سامح عوده – فلسطين
لم تكن الحرب الوحشية المعلنة على قطاع غزة حرباً ضد فصيل بحد ذاته، أو للون سياسي معين، أنها الجحيم المفتوحة على كل الفلسطينيين، في غزة، والضفة، مخطئ من يظن فلسطينياً، أم عربياً، أن ترسانة الاحتلال العسكرية ستفرق بين فلسطيني وآخر..!! لأنهم وبدون فلسفة يرون أن الفلسطيني الجيد هو الميت، هذه هي عقيدتهم، وتلك هي أخلاقهم، التي صقلوا بها، وحرب الأرض المحروقة التي يقومون بها ضد الأبرياء والأطفال خير شاهد على ذلك، الأهم من ذلك أنهم موحودون ضدنا، متفقون، على أننا يجب أن نكون تحت التراب، أما نحن فما زال ينقصنا بعض الحكمة، بالرغم من مشاهد البطوله والفداء خلال ستين عام من الاحتلال.
قبل أسبوع كنتُ قد قرأت عبر وسائل الإعلام الفلسطينية رسالة الأخ مروان البرغوثي أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية، التي وجهها إلى الشعب الفلسطيني من زنزانته داعياً فيها كل الفلسطينيين إلى التوحد وإنهاء الانقسام، والتوحد في مواجهة العدوان البربري على قطاع غزة، وفاءً لدماء الشهداء الذين قدموا كل ما قدموه حتى نكون، أثلجت صدري تلك الدعوة إذ إنها لم تكن تلك الدعوة الأولى للأخ مروان البرغوثي، وأمام تلك الرسالة التي تحمل وجع الشعب لا بد من الوقوف على أمرين :
الأول : أن الرسالة التي وجهها الأخ مروان البرغوثي لم تلقَ الاهتمام المطلوب من وسائل الإعلام العربي، أو على الأقل لم يحالفني الحظ في أن أقرأ تلك الرسالة عبر وسائل إعلامنا العربي المختلفة، وخاصة الفضائيات التي غزتنا من حيث لا نحتسب، إنها وباختصار أوغلت في الندب والردح على جثثنا الممزقة ودمائنا النازفة، لست ادري إن كان ممكن أن أبرئ الإعلام العربي من هذه الخطيئة، ترى لو كان الأخ مروان البرغوثي قد وجه رسالة تدعو إلى الفئوية لا سمح الله ؟! اعلم مسبقاً وسأكون يقيني في الإجابة على هذا السؤال بالتأكيد ستكون رسالته ” المنشيت ” الأول في عناوين كل وسائل الإعلام العربية، قد يكون الرقص على الجرح الداخلي مادة دسمة للأصوات النشاز ..!!
الثاني : على كافة فئات شعبنا الفلسطيني ومن يمثله من فصائل وطنية وإسلامية، ومؤسسات مجتمع مدني الالتفاف حول تلك الرسالة وتسليط الأضواء على رسائل قادة وممثلو الفصائل الأخرى للخروج من المأزق الحالي الذي يعيشه شعبنا والذي تجلى في الانقسام، على كل فلسطيني وفلسطينيه غيور أيا كان مكان تواجده أن يصغي فقط لكل صوت غيور على مصلحة الشعب الفلسطيني مهما كان لونه السياسي، مطالبون الآن أكثر من أي وقت مضى أن نستمع إلى صوت العقل، والضمير، وأن ندرك بأن قضيتنا الفلسطينية ومشروعنا الوطني في مهب الريح، والريح الآن عاصفة أكثر من أي وقت مضى، لذلك مطلوب أيضاً من الذين يسمون أنفسهم قادة، والذين وجدوا في الفضائيات والوقوف أمام عدسات الكاميرات متنفساً ” لبعبعاتهم “ و ” هرطقاتهم ” الفارغة أن يلتزموا الصمت الآن لان الشعب الفلسطيني بكافة ألوانه السياسية سيرمي خارجاً كل الأصوات النشاز، وسيقذف كل من يحاول أن يعكر أجواء الوحدة التي هي المظلة التي نستظل بها تحت سماء الوطن .
من الممكن لا سمح الله أن يكون في الأيام القادمة أخبار عن تفوق الاحتلال وجيشه في المعركة، نظراً لعدم تكافؤ القوى بين الطرفين، وهذا لا يعني نهاية الكون، أو نهاية الطريق للمقاومة الفلسطينية، في هذا الظروف الحالكة، وان كانت النتائج ليست في صالحنا، سنكون نحن المنتصرون إذا ما استطعنا الخروج من عنق الزجاجة، وأنهينا الانقسام واستعدنا الوحدة، وواجهنا الاحتلال جسم واحد لا جسمين، لأننا خلقنا كي نكون موحدين في وجه من يغتصب أرضنا، ويقتلنا في كل لحظة ألف مرة ومرة .
أبا القسام استمر هكذا عهدناك، قائداً ومهندساً للانتفاضة، ومرجعية وطنية لا خلاف عليها، فمهما كان القيد والزنزانة، والحبس الانفرادي موجع، فجرح الفرقة والانقسام تؤلم أكثر، شعبنا الفلسطيني الآن يوجه أنظاره مرة أخرى نحوكم، بانتظار أن يخرج من الزنزانة رغم عتمتها مبادرة تمهد لحوار وطني فلسطيني شامل، وتشطب من صحائفنا سنة مضت تفرقنا أعادت إلى أذهنا حكاية قابيل وهابيل، غزة الآن تحتضر والاحتلال تجاوز كل الخطوط الحمراء، ما يمكن أن يقال الآن ” الوحدة ” .. الوحدة وإهمال كل أصوت النشاز، فقط الآن مطالبون أكثر من أي وقت مضى بالاستجابة لنداء العقل دون غيرة، وأن نرمي بالشائعات خلف ظهورنا، ليكن هذا العام الجديد عام الوحدة، ولتكون أيامه القادمة خير شاهد على وحدتنا تمهيداً للوصول إلى الاستقلال، رحم الله شهدائنا الأبرار وأسكنهم فسيح جناته، والشفاء من رب العباد لجرحانا البواسل، والإفراج الكامل لأسرانا البواسل من سجون الاحتلال، بهذا الدعاء يتوجه الفلسطينيون إلى الله عز وجل انه هو القادرُ على كل شيء .
span>