قال خبير أمريكي بارز في الشئون الإستراتيجية إن نتائج العدوان الإسرائيلي الجاري على قطاع غزة حتى الآن تشير إلى أن إسرائيل “انهزمت إستراتيجيا”، من خلال عدم تحقيق أهدافها من الحرب على غزة، حتى وإن كانت قد حققت مكاسب “تكتيكية” على الأرض، وهو ما يعني تكرار سيناريو حرب إسرائيل على لبنان في 2006.
وقال الخبير الإستراتيجي أنتوني كوردسمان، المحلل بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في الولايات المتحدة، إن الرد الدبلوماسي المجرد من جانب إسرائيل، والذي لا يحسن موقفها الأمني أو يقدم للفلسطينيين الأمل في المستقبل، “يساوي عدم وجود رد على الإطلاق”.
وعدّد كوردسمان، وهو خبير يهودي أمريكي بارز، ما وصفه بـ”المكاسب التكتيكية” التي أحرزتها إسرائيل في عدوانها على غزة، لكنه قال: “إن المأساة الإنسانية المتصاعدة في غزة تثير المزيد من التساؤلات الخطيرة بشأن ما إذا كانت المكاسب التكتيكية التي تبلغ عنها إسرائيل الآن تستحق المعاناة الموجودة أم لا”.
وأضاف كوردسمان، في التحليل الذي حصلت عليه وكالة أنباء أمريكا إن أرابيك: “ليس من الواضح على الإطلاق أن المكاسب التكتيكية تستحق التكلفة السياسية والإستراتيجية التي تحملتها إسرائيل، فالأخبار القادمة من داخل غزة، حتى الآن على الأقل، تشير إلى أن كل ضربة جوية إسرائيلية جديدة أو تقدم على الأرض يزيد من الدعم الشعبي لحماس والغضب ضد إسرائيل في غزة، والشيء نفسه في الضفة الغربية والعالم الإسلامي”.
وأشار الخبير الأمريكي إلى أن العدوان الإسرائيلي على غزة أدى إلى انطلاق المظاهرات المعادية للولايات المتحدة في العالم وفي مناطق بعيدة عن الصراع مثل كابول، إضافة إلى أن من وصفه بـ”أصدقاء إسرائيل” مثل تركيا ينظرون إلى حرب إسرائيل على غزة باعتبارها “غير عادلة”، كما تتعرض الحكومة المصرية لضغوط متزايدة مع كل إصابة.
وأضاف كوردسمان: “ثمة تحذير قوي يشير إلى مستوى الغضب في المنطقة يأتي من الأمير السعودي تركي الفيصل، الذي عمل سفيرا للسعودية في لندن وواشنطن، كما كان دائما صوتا رئيسيا للاعتدال”.
وأشار كوردسمان إلى أن العدوان على غزة دفع الفيصل إلى إلقاء خطاب في افتتاح منتدى الخليج في 6 يناير الجاري قال فيه: “نحن اليوم جميعا فلسطينيون ونسعى للشهادة في سبيل الله وفي سبيل فلسطين، على خطا هؤلاء الذين ماتوا في غزة”.
وعقب كوردسمان على ذلك بقوله: “لا إسرائيل ولا الولايات المتحدة يمكنها أن تربح من حرب ينتج عنها هذا القدر من رد الفعل من شخص من أكثر الأصوات حكمة واعتدالا في العالم العربي”.
وقال المحلل الأمريكي إن إسرائيل ومؤيديها يجب أن يسألوا الآن “ما هو الغرض الإستراتيجي من وراء القتال الحالي؟” مضيفا أن القادة الإسرائيليين “لم يقولوا كلمة واحدة تشير إلى أن إسرائيل سوف تربح فوائد إستراتيجية أو إستراتيجية كبرى، أو فوائد تكتيكية أكثر من المكاسب التي حصلت عليها من خلال ضرب منشآت حماس بشكل انتقائي في بداية الحرب”.
وأضاف كوردسمان: “إن صمتهم في الواقع يثير تساؤلات ملحة عما إذا كانوا سيكررون نفس الإخفاقات الهائلة التي قامت بها القيادة الإسرائيلية العليا حلال حرب إسرائيل على حزب الله في 2006”.
وتابع متسائلا: “هل تخبطت إسرائيل إلى حد ما في حرب متصاعدة تدريجيا من دون هدف إستراتيجي واضح أو على الأقل هدف يمكنها تحقيقه بمصداقية؟ وهل ستقوم إسرائيل في النهاية بتقوية عدو بالمعنى السياسي هزمته بالمعني التكتيكي؟ وهل ستؤدي أفعال إسرائيل إلى الإضرار الموقف الأمريكي في المنطقة بشكل خطير، والإضرار بأي أمل في السلام، والأصوات والأنظمة العربية المعتدلة المشاركة في العملية؟”
وأجاب كوردسمان: “إن الإجابة حتى الآن تبدو بـ’نعم‘… فإذا كانت إسرائيل لديها خطة موثوقة لوقف إطلاق النار فهي غير واضحة، وإذا كانت لديها خطة لتدمير حماس وإسقاطها فهي غير واضحة…”