لم يكن تصريح الرئيس الأمريكي المنتخب “باراك أوباما” حول العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ يوم 27-12-2008 مجرد كلمات مقتضبة فقط عبر بها عن قلقه لمقتل مدنيين من الجانبين، وأن لديه الكثير ليقوله عقب توليه الرئاسة يوم 20-1-2009، بل كانت بمثابة “كارت أصفر” ، أو جرس إنذار لتل أبيب، حسبما رأى مراقب إسرائيلي.
ومنذ بدء العدوان التزم أوباما الصمت، لكنه خرج مساء أمس الثلاثاء عن صمته قليلا عقب استشهاد 45 فلسطينيا، بينهم أطفال، في قصف مدفعي إسرائيلي لمدرسة الفاخورة، التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في مخيم جباليا للاجئين.
فعقب هذه المذبحة قال الرئيس الأمريكي المنتخب: إن “خسارة أرواح مدنيين في غزة وفي إسرائيل محل قلق شديد بالنسبة لي”.
غير أنه أكد التزامه بعدم التعليق ما دامت لم تنته رسميا ولاية الرئيس الأمريكي الحالي “جورج بوش”، مضيفا أن لديه الكثير ليقوله بعد توليه الرئاسة رسميا بعد أقل من أسبوعين.
وكان صمت أوباما أثار، بحسب محللين إسرائيليين، قلق قادة إسرائيل الذين كانوا يتوقعون منه أن يبادر بالإعراب عن تفهمه للعمليات العسكرية الإسرائيلية كعادة الرؤساء الأمريكيين.
وحتى الآن قتلت آلة الحرب الإسرائيلية أكثر من 686 شهيدا، بينهم ما لا يقل عن مائتي طفل، ووقوع أزيد من 3075 جريحا.
جرس إنذار
تصريحات أوباما السابقة قال معلق الشئون السياسية بصحيفة “هاآرتس” الإسرائيلية، ألوف بن: إنها كانت في قلب مباحثات الحكومة الإسرائيلية المصغرة للشئون الأمنية والسياسية اليوم الأربعاء، وإن البعض داخل الحكومة اعتبرها “كارت أصفر”، أو جرس إنذار لتل أبيب.
وأضاف “ألوف بن” أن “توقيت تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب بعد قصف المدرسة في جباليا يشير إلى الاتجاه الذي ستسير فيه الولايات المتحدة بقيادة أوباما”.
وأوضح أن “واشنطن ستؤيد إسرائيل، لكنها ستعارض قتل المدنيين الفلسطينيين؛ مما يعني أنه سيكون من الصعب عليها إغلاق المعابر مع الجانب الفلسطيني، وفرض حصار خانق على غزة”، كما هو الحال السائد منذ أن سيطرت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على غزة في يونيو 2007.
ورأى المعلق الإسرائيلي أن “العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة لن يتلقاها الجانب الأمريكي مستقبلا بنفس القدر من التفهم الذي تبديه إدارة بوش”، مدللا على ذلك بتصريحات سابقة لأوباما قال فيها إنه سيبذل قصارى جهده لدفع مسيرة التسوية السياسية بين إسرائيل والعرب.
ويذهب مراقبون إلى أن إسرائيل فضلت شن الحرب على غزة قبل انتهاء ولاية بوش؛ لأنها لا يمكنها التكهن بالسياسة التي سينتهجها أوباما في الشرق الأوسط.
وختم ألوف بن بأن مسئولين كبارا بالحكومة الإسرائيلية أكدوا أن نهاية الحرب في غزة لم يبق أمامها سوى فترة وجيزة، ما بين يومين وأربعة أيام، ليس أكثر من ذلك؛ بسبب الضغوط الدولية، وقرب استلام أوباما مهام منصبه في العشرين من يناير الجاري.