خيريه رضوان يحيى
حروب اسرائيل على البلدان الفلسطينية استراتيجية متخذة من قادتها الاوائل والذين بدورهم ورثوها لمن تبعهم واعتلى سدة الحكم الاسرائيلي، وعادة ما كان الدم الفلسطيني واشلاء الاطفال الفلسطينيين هما المادة الاعلامية والانتخابية التي يقدمونها للشعب الاسرائيلي المعتنق لثقافة القتل والتنكيل، كيف لا وهم من يقولون فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض وعليه لا يتوانون لحظة للنيل من هذا الشعب مثبتين في هذا نظريتهم البائسة.
ولكثير من المبررات اليهودية التافهة اقدمت اسرائيل على حرب مفاجئة مستهدفة قطاع غزة ببشره و جحره وشجره وحتى الحيونات في دلالة حقيقية على المحرقة الدائرة على الارض تحت غطاء ومبررات الصواريخ التي تطلق من غزة باتجاه اسرائيل علما بان هذه المحرقة مبيته لغزة كخطوة أولى ومن ثم اذا ما نجحت اسرائيل بتحقيق هدفها ستنتقل الى بقية الاراضي الفلسطينية، ولن ننسى انها ترغب في اعادة الكرامة التي افقدتها إياها لبنان في حرب تموز 2006، لكن ابدا لن تخرج اسرائيل من قطاع غزة الا كما خرجت من لبنان تجر خيبتها وبشكل يفوق ما ذاقته في لبنان اي كان اداء جندها على ساحة غزة واي كانت الجرائم التي ترتكبها وان وصل بها الحد لابادة شعب غزة باكمله فلن تحقق ما تريد، والصورة ستتضح قريبا فالحرب الاقسى على الشعب الفلسطيني منذ احتلال 1948 هي حرب غزة لكن لن تجدي لغير اهل غزة ومن وقف معهم نفعا.
ودائما كان العالم العربي والإسلامي على المستوى الشعبي يقف وقفة عز وكرامة مع المظلومين، وكثيرا ما خذلت الشعوب من انظمتها وخذل المظلوم بظلم فوق ظلمه من هذه الانظمة، والحري ذكره ان هذه الحرب رغم قسوتها الا ان المتعاطين معها من الانظمة لا يكادون يذكروا، وما المبررات وراء هذا التخاذل والتهاون والصمت المخزي او العمى الذي اصاب الانظمة؟؟؟ الاكيد انه امر ما زال طي الكتمان، فلم تنطِق الدماء اخرس، ولم تُبكي الاشلاء ميت، ولم تُسمِع الاستغاثات اصم، والهدم والخراب لا يهم متعاون ومتخاذل.
بهذا الصدد استحقت الدولة العربية وسام الشرف الغزي فموقفها ينم عن عروبة ووطنية عميقة مع القضية الفلسطينية التي هي قضية الامة العربية، فوقفت قطر وقفة عز واجلال وهي الوقفة التي سيسجلها التاريخ لها فكانت الدولة السباقة في رغبتها الاكيدة لرفع الظلم عن شعب غزة، ولليبيا التي عادة ما كانت مواقفها رائعة مع الشعب الفلسطيني الكثير من الاحترام فبرغم الصمت المحيط بليبيا من الدول العربية الا انها ضربت بعرض الحائط المواقف المتخاذلة وقدمت من المساعدات ما قدمت ورغم الضغط كان موقفها موقف فخر، تركيا الدولة الاسلامية والتي لا نبعدها عن فلسطين لكن الخطر الداهم على فلسطين لن يطالها الا ان حكومتها قالت وبالصوت العالي لا لكل ظالم وغاشم ونحن مع المظلوم نحن مع الفلسطينيين اكثر من انفسهم ولن نأبه للمواقف العربية الضعيفة وعلينا الوقوف الى جانب غزة المنكوبة وضد الظلم اسرائيل فبذلت تركيا ما بذلت من الجهود لنصرة الحق وايضا سيسجل التاريخ من تكلم حين خرست الالسن، وكذا السودان التي وقف رئيسها وقفة الشجاع، والعزة والكرامة والشرف لموقف نصر الله وحزبه الذي حشد الملايين لادانة هذه الحرب المجنونة، ولسوريا ايضا موقف يحتسب لها تجاه الاجرام الاسرائيلي، اما موريتانيا فهي الدوية الاولى التي اتخذت خطوة سياسية بطرد السفير الاسرائيلي من ارضها معلنة الرفض للمجازر، أما تشافيز فهو الاكثر بعروبته من كثير من الانظمة العربية فامس وفي حرب لبنان طرد السفير الاسرائيلي في بلاده وكان السباق وايضا اليوم فعل الامر نفسه وطالب بمحاكمة اسرائيل من ارتكبت جرائم بل حرائق حرب.
ويبقى لبعض الدول حق النقد الأخوي علينا، فلا يستطيع عقل بشري عربي استيعاب الدور الرسمي المصري وخاصة في قضية اغلاق معبر رفح هذه الدولة التي دائما تسجل لتاريخها المواقف المشرفة فاي اضافة تمت اضافتها لهذا التاريخ وكيف اثرت عليه؟، والانظمة العربية الباقية كلها لها موقف الخجول المتخوف بكل اسف وما التخوف الكامن وراء هذا الخجل؟ لم يتمكن محلل او مبرر الاجابة على هذا، فهذا هو الصمت المشجع للمزيد من الاستباحات الاسرائيلية للارواح البريئة، فأي تاريخ تسطرون وبأي عمل ربكن ستقابلون ولتلك الضحايا ماذا ستقولون، لكن ملحمة غزة البطولية ستسطر ما عجزت الأمم عن تسطيره وسيقول هذا الشعب الاعزل غدا انتصرنا على القوة التي كنتم تهابون، فما انتم امام من ترغبون رضائهم فاعلون.
خيريه رضوان يحيى
مديرة مركز شعب السلام للأبحاث والدراسات واستطلاعات الرأي
جنين- فلسطين