محمد المرهون
لا زالت نفس العقلية التي عاشتها الحكومة السعودي في العقود الماضية تعيشها الآن، لا فرق إلا في أرقام الزمن، فهناك رقم (1400هـ) وما قبلها وهنا رقم (1430هـ) وما بعدها أت.
غيرت تحديدها لانتماء الناس من (الشعب السعودي) إلى (المواطنين السعوديين) وبقت كلمة (السعودية) هي الحاكمة على عقليتها العنصرية والأحادية، فسيطرة على منظومتها الأيدلوجية وحدوية قبلية، فظنت الشعب قطيع يرعاها مالكها في المكان والزمن الذي يريد دون أن يمتلك هذا القطيع أي إرادة، وظنته أنه لا يدرك أي مصير يسوقها راعيها، أللموت أم للحظيرة التي أخرجهم منها!.
وإذا بهذا الراعي يتفاجئ أن القطيع ليس من الأغنام وإنما من بشر ذوي إحساس وشعور، ولديه حرية وثابة، وتكمن فيه انتفاضة مكبوتة، خرجت في اعتصامات تضامناً مع شعب جريح، أو خرج ليعبر عن مدى القهر والظلم الذي لف أجوائه منذ زمن طويل.
هكذا هو حال ما سمي في هذا الزمن الذي تضحك منه الأم الثكلى بـ(المواطن)، حتى غدا الشهيد الذي ضرجت دماءه زنازينهم أو أرض(الوطن!) في زمن البحث عن الحقوق المصادرة والحريات الضائعة، أو من يعيش تحت خط الفقر في بيوت من صفيح، أو من قُمع أو سجن لتعبيره عن رأيه ولو لكلمة تفوهها في فضائية أو مقالة في مجلة أو جريدة، غدوا أولئك كلهم (مواطنين!).
أن تعيش في أرضهم فأنت إذن (مواطنهم)، وإن أنزلوا فيك العقوبات، وطوقوا حريتك، وصادروا حقوقك، فلهم الحق كله والملك كله.
متى يعي هذا النظام أن الشعب المقهور يعيش في زمن الانفتاح، وهم يرون شعوب الأرض تخرج المسيرات والمظاهرات وتعبر عن آراءها حتى في حكوماتها، فضلاً عن أن تعبر عن تضامنها مع شعب مقهور آخر.
متى يعي النظام أن الظلم لا يُبقي لها الاستقرار أبداً ولا الأمن، أفلم تستهدف بعض الفئات الإرهابية مصالحهم لأنهم في موطنهم مخنوقين لا يستطيعون أن يعبروا عن آرائهم، ولو عبروا لما انحرف بعضهم عن جادة الصواب، وكذلك هي أي منطقة أو جهة عندما لا ترى من النظام أي مبادرة حسن نية في إعادة الحق لهم أو تسمح لهم أن يعبروا عن الشعور المكبوت في داخلهم الفردي والجمعي، وهو أبسط حق لهم، فإنهم ولا شك سيقفون منها موقفاً سلبياً.
أفلا يستحي النظام من التقارير التي تصدر من آونة لأخرى من منظمات دولية تكشف عن مقدار الانتهاكات الإنسانية التي يصرون على ممارستها في خفاء من المراقبة المباشرة أو بسكوت من الدول العظمى وبتغطية منها.
وكأن إنسان هذه الدولة (الوطن!) يعيش زمن الاسترقاق والعبيد، يسوسه سيده دون أدنى معارضة.
فيا سبحان الله يعتقدون أنهم الوطن كله، ويخرس كل مواطن.
متى ينجلي صبح الوعي فيفيقوا من غفلتهم؟!