في الوقت الذي يعاني فيه النظام الصحي في قطاع غزة الانهيار بسبب الحصار القاسي المفروض منذ ما يزيد على سنة، تخشى كثير من المنظمات الإنسانية الدولية “موتاً وشيكاً” للنظام الصحي، بسبب عدم قدرة المستشفيات على التعامل مع العدد الهائل من القتلى والجرحى الذين يسقطون جراء الهجمات العسكرية الإسرائيلية، والنقص الشامل والفادح في المستلزمات الطبية، وانقطاع الكهرباء.
وقالت منظمات الإغاثة، إن مستشفيات قطاع غزة تستقبل أعداداً كبيرة من المصابين، تفوق قدرتها على التعامل معها، وفقاً لشبكة “إيرين” التابعة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وفضلاً عن أن “أسرّة المستشفيات الـ 2053 لا تكفي لاستيعاب الجرحى،” وفقاً لعائد ياغي من جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية، فإن الطواقم الطبية التي تعاني أصلاً من عجز في أعدادها، تعمل على مدار الساعة منذ أحد عشر يوماً، الأمر الذي أصابها بالإنهاك والاستنزاف.
وقد شكت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف من أنها لم تستطع إدخال الفريق الطبي التابع لها إلى غزة، بعد أن قامت إسرائيل بإغلاق معبر إيريز.
وكان الفريق الطبي يحاول دخول القطاع منذ الأسبوع الماضي قبل أن تبدأ العملية البرية الإسرائيلية، ولكن لم يسمح له بذلك.
ورغم أن مستشفى الشفاء بمدينة غزة يعد أكبر مستشفيات القطاع، ويتحمل العبء الأعظم لعلاج المصابين والجرحى، فإن المستشفى غير مجهز لاستقبال مئات الجرحى في اليوم، ولكثرة القتلى، فإن المشرحة الموجودة فيه فاضت بالجثث، لدرجة أنها “أصبحت تتراكم على أبواب المستشفى،” حسب “إيرين”.
ومن جهة أخرى، أكدت المصادر الطبية في قطاع غزة، أنه رغم المساعدات الطبية التي وصلت القطاع عبر معبر رفح، منذ بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية، إلا أنها (المساعدات) “لا تكفي لسد الفجوة،” وخصوصاً أن النظام الصحي في القطاع كان يعاني من الانهيار قبل ذلك.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف، إن القطاع بحاجة ماسة إلى الإمدادات الطبية، مثل وحدات الدم والمضادات الحيوية والأدوية والمستلزمات الطبية، مثل المخدر والضمادات وأنابيب الفحص وملاقط الجراحة وأجهزة التنفس وأنظمة الإنعاش والقفازات وأكياس الجثث، وغيرها.
رئيس قسم التعاون الدولي في وزارة الصحة بغزة، مدحت سالم، قال: “يستخدم طاقم المستشفى (الشفاء) أغطية الأسرّة لوقف النزيف، وقد توفي العديد من المرضى بسبب نقص الإمدادات والمعدات الطبية.”
ومما زاد الوضع الصحي سوءاً، انقطاع الكهرباء عن مدينة غزة بالكامل، وعن معظم مناطق القطاع. فالكهرباء مقطوعة كلياً منذ نحو أربعة أيام عن مستشفى الشفاء.
وذكرت مصادر المستشفى أن مخزون الوقود الذي يشغل المولدات الكهربائية في المستشفى، سينفد في نهاية الأسبوع الجاري، مضيفة أن المولدات نفسها لا تعمل بكفاءة عالية بسبب الحمل الزائد عليها، الأمر الذي قد يؤدي إلى تعطلها.
ويشار إلى أن قطاع غزة يضم، بالإضافة إلى مستشفى الشفاء، ستة أخرى هي: مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع، ومستشفى ناصر في خانيونس، ومستشفى النصر للأطفال بمدينة غزة، ومستشفى شهداء الأقصى بدير البلح، ومستشفى غزة الأوروبي في خانيونس.
وكانت منظمة “غيشا” غير الحكومية الإسرائيلية، قد قالت إن أنظمة الكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحي على وشك الانهيار الكامل في قطاع غزة، مشيرة إلى أن نصف مليون من أهالي مدينة غزة بلا مياه، وأن معظم مناطق القطاع محرومة من الكهرباء.