حسن مواسي
منذ بدء الحرب الإسرائيلية الإجرامية على غزة، تجند الإعلام الإسرائيلي إلى جانب المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، بل تبلورت في وسائل الإعلام الإسرائيلية مجموعة من المثقفين والكتاب والمحللين الإسرائيليين كـ”جماعات اسناد”، مهنهم الأساسية تبرير العمليات العسكرية التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي، من ممارسات وحشية ضد الفلسطينيين العزل في غزة.
ويسوغ هؤلاء المحللين تبريراتهم لما يقوم به الجيش الإسرائيلي، بما يسمونه “الأمن القومي الإسرائيلي”، وان الجيش يقوم بأعمال مشروعة في سبيل سلامة وامن المواطنين الإسرائيليين الذين يتعرضون للقصف المقاومة الفلسطينية من غزة.
ويلاحظ من خلال متابعة التغطية الإعلامية الإسرائيلية للحرب منذ يومها الأول، أن وسائل الإعلام الإسرائيلية ومن خلال المحللين تركز على التهديدات الكامنة على امن إسرائيل، وان الجيش الإسرائيلي من خلال حربه على “الإرهاب الفلسطيني” الذي تمثله حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وبقية الفصائل الفلسطينية، قام ويقوم بضرب الأهداف العسكرية التي تشكل خطرا على الأمن الإسرائيلي.
ويخوض الإعلام الإسرائيلي حربا شرسة يبث من خلالها الخوف في نفوس الإسرائيليين والفلسطينيين، ويشككون في قدره الصورايخ التي تقوم المقاومة بدك إسرائيل بها، إلى جانب محاولاتهم التأثير على الرأي العام والحصول على تأييد مطلق لديه في إسرائيل والعالم، ويلعب الإعلام دور كبير في الحرب الحالية، إذ تسيطر الماكينة الإعلامية الإسرائيلية على مصدر الأخبار.
ونرى أيضا أن إسرائيل قامت عشية شن الحرب بتجنيد طاقم إعلامي كبير، ليقوم بتبرير الحرب على غزة، ويظهر أن إسرائيل تقف في موقع الدفاع عن النفس، إذ أن إسرائيل تعلمت من تجاربها السابقة في استخدام العلاقات العامة، حيث قامت المؤسسة الإسرائيلية وقبل أسابيع من انتهاء التهدئة مع “حماس”، بالترويج أن إسرائيل قد ضاقت ذرعا بما تقوم به “حماس” من خرق للتهدئة، حيث كانت تقوم بدك المستوطنات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة بالصواريخ، وقامت بالاستعانة بالرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس ووزيرة الخارجية تسيبي ليفيني، فيما بدأت وسائل الإعلام تنقل إنباء مفادها أن إسرائيل أقامت هيئة للإعلام القومي لتبرير العمليات العسكرية الإسرائيلية، بالاتفاق مع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود اولمرت.
ونقلت صحيفة “يديعوت احرونوت” عن رئيس هيئة الإعلام القومي أن إسرائيل قامت بالتحضير سلفا للمعركة الجارية في غزة، وكذلك تنسيق المحاورين من قبل وسائل الإعلام.
وخلال الأيام العشرة الأولى للحرب، تقوم إسرائيل بالتستر وحجب الحقائق عن الجمهور، حيث تمارس سياسة التضليل، وتتقن في تهيئة الأجواء لكل خطوة إضافية تقوم بها في الحرب، ونرى كيف قام الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس وخلال مقابلة مع قناة “الجزيرة” القطرية، إلى جانب الإعلاميين في الجانب الإسرائيلي، بقلب الحقائق وتسويق الأوهام، وكان المقاومة هي التي تقوم بشن الهجوم على إسرائيل وليس العكس.
وأخيرا، يشار إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية وخلال الأسبوع الأول من الحرب، قاد حملة تحريض واسعة على الحكومة الإسرائيلية، حيث اتهم حكومة اولمرت بالعجز عن وقف إطلاق الصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية، وفي المقابل قام بمطالبة وزير الحرب أيهود باراك أما الاستقