د . محمد الإدريسي
ما يطلبه منا حكام الامه ومغتصبي قرارها ، يستعصي على فهم المواطن العربي المسلم الذي يعرف ما يقول ، أعلنه وأصر عليه بإجماع ، يذكّر الناسين أو من جعلهم الشيطان يتناسوا ، أن الثقافة النابعة من عقيدة الإسلام خيار مجمع على اعتناقها بإدراك ووعي ، شكلت حصنا منيعا تمترست وراءه هوية المواطن العربي المسلم ، عصية على الاختراق ، آمنة من كل محاولات التزوير ، بكتاب تعهد الخالق بحفظه ، وميزه بلسان عربي مبين يختلف عن كل لغة سواه ، فاللسان العربي ليس وسيلة تعبير فقط ، ولكنه أسلوب تفاهم أولا ، محدد البيان، محرر من أهواء المؤسسات ، مألوف على السنة الناس حي في ضمائرهم ، ينظم علاقاتهم بقواعد شرعية متفق على مرجعيتها بالإجماع .
إن محاولة استبدال ذلك اللسان بمصطلحات أخرى وضعية دنيوية ، لا يعرفون لها شريعة في واقعهم ، مثل مخاطبتهم بلغة أجنبية لا يفهمونها ، وحتى يتمكن الحكام من إفهامنا ، أو تفهيمنا ، لابد من أحد أمرين ، إما استبدال الشعب العربي المسلم بشعب أخر يتكلم العربية بمصطلحات الإدارة ، وهذا مستحيل ، أو إقناع الشعب بتغيير لسانه (( بمفهوم أوضح تغيير دينه ومفاهيمه وهويته )) ، وهذا يحتاج إلى دهر من الزمن غير مؤكد النتائج ، جربها أتاتورك على مسلمي تركيا ولم تنجح تجربته حتى يومنا هذا ؟ ! .
قد ينطق صاحب عقل رشيد قائلا لماذا لا يلتزم الحكام بإرادة الأمة ؟ ! . فتكون الإجابة بالإجماع نعم هذا هو الحل … ولكنه أمر يحتاج إلى تغيير طريقة وصول الحكام لولاية الأمر ، ليتفق ومنهج شريعة الأمة ، وهذا لن يكون إلا بإرادة الحكام المشكوك في قدرتهم على الاهتداء للصراط المستقيم ، أو بفعل الجماهير الرافضة لواقع مذل ، فرض عليها ، وهو الأقرب وإن طال الزمن ، أمّا الوضع الإداري القائم حاليا ، المذبذب بين إدارة تحكم دون شريعة ، وشريعة حية في ضمير أفراد الأمة لاوجود لإدارة تعبر عنها ، وتلتزم بشرعيتها أمر يستحيل استمراره .
من هذا الواقع كانت نتائج مؤتمر وزراء خارجية حكام الوطن العربي الطارئ الذي عقد بالقاهرة بعد تردد ، والتي لا اعتقد أنها حادت عما هو متوقع منها ، فهي منطقية إلى ابعد الحدود ، ومن توقع غيرها عليه إعادة النظر في فهمه للنظام الإداري العربي ، الذي ابتعد عن قواعد الشريعة الإسلامية منذ انتهاء عصر الخلفاء الراشدين .
ومنطقية ما صدر عن مؤتمر وزراء خارجية الحكام العرب ، يبرره انه لم يكن أمامهم خيار أخر يقدرون عليه ، يتفق ومصالحهم ومفاهيمهم ، فإما خيار أجمعت عليه الأمة وهو المواجهة والمقاومة ، وآخر تريده الصهيونية العالمية في أمريكا وتوابعها في فلسطين والمنطقة ، وهو القضاء على المقاومة أو محاصرتها وتدجينها ، حتى وان ناقضت كلماتهم التي حاولوا بها تخدير المواطنين ودغدغة عواطفهم . أما أفعالهم وتوجهاتهم ، ((قل للمواطنين ما يريدون سماعه وافعل ما تريده أمريكا)).
