فايز أبو راس
أصبح من المؤكد بعد ثلاثة أسابيع من الحرب الإجرامية والمجازر على غزة أن القادة الصهاينة لن يجدوا النصر الذي خططوا للحصول عليه, وأنهم قد استكملوا ضرب جميع الأهداف المحددة من الأسبوع الأول للغزو, كما أن أكثر الأهداف أعيد ضربها أكثر من مرة ولم يعد أمامهم غير الاستمرار في توسيع دائرة المجازر للأطفال والنساء, وهذه ليست محمودة العواقب دائماً لأنها فشلت في تليين إرادة الفلسطينيين وهي في نفس الوقت تؤلب عليهم الرأي العام في كل البقاع مما يؤثر سلباً على حريتهم في العمل وإطلاق يدهم في القتل ويحرمهم الدعم غير المحدود من القوى الداعمة والمشاركة لهم في العدوان , حتى القوى التي تلتزم الصمت فإن استمرار المجازر يخرجها عن صمتها مسايرة للضغوط الشعبية عندها وهذا يقلب الموقف من الدعم والتأييد إلى الغضب والإدانة كلما طال أمد الحرب .
الكيان الصهيوني الساعي الى ترميم صورته المهشمة وتعويض خسارته في الحرب على لبنان تموز 2006 أمام المقاومة , هل يعيد التجربة مرّة أخرى ويقبل بتكرار الهزيمة أمام المقاومة في فلسطين 2008-2009 ؟؟ أم سيعمد إلى توسيع دائرة الحرب خارج حدود غزة وفلسطين؟؟ إذا كان لابد من تقديم ثمن لهذه الحرب فلماذا يُقدَم لميليشيا مقاومة ؟ ولا يُقدم في إطار صفقة إقليمية شاملة فيها دول وجيوش وليس أمام ميليشيات ,هذا ما يتجنب المحللون الدخول فيه لأكثر من اعتبار, مع أنه ممكن الحدوث وقد يكون ضرورياً وملحاً لقادة الكيان الصهيوني ليخفف من وقع هزيمتهم وينقذ ماء وجوههم الذي يراق يومياً على أبواب غزة, ولذلك فإن الكيان الصهيوني إن لم يستطع تعويض خسارته العسكرية في غزة بنصر سياسي يصنعه له شركاؤه في محور الاعتدال العربي ومصر على وجه الخصوص, فإنه سيسعى إلى جرّ أطراف إقليمية الى المعركة وسيبادر هو إلى توسيع دائرة عدوانه إذا لم ينجح في جرها غير آبهٍ إذا ما كان العدوان مبرراً بما فيه الكفاية أم لا.
الصمود البطولي الذي يبديه أهل غزة شعباً ومقاومة وقدرتهم على الصبر والتحمل هو الذي هزم العدو وهو الذي سيصنع النصر إن شاء الله لأن المعركة بالنسبة لأهل غزة غير قابلة للهزيمة لأنها معركة الإرادة (إرادة شعب وإرادة أمة ) وليست معركة وامكانات وقدرات ماديّة يتم تدميرها والنصر عليها كما لا يمكن قياسها بميزان الربح والخسارة ويمكن أن تجري عليها المساومات و التنازلات, ولأن هدف المعركة النهائي هو كسر إرادة الأمة في غزة وأن يُفرض عليها الإذعان والتسليم لإرادة العدو فهي معركة لإلغاء ذاتنا وتثبيت ذوات أعدائنا , وأن نقر على أنفسنا بأننا لا شيء وعابرون على هذه الأرض وفي هذا الزمان, وأن ننسى أننا نستند الى موروث حضاري متصل وممتد مكانياً وزمنياً على مساحة أكثر من ألف واربعماية عام , وما زال هذا الموروث فاعلاً فينا وهو الذي يشكل وعينا وكل أنماط حياتنا وهو الأصل وكل ما عداه عارض.
سواء توسعت الحرب الى ما بعد غزة أم بقيت في حدودها فإن نتيجة المعركة قد حُسمت لصالح قوى المقاومة , وسيسجل النصر باسم غزة وشعب غزة ومقاومي غزة وكل من وقف الى جانب غزة في محنتها قبل الحرب وخلالها , لقد فتحت غزة باب التغيير في المنطقة , وما سيكون عليه حال المنطقة بعد نصر غزة لن يشبه بحال من الأحوال حال المنطقة قبل معركة غزة, أمّا أولئك الذين ربطوا مصيرهم ومستقبلهم بمحور الانهزام العربي (مبارك لهم عارهم) وقد أصدر الشعب حكمه عليهم, وما عليهم إلاّ أن يسرعوا لتغيير كل المعلومات الموجودة على بطاقاتهم الشخصية وأوراقهم الثبوتية فليس لديهم قيود بيننا, ونصر غزة اليوم أصبح واقعاً مؤكداً لم يبقَ غير توثيقه في الوثائق, النصر للمقاومة ولغزة ولهما العزة.