قرى فلسطين النائية. وحتى لو ابيد كل سكان غزة وبعد بعد غزة ايضا.
لكن هذا التخبط القطري والهلوسة السياسية التي امسكت بقيادتها السياسية، ومغامراتهم التي تكشف عن هواة مبتدئون وبدائيون سوف تبوء بالفشل لعدة اسباب من اهمها :
اولا : ان القمة في الكويت سوف تظل هي الاساس وسوف ينظر العالم لنتائجها نظرة احترام وتقدير
ثانيا : ان أي محاولة لدمج النظام الايراني في الشان العربي سوف تبوء بالفشل نظرا لادراك الجميع بالاهداف الخطيرة والاطماع القومية للسياسة الايرانية في المنطقة.
ثالثا : لان قطر ومهما حاولت ان تعطي نفسها من صفات ومواصفات امبراطورية .. معتمدة على قوتها الصوتية من خلال قناة الجزيرة، فلن تستطيع عزل جمهورية مصر العربية، او اضعاف دورها العربي، او ايجاد شرخ بينها وبين الشعب الفلسطيني.
رابعا : لن تتمكن قطر حتى لو وفرت لها ايران دعما بالقنابل النووية من تقليص او عزل الدور السعودي في المنطقة.
خامسا : ان الخبرة والقدرة السياسية والدبلوماسية الكويتية قادرة على تحجيم الدور القطري بل وهزيمته.
سادسا : لن تتمكن قطر ومعها كل الثقل الايراني والسوري والمتشددين الاسلاميين في العالم من القضاء على شرعية السلطة الوطنية الفلسطينية، وشرعية منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني
.
.
سابعا : ان الظواهر الصوتية مهما ابدعت في فنون الديماغوجيا والكذب فان نهايتها ماساوية وهناك نماذج ما زالت حية في الذاكرة العربية من صوت العرب واحمد سعيد ، وقناة الجزيرة والصحاف وعلوجه.
ثامنا : ان البكاء القطري على الماسي الانسانية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مكشوف ومفضوح، خصوصا اذا كان طابعه لفظي وصوتي، حيث ان حجم المساعدات الانسانية القطرية تكاد لا تذكر امام المساعدات العربية والدولية لشعبنا في غزة.
تاسعا : ان من توجد في بلده اكبر قاعدة عسكرية للجيوش الامريكية، ومن تطير طائراته مباشرة لتحط في مطارات العدو، ولديه علاقات ممتازة مع العدو، وتستقبل عاصمته قادة العدو للمشاركة بالمؤتمرات والاجتماعات، لا يستطيع ان يزايد على السلطة الفلسطينية التي تناضل لاقامة دولتها الديمقراطية، ولا يستطيع ان يزايد على القاهرة او عمان او الرياض.
عاشرا : حتى وان شاركت جميع الدول العربية بقمة المشاكسة القطرية، فانها لن تخرج بأحسن الاحوال عن قرار بالتنديد والشجب والاستنكار، أي لن تخرج الا ببيان لا قيمة، ولا وزن، ولا رائحة ولا طعم له، ولن تقدم قمة الدوحة أي فائدة مهما كانت متواضعة لاهل غزة الذين تسحقهم الصواريخ والقنابل الصهيونية.
على كل حال وبما انني اكتب هذا المقال قبل ساعات قليلة من الاعلان النهائي عن اكتمال النصاب من عدمه لقمة المعاكسة القطرية، فانني أتمنى من كل قلبي ان تفشل الدعوة القطرية، وان يكون قادة العرب اكثر حكمة من الانجرار وراء الثقافة القبلية التي لا تتوانى عن تدمير كل القبائل الاخرى اذا شعر زعيمها بان كرامته جرحت، فثقافة الثأر لا يجب ان يكون لها دور يذكر في رسم سياسة مستقبل شعوب المنطقة.
ابراهيم علاء الدين