مسامير وأزاهير ( 48 ) … ( المـَـيـّه ) تكذب الغطاس يا سلطتنا الفلسطينية!!!.
حين تجهض أمريكا قراراً دوليا يدين إسرائيل على ما تقترفه من جرائم وحشية ومجازر في غزة فذاك أمر نفهم دواعيه من أنه نتيجة طبيعية منطقية لتنسيق أمريكي صهيوني مسبق تعطي العدو الصهيوني الضوء الأخضر في أن تمارس بحقنا ما تمارسه وتقترفه!!!، وحين تضغط حكومات غربية باتجاه منع إقامة دعاوى جرائم حرب ضد إسرائيل فهذا يمكن أيضاً تبريره وتفسيره من أنه تدليس أوربي ومحاباة لولايات الشر الأمريكية !!!، وكلا الموقفين ( الأمريكي والأوربي ) إنعكاس طبيعي متوقع لحالة الوهن والضعف الذي بات يؤطر واقعنا العربي الرسمي !!!، وحين نرى انقساماً عربياً رسمياً وعدم اتفاق على عقد مؤتمر قمة قيل أنها ( طارئة ) فهذا يمكن تسويغه من منطلق ( أنه زمن العهر السياسي العربي ) وأن ( العرب قد اتفقوا على ألا يتفقوا ) وأن ( ما حك جلدك مثل ظفرك ) فلا يجوز أن يتلبس قادة أنظمتنا العربية بالحالة الفلسطينية أكثر من قادة فلسطين أنفسهم الذين تشتت جهودهم وتنوعت أجنداتهم وتوزعت بوصلاتهم!!!، ولكن ما يمارسه رئيس السلطة الفلسطينية ومستشاروه ويبدونه من رفض للتعاون مع هيئات ومنظمات ولجان عربية ودولية تسعى جاهدة لجمع أدلة وشواهد من أجل إقامة دعاوى ضد الكيان الصهيوني ومحاكمة قادتها كمجرمي حرب … فهذا أمر يدعو للاستغراب والدهشة والاستنكار والامتعاض والإحباط … والتساؤل!!!.
فبينما تتوالى الأنباء متسارعة وهي تشير إلى قيام منظمات عربية ودولية ( أوربية تحديداً ) ببذل جهود جبارة وحثيثة من أجل جر مجرمي الحرب الإسرائيليين إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي لمحاكمتهم وفق اتفاقية جريمة الإبادة الجماعية ، فإذا بي ( وأنا أتابع نشرة أخبار قناة الجزيرة الفضائية ليلة أمس الاثنين 12/1/2009 ) أصاب بلطمة على أم رأسي ولمرتين اثنتين دخلت بعدها في دائرة الصراع النفسي والألم والحيص بيص والتساؤل:
1- المرة الأولى … حين تحدث المحامي لؤي ديب ( وهو محام نرويجي الجنسية من أصل عربي ) عن ملابسات طلب تقدمت بها لجنة محامين نرويجيين إلى السيد محمود عباس ( رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ) لغرض حثه على إبداء المساعدة لهم في جمع الأدلة والشواهد التي تدين إسرائيل لما اقترفته قيادتاها ( العسكرية والسياسية ) من جرائم حرب فضيعة في غزة وذلك تمهيداً لإقامة دعوى إلى المحاكم النرويجية المختصة بجرائم الحرب التي تقترفها دولة إسرائيل في غزة ، هذا وقد بيـّنَ المتحدث بأن السيد محمود عباس هو المخول الوحيد لإقامة مثل هذه الدعوى القانونية وذلك باعتباره رئيساً للسلطة الفلسطينية ، غير أنه أبدى استغرابه وامتعاضه لرفض السيد أبي مازن التعاون معهم ولتجاهله التام إجابتهم على طلبهم حتى الآن مؤكداً في الوقت ذاته بأن قادة إسرائيل سيدانون على ضوء 172 بند خرق!!!.
2- المرة الثانية … حين استغرب السيد عبدالعظيم المغربي ( نائب الأمين العام لاتحاد المحامين العرب ) لعدم استجابة السيد رئيس السلطة الفلسطينية لمطالب محامين عرب وأجانب يزمعون إقامة دعاوى دولية ضد قادة إسرائيل منوهاً بأن السيد أبا مازن باعتباره المسؤول الأول عن أبناء شعبه وحماية مصالحهم فهو يكون المخول الوحيد لإقامة مثل هكذا دعاوى دولية ضد إسرائيل!!!، هذا من جانب ، ومن جانب آخر ، وكعادة رجال ورموز السلطة الفلسطينية في اللف والدوران وإطلاق التبريرات استناداً لنظرية المؤامرة التي لا تفارق تفكيرهم ، فإن السيد صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين راح ينفي ما جاء بحديث السيد المغربي جملة وتفصيلاً وذلك عندما وجه إليه مذيع قناة الجزيرة سؤالاً إليه للرد والتعقيب معتبراً أن ما جاء بحديث السيد المغربي واتهامه للسلطة الفلسطينية من عدم تعاون إنما يراد به تشويه صورة السلطة الفلسطينية ورئيسها وانطلاقاً من نظرية المؤامرة التي طالما يرددونها في مثل هذه الحالات!!!.
وبهذا الصدد أيضاً فإنه كان قد استرعى انتباهي خبر قد ورد في موقع ( وكالة قدس نت للأنباء ) بتاريخ 6/1/ 2009 بعنوان رئيسي (( الحسيني: السلطة الفلسطينية بصدد رفع دعاوى قضائية على الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة)) حيث تحدث السيد رفيق الحسيني ( رئيس ديوان الرئاسة الفلسطينية ) في مؤتمر صحافي عقده بمقر الرئاسة برام الله منوهاً بحديثه من أن الرئيس عباس قد وجه لرفع دعاوى قضائية بخصوص جرائم الحرب التي ترتكبها قوات الإحتلال ضد الشعب الفلسطيني الأعزل!!.
فأين هذا الذي جاء بالخبر الوارد والمنشور في موقع وكالة قدس نت للأنباء مما ورد بالفقرتين ( 1 و 2 ) أعلاه وما جاء برد السيد صائب عريقات!!؟، ومن نصدق والحالة هذه ومن نكذب!!؟.
وكي لا نقع في حيص بيص التفسير والتأويل ، وحيث أننا نريد سلة العنب لا قتل الناطور، ومن باب حسن النية والتعالي على الجراحات ، فإنني سأهمس في أذني رئيس سلطتنا الوطنية الفلسطينية ومستشاريه قائلاً لهم وصوت عال مسموع…
لقد أصبنا بالغم والهم والنكد طيلة أشهر من مفاوضات عبثية وسعي متعوس خلف سراب تسوية قيل أنها ستكون عادلة ستنتهي بإقامة الدولة الفلسطينية نهاية عام 2008 … فيما كان العدو طيلة أشهر المفاوضات تلك يراهن على عامل الزمن بتوسيع مستوطناته وتهويد مدينة القدس ، وها هو صاحب الرعاية والتسوية والوعود والاحلام الوردية ( بوش ) الكاذب المرائي يلملم أغراضه الشخصية فيما صورة وأزيز الحذاء العراقي ( الطائر ) لن تفارق مخيلته وأذنه … وكي نتعالى على الجراحات وقت الشدائد والمحن فلا نتهم من جديد من أننا نعارض السلطة الفلسطينية ، فإننا سنضع في حسباننا هذه المرة بأن ما جاء بحديث وتصريح السيد رفيق الحسيني ( رئيس ديوان الرئاسة الفلسطينية ) والمنشور في موقع ( وكالة قدس نت للأنباء ) بتاريخ 6/1/ 2009 هو الصدق بعينه ، هذا كما وأننا سننظر هذه المرة لنصف الكأس المملوء فنقنع أنفسنا هذه المرة ( ولآخر مرة !!!) بأن هناك من يحاول أن يضع العصي في دواليب عربتكم كما حاول إيحاءه السيد عريقات برده وتعقيبه ، فها نحن أبناء الشعب العربي عموماً والشعب الفلسطيني خاصة نقدم لكم عن طيب خاطر ( السبت انتظاراً منكم لتقديم الأحد أو الإثنين أو حتى الجمعة !!) ، وها نحن ننتظر منكم وبفارغ من الصبر خطوات عملية جادة تؤدي إلى التسريع لإقامة الدعاوى الدولية ضد ( أولمرت وتسيبي ليفني وباراك ) لما اقترفت أياديهم من مجازر وحشية بحق أبنائكم وأشقائكم في غزة ، وها نحن ننتظر منكم ردة فعل ( حقيقية ) توازي حجم تضحيات أبناء غزة وصمودهم وبمستوى مجزرة الكيان الصهيوني ووحشيته … وهذا واجبكم تجاه شعبكم وشهدائكم … وهذا واجبكم تجاه هبة أبناء العروبة وغضبتهم في كل مكان.
والمـَيـّة تكذب الغطاس … يا سيد عباس!!!.
لنعرف بعدها الصادق من الكاذب!!!.
ملاحظة هامة للجميع … لقد ناشد السيد لؤي ديب في ختام حديثه كل مواطني الإتحاد الأوربي من الأصول الفلسطينية وتحديداً الغزاويين منهم ممن مسهم ضرر في دار لهم أو لأحد أقاربهم الإسراع لتقديم شكوى فورية في أي محكمة أو مركز شرطة في النرويج لتسجيل الدعوى أولاً وتفعيلها من قبلهم بالتالي دون الحاجة لجهود السيد محمود عباس ( رئيس السلطة الفلسطينية )!!!.
سماك العبوشي
13/1/2009