يتكوّن شبه اجماع عند المحللين السياسيين والعسكريين الاسرائيليين بضرورة وقف الحرب على غزة والاكتفاء بما حصل حتى الان والسماح للدبلوماسيين بحصاد النتائج. ومع البحث عن نهاية الحرب، ترغب هيئة اركان جيش الاحتلال، وعلى رأسهم وزير الجيش ايهود باراك في تصوير مشهد “سينمائي” مغامر ينهي من خلاله الحرب بدل الانسحاب الكلاسيكي للجيوش . ولم يعقب اي جنرال اسرائيلي على تحليلات او تعقيبات العمداء والعقداء العرب الذين يتابعون المعارك عبر شاشات الفضائيات العربية، بل ان اي تصريح اسرائيلي لم يصدر حول ما يذكره العسكريون العرب ، وفي احدى الندوات الساخنة في التلفزيون الاسرائيلي قال جنرال كبير (ان العرب ومعظم الجمهور الاسرائيلي لا يعرفون بعد ما معنى المرحلة الثالثة من الحرب ، فهم يعتقدون ان المرحلة الثالثة هي دخول الجيش في مناطق الكثافة السكانية مثل المخيمات وبالتأكيد اسرائيل لا تفكر بذلك لان غزة قادرة على ابتلاع لوائين من الجيش بكل سهولة ، وانا لا اريد ان اوضح ما هي المرحلة الثالثة لكن ساقول انها مختلفة عما يفكر به المتحدثون وسيكون من خلالها الجيش قادر على الرماية الطويلة دون الحاجة للدخول في مناطق الازدحام السكاني بالقطاع).
وحين سؤل الجنرال الاسرائيلي ما هي المرحلة الرابعة اجاب: ان هناك قادة كبار في الجيش الاسرائيلي لم يجر اطلاعهم على ماهية المرحلة الرابعة وهي سر عسكري لا يجري الافصاح عنه لكنها مرحلة مختلفة وتعتمد على تدريبات مكثفة خضع لها الجيش منذ سنتين. على حد قوله.
المحللون الاسرائيليون جاهروا بالافصاح عن قناعتهم بضرورة توقف العملية العسكرية عند هذا الحد، وطالبوا اولمرت ( الذي لن يرشح نفسه للانتخابات القادمة ولا يهمه رأي الجمهور مثل المرشحين الاخرين ) بالاكتفاء بقتل 400 مقاتل من حماس وتدمير منازلهم ومقارهم. الا ان مقربين من اولمرت همسوا للصحافيين الاسرائيليين ” ان الامور دخلت الان مرحلة الحرب النفسية واللعب على عامل الوقت فعامل الوقت هو المهم الان”.
وفي التلفزيون الاسرائيلي أيّد المحلل العسكري الوف بن و المحلل العسكري روني دانييل والمحلل السياسي امنون ابراموفيتش والمحلل السياسي اودي سيجل وغيرهم كثيرون ان الحرب يجب ان تتوقف الى هذا الحد والا فان على اسرائيل ان تعيد احتلال واجتياح قطاع غزة بالكامل .
اسرة تحرير صحيفة هارتس كتبت اليوم تدعو الحكومة الاسرائيلية لوقف العملية فورا فقالت ( ان الخلافات في الرأي داخل الكابينيت الاسرائيلي مسموحة بل وصحية ، فالتاريخ يعلمنا اننا وكلما انتظرنا اكثر ننغرس في وحل غزة اكثر مثلما جرى في لبنان ، وستكون فرصة تحقيق انجازات عسكرية نوعية مجرد احتمال نادر ) .
وقالت هارتس : ان باراك طالب بالبدء بالمرحلة الثالثة ولكن الكابينيت رفض واكتفى بمواصلة المعارك كما هي وبمستواها الحالي وان الخبر السئ هو ان باراك وليفني واولمرت غير متفقون حتى الان على شكل انهاء او مواصلة الحرب.
ومهما يكن الامر، ان الحيرة والتخبط التي يظهرها العمداء المتقاعدون في الجيوش العربية والذين يظهرون كل ساعة على الشاشة لتحليل الحرب ، هي نفس الحيرة التي يشعر بها كبار المحللين الاسرائيليين في حرب ادق ما يقال عنها “انها حرب المعلومة والاستخبارات ” وليست حرب الجيوش والمعارك التي شاهدناها من قبل ومن يعرف اكثر وبسرعة اكبر ينتصر اسرع وينزل الخسائر الاكبر بالطرف الاخر”.