يتجاذب الواقع العربي الإسلامي خياران متضادّان ، اختيار أحدهما يلزم مواجهة الخيار الآخر ، فاختار الحكام مواجهة المواطن القادرين على قمعه بعتاد وعدّة ، احتاطوا لها منذ اغتصابهم الحكم نفسه ، واثقين من أن مريدي القرار الآخر سيساعدونهم حتى آخر مواطن عربي مسلم ، في تنفيذ مهمتهم المكلفين بها ، وستكون النتيجة التي يريدونها انسحاب الإسلام من المنطقة لمصلحة الصهيونية بمفهومها وشكلها الجديد ، بشقيها الصليبي والصهيوني ، المتجسد في الشرق الأوسط الجديد بقيادة تركيا وعضوية آل سعود وآل مبارك بعد أن فشل كل منهما في استرضاء سادتهم في تولي القيادة ، فرضيا بتبعية العضوية وهما صاغران ، الأمر الذي سترفضه الجماهير دون أدنى شك ، بعد أن اتضحت الرؤية أمام الجميع ، وما يحدث الآن هو السكون الذي يسبق العاصفة، والإعداد لفعل جماهيري تكون أول مهامه اجتياح كل العوائق التي تحول دون مواجهة العدو، والوصول إلى أماكن تواجده دفاعا عن العقيدة والمقدسات والوجود نفسه ، وهذا لن يكون بجنود يدافعون عن العروش ويأتمرون بأمر مغتصبيها ، بل إن عناصره ستكون من المجاهدين في سبيل الله ، الذي يحتوى على الجهاد في سبيل الحق والديمقراطية والشورى والعدل والسلام والوجود الآمن بكل مضامينه ومظاهره ، وأهمها أن تكون الإدارة ملتزمة بمصطلحات شريعة الأمة شكلا ومضمونا ، فلن يطاع حينذاك إلا من ولّتهم الأمة تنفيذ أمرها المستمد من قواعد شريعتها المؤيدة بنصر القدرة التي تعهدت بنصره ، إنه نصر الله الذي جلت قدرته ، وليست قدرة أمريكا .
قد يتساءل البعض متى هذا الوعد .. أقول لقد بدا بحجر يقذفه طفل مزمجرا الله اكبر ، وأول الغيث قطره ، وأول المشوار خطوة ستتوالى الخطوات ، بعد حزب الله وح
ماس والجهاد ، ستكون الأمة بكل قوتها ، وستدخل أسلحة أخرى غير الحجر للميدان … ليس الحكام وحدهم مجبورين على خيارهم .. الجماهير كذلك أجبرت على المواجهة …. مواجهة العدو دفاعا عن وجودها ، ومواجهة من يحول بينهم وبين مواجهته ، بل إنهم وجهوا فوهات أسلحتهم وجهة فوهات أسلحة العدو ، فاتفقت الوجهتان على هدف واحد وجود الأمة ومصالح أفرادها ، اتضحت الأمور ….. وتحددت المواقع … والمعركة قادمة لا محالة وما النصر إلا من عند الله وان غدا لناضره لقريب .
ماس والجهاد ، ستكون الأمة بكل قوتها ، وستدخل أسلحة أخرى غير الحجر للميدان … ليس الحكام وحدهم مجبورين على خيارهم .. الجماهير كذلك أجبرت على المواجهة …. مواجهة العدو دفاعا عن وجودها ، ومواجهة من يحول بينهم وبين مواجهته ، بل إنهم وجهوا فوهات أسلحتهم وجهة فوهات أسلحة العدو ، فاتفقت الوجهتان على هدف واحد وجود الأمة ومصالح أفرادها ، اتضحت الأمور ….. وتحددت المواقع … والمعركة قادمة لا محالة وما النصر إلا من عند الله وان غدا لناضره لقريب .
د . محمد الإدريسي
عسير