الصحف البريطانية لا تزال تكرس مساحات كبيرة على صفحاتها للعملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، والملفت للانتباه انها كلها تقريبا، وعلى اختلاف اتجاهاتها السياسية توجه انتقادات لإسرائيل تتراوح حدته من صحيفة لأخرى.
“ثمن حمام الدم”
في صحيفة الجارديان نطالع مقالا بعنوان ” إسرائيل والغرب سيدفعون ثمن حمام الدم في غزة” كتبه سيوماس ميلن.
يناقش ميلن خطة وقف إطلاق النار الفرنسية-المصرية، والتي أعلنت إسرائيل قبولها مبدئيا.
يقول ميلن أن إسرائيل لو وافقت على الخطة بحذافيرها فسيكون هذا هزيمة لها، لأنها كان بإمكانها الحصول على شروطها دون حاجة إلى هذه الحرب، وستخسر ليفني وباراك المكاسب الإنتخابية التي حصلا عليها من هذه الحرب.
لذلك، يرجح الكاتب أن تفرض إسرائيل شروطا مستحيلة، ثم تلوم حماس بسبب عدم قبولها ومن ثم تشدد حملتها العسكرية.
أما إذا استطاع قادة إسرائيل أن يعلنوا النصر الذي فشلوا في تحقيقه في لبنان، يقول الكاتب، فمن الصعب تصور أن يغادروا ويتركوا قوة حماس ونفوذها كما هو، إن لم يكن أقوى، فعلى الأقل يريدون أن يعتقلوا أو يصفوا كبار قادة حماس.
ويستعرض الكاتب صعوبة تحقيق ذلك، ثم يستنتج أنه مهما كان خيارهم فإن هذه الحرب قد سحبت البساط من تحت أقدام الاسرائيليين والزعماء الغربيين في المنطقة.
ويختم الكاتب مقاله بالقول ان هناك حاجة لممارسة ضغوط ليس فقط على إسرائيل بل على الحكومات التي تدعمها ومنها الحكومة البريطانية، ولذلك فان الدعوة التي وجهها زعيم حزب الليبراليين الديموقراطيين نيك كليج بوقف تصدير الاسلحة الى إسرائيل وتجميد اتفاقية التعاون بينها وبين الاتحاد الأوروبي تكتسب أهمية خاصة.
ويقول الكاتب ان وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند وصف دعوة كليج بالسذاجة، ولكن السذاجة هي تخيل أن بإمكان الغرب الإستمرار في الموافقة على الظلم وحمام الدم االفلسطيني الذي تقترفه إسرائيل بدون أن يدفع ثمنا لذلك.
“لا يمكن تجاهل حماس”
أما افتتاحية الفاينانشال تايمز فتحمل عنوان “الدبلوماسية يجب أن تتضمن حماس”.
يشبه كاتب الافتتاحية قصف مدارس وكالة الغوث في غزة بقتل المدنيين في قانا اللبنانية، ويقول ان ما حصل في قانا جعل العالم يضغط على إسرائيل لتوقف هجومها.
ويقول الكاتب انه بالرغم من التعتيم الإعلامي الذي فرضته إسرائيل على ما يجري في غزة فإن الصور المرعبة قد وصلت الى العالم من هناك، وعرف العالم ان بين 700 ضحية فلسطينية هناك حوالي 220 طفلا.
ويقول الكاتب إن أي أي حل لهذا النزاع يجب أن يأخذ حماس بالاعتبار، وهي التي كانت هدف هذه الحرب، وذلك على إساس اعترافها بإسرائيل في حال قيام دولة فلسطينية في الضفة والقطاع، وكذلك امتناعها عن قصف المدنيين.
تزايد اعداد الق
تلى المدنيين ادى الى تسارع الجهود للتوصل لهدنة
تلى المدنيين ادى الى تسارع الجهود للتوصل لهدنة
أما إسرائيل فعليها التحلي بضبط النفس، يقول الكاتب، فالحل العسكري يمكن فهمه لو كان هناك كيان عسكري حقيقي على الناحية الأخرى، ان القيام بعملية عسكرية في مناطق مكتظة بالسكان وحيث معظم الضحايا سيكونون من المدنيين هو رد غير متناسب.
وعودة إلى صحيفة الجارديان، حيث نجد تقريرا بعنوان “مسلمو بريطانيا يحذرون براون من أن النزاع في غزة يؤجج الغضب في بريطانيا”.
يتحدث التقرير عن رسالة وجهها ممثلون عن منظمات إسلامية في بريطانية الى رئيس الوزراء جوردون براون تحذره فيها من أن مشاعر الغضب في أوساط المسلمين البريطانيين بسبب النزاع في غزة وصلت حدا ينذر بزيادة نفوذ المتطرفين.
وتطالب الرسالة الحكومة البريطانية بأن تبتعد عن نهج إدارة بوش ومحاولة إقناعها بالمخاطر التي ينطوي عليها ذلك النهج.
“ما جدوى الإهتمام ؟”
أما في صحيفة التايمز فيطرح ماثيو باريس سؤالا يبدو غريبا في وقت تتجه أنظار العالم الى ما يجري في غزة. هو يقول: هل اهتمام العالم بما يجري بين الإسرائيليين والفلسطينيين، هذا الجيش من المحللين والصحفيين واللجان الثنائية والثلاثية والرباعية، هل كان له جدوى ؟ وماذا سيحدث لو قررت الإشاحة بنظري؟ هذا ما سأفعله بالضبط، يقول الكاتب.
“إنسانيتنا في غزة”
وفي صحيفة الديلي تلجراف كتبت ميري ريديل مقالا بعنوان :”إنسانيتنا فشلت في غزة”.
تناقش ميري في مقالها ظاهرة تقول إنها نتيجة للنظة التي كرستها إدارة بوش حول وجود طرفين في هذا العالم: أحدهما يمثل الخير المطلق والآخر يمثل الشر المطلق، وأنه يكفي أن يعتقد بعض المشاهدين أن هؤلاء الأطفال المضرجين بالدماء لا ينتمون الى معسكر “الخير المطلق” حتى يصبح مصيرهم غير ذي صلة.
يوميات غزة
وفي صحيفة الاندبندنت يكتب فارس أكرم يومياته عن الحياة في غزة إبان العملية العسكرية الإسرائيلية.
في عدد اليوم من الصحيفة يتحدث أكرم عن الساعات المحدودة التي توقفت فيها العملية الإسرائيلية، وكيف حاول السكان استغلالها.
يصف الكاتب أزمة الخبز والطوابير الطويلة التي تصطف أمام الأفران، وأسواق الخضار شبه الخاوية بسبب صعوبة وصولها من منطقة إلى أخرى داخل القطاع الذي قطعت القوات الإسرائيلية أوصاله.
يقول أكرم ان هذه الهدنة القصيرة تتيح لسكان غزة الفرصة للتنفس قليلا، ويأملون بتكرارها، ولكنها تذكرهم بأيام الإحتلال الإسرائيلي ومنع التجوال الذي كان يرفع لساعات محدودة.