اكد مسؤولون اردنيون الثلاثاء ان شبح ضم جزء من اراضي الضفة الغربية للاردن، الذي تخشاه المملكة، بدأ يلوح مجددا في الافق في الوقت الذي تواصل فيه اسرائيل عدوانها على قطاع غزة. واثر بدء العمليات البرية الاسرائيلية على غزة حذرت المملكة الأردنية التي يشكل الاردنيون من اصل فسطيني 50 بالمئة من سكانها البالغ عددهم ستة ملايين نسمة، من امكانية تلاشي آمال احلال السلام في المنطقة.
وكثف العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني الذي تربط بلاده معاهدة سلام مع اسرائيل منذ عام 1994 اتصالاته وتصريحاته التي تعبر عن “غضبه” مما يجري، محذرا من “تبعات العدوان على المنطقة برمتها وعلى الجهود التي تهدف الى الوصول الى سلام دائم على اساس حل الدولتين والذي اجمع العالم على انه الطريق الوحيد لتحقيق الامن والاستقرار في المنطقة”.
وحاولت الحكومة الاردنية من جانبها ان تتناغم مع الشارع الاردني الغاضب ما دفع برئيس الوزراء نادر الذهبي الى الاعلان امام مجلس النواب الاحد ان “الاردن يحتفظ بحق اعادة النظر في علاقاته مع اي دولة، خصوصا اسرائيل، من منطلق المصلحة الوطنية العليا”، مؤكدا ان بلاده “لن تسكت عما يجري في غزة”.
من جانبهم، اكد مسؤولون اردنيون ردا على اسئلة لوكالة فرانس برس ان العملية العسكرية الاسرائيلية في غزة “يمكنها ان تلغي خيار حل الدولتين” الاسرائيلية والفلسطينية.
واكد احد هؤلاء المسؤولين والذي فضل عدم الكشف عن اسمه “في هذا الاطار فأن شبح ضم جزء من اراضي الضفة الغربية الى الاردن مع مخاطر ان تصبح المملكة وطنا بديلا للفلسطينيين بدأت تلوح في الافق من جديد”.
ومنذ بدء الهجوم العسكري الاسرائيلي الواسع على قطاع غزة في 27 كانون الاول/ديسمبر قتل ما لا يقل عن 582 فلسطينيا من بينهم 159 طفلا و62 سيدة، بحسب اجهزة الطوارىء الفلسطينية.
وقال مسؤول آخر ان “العمليات العسكرية ضد +دولة حماس+ ممكن ان تخلق فراغا في غزة التي قد تؤدي حينها الى عملية ضمها الى مصر”.
واضاف ان “هذا السيناريو سيفتح الطريق امام عملية ضم جزء من اراضي الضفة الغربية، التي كانت تابعة للمملكة حتى احتلالها من قبل اسرائيل في عام 1967، الى الاردن”، مشيرا الى ان هذا السيناريو “تروج له مجموعات سياسية اسرائيلية واميركية تعارض قيام دولة فلسطينية مستقلة”.
ورأى السفير الاميركي السابق لدى الامم المتحدة جون بولتون الاثنين في مقال في صحيفة “واشنطن بوست” ان “حل النزاع العربي الاسرائيلي بناء على حل الدولتين اصبح غير قابل للتطبيق”.
وقال “عوضا عن ذلك ينبغي التفكير في مقاربة على اساس +ثلاث دول+ توضع بموجبها غزة مجددا تحت سيطرة مصر فيما تعود الضفة الغربية وفق صيغة معينة تحت السيادة الاردنية”.
وفشلت ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش التي لطالما تحدثت عن “اتفاق حول مبادىء أسس من اجل قيام دولة فلسطينية” في احراز اي تقدم في مفاوضات السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين.
ومنذ صيف عام 2008، ظهرت مختلف انواع السيناريوهات المقلقة بالنسبة للاردن والتي تقف في مقدمتها عملية ضم جزء من اراضي الضفة الغربية الى المملكة.
وكان مسؤول اردني رفيع المستوى صرح لوكالة فرانس برس في حزيران/ يونيو الماضي بأن “الاردن لا يمكن ان يرتبط ب30 الى 50% من ارض كانت تعود له من عام 1950 لغاية 1967. فالحصول على نصف او حتى اقل من اراضي الضفة الغربية لكن مع كامل سكانها سيكون بمثابة انتحار”.
ويخشى المسؤولون الاردنيون من ان يؤدي انضمام نحو 2.4 مليون فلسطيني من سكان الضفة الغربية الى تغيير التوازنات في المملكة.
وفي الوقت الحاضر تأمل المملكة في ان يتبنى مجلس الامن الدولي قرارا ملزما يوقف العملية العسكرية الاسرائيلية الدامية على غزة.
الا ان المسؤولين الاردنيين لا يتوقعون ان يصدر مجلس الامن مثل هذا القرار “قبل اسبوع” من الان ما يعني “المزيد من التصعيد على الارض”.
ورفضت الولايات المتحدة ادانة العملية البرية الاسرائيلية والعودة الى الوضع السابق ما ادى الى فشل الوصول الى اتفاق في مجلس الامن الدولي من اجل استصدار قرار يدعو اسرائيل الى وقف عملياتها العسكرية.
ويحاول الاردن الذي سبق وفتح حوارا مع حركة المقاومة الاسلامية “حماس” الخريف الماضي ان يلجأ الى لعبة التوازن من خلال ترك شعبه الذي يعارض في اغلبيته اسرائيل يعبر عن غضبه فيما تواصل السلطات جهودها الدبلوماسية من اجل وقف المعارك.