اهتمت الصحف الامريكية بالموقف الاسرائيلي المتشدد الرافض لوقف اطلاق النار، والمأساة الانسانية التي عوقت عمليات الانقاذ بسبب شطر غزة لقسمين. وركزت ‘واشنطن بوست’ على مناقشة اثار هذا الوضع الذي شل الخدمات الصحية، الا ان مواقف سكان الضفة كانت من ضمن اهتمامات ‘نيويورك تايمز’، اذ تحدثت عن مظاهرة للتعاطف مع اهل غزة في نابلس لم تتجاوز المئة، وعلقت ان قلة العدد لا يشير لقلة اهتمام ولكن بسبب الخلافات الداخلية الفلسطينية ـ الفلسطينية.
ففي الوقت الذي يرغب فيه الكثيرون برؤية انتقاد شديد لاسرائيل من محمود عباس، رئيس السلطة الوطنية، فان ‘فتح’ منافسة ‘حماس’ قلقة من التعاطف الشديد معها لدرجة انها قامت بالتضييق على المتظاهرين. واضافت ان هناك عاملا آخر في قلة الاهتمام له علاقة بالتعب.
فغزة هي جولة جديدة من الحرب ولا توجد اي ادلة على انتفاضة ثالثة في الضفة بعد نداءات مشعل. ونقلت عن مواطن قوله ان السكان متعبون وفقراء، متعبون من خلافات فتح وحماس، ومتعبون وهم يلاحقون لقمة الخبز.
وفي لقاءات قامت بها الصحيفة لاحظت غضبا عارما من العنف وحزنا على الضحايا، وقالوا ان شعبية حماس ستزيد مع تطور الأزمة وعبروا عن غضبهم من تصرفات الاجهزة الامنية التابعة لعباس ورجله، رئيس حكومة تصريف الاعمال سلام فياض التي قمعت المظاهرات ومنعت اعلام حماس.
ولاول مرة استخدمت الشرطة الفلسطينية الغاز المسيل للدموع ضد متظاهرين فلسطينيين. ونقلت عن محام فلسطيني قوله ان السلطة تمنع الناس من الخروج للشوارع، واتهمها بانها تحاول ترويج وجهة نظرها المتناسقة مع اسرائيل وامريكا حول تدمير حماس. ونقلت عن محلل استطلاعات قوله ان العنف في غزة قد يؤدي الى تدمير ما تم تحقيقه من الاستقرار، وفي حالة تحقيق حماس ما يشبه الانتصار فالضفة الغربية لن تكون بمعزل عن المشاكل حيث ستستعيد حماس شعبيتها هنا والتي خسرتها بعد سيطرتها على غزة عام 2007.
وفي الوقت الذي لا يلوم فيه الناس هنا في الضفة حماس قدر لومهم ابو مازن الذي يحملها المسؤولية فان الاوضاع السياسية رهن نتائج العملية من يخسر ومن يفوز. ومن هنا يفرق مواطنون بين السلطة الوطنية والشعب وانهما عالمان مختلفان. ونظرا للخلاف بين حماس وفتح فان بعض الناس يقولون انه من الافضل البقاء على الحياد ومع ذلك يخافون من ان يجدوا انفسهم في اليوم التالي في السجن.
ما بعد غزة وخيارات اوباما
وفي تحليل آخر لصحيفة ‘كريستيان ساينس مونيتور’ تساءلت فيه عما بعد غزة. وقالت ان صواريخ حماس ورد اسرائيل العنيف قد يكونان فرصة لادارة الرئيس المنتخب باراك اوباما كي تقوم بالضغط على الطرفين، الفلسطيني والاسرائيلي لتقديم تنازلات. ولكنها قالت انه في حالة انتهاز الفرصة فانه يمكن الامل بسلام دائم مما سيعبد الطريق امام نجاح كبير في مجال السياسة الخارجية.
وان لم يحدث هذا فسيكون اوباما قد ضيع فرصة ذهبية لمنع المنطقة من الانحدار نحو هاوية العنف، الذي ستكون له القدرة على زعزعة استقرار النظام الدولي. وقالت انه ايا كانت نتائج العملية الانتقامية على حماس سياسيا فانها لن تنفع كثيرا لاهل غزة امام الدمار الذي مورس عليهم في منطقة تعتبر الافقر في العالم. ولكن العملية لها اثار اخرى غير متوقعة على اسرائيل التي استخدمت قوتها كما فعلت في الحرب الفاشلة في لبنان عام 2006.
وامام حماس فستظل اسرائيل في مواجهة مع حزب الله الذي اعاد تنظيم نفسه وتعزيز ترسانته العسكرية ويملك الان اكثر من 30 الف صاروخ كاتيوشا اكثر مما كان لديه قبل الحرب عام 2006. واشارت الى التحديات الديموغرافية من ناحية العدد السكاني التي ستعقد خيارات اسرائيل من ان تبقى دولة يهودية وديمقراطية في نفس الوقت.
واشارت الى ان الحقد والكراهية والشك متجذرة بين الطرفين مما يجعل من الصعوبة بمكان امام اوباما تحقيق تقدم لتردد الطرفين، كما ان اوباما سيواجه لوبي قويا مؤثرا مدعوما من الكونغرس يحمي عادة اسرائيل مما سيؤدي بأوباما للبحث عن خيارات ترضي الطرفين والتقدم بالعملية للامام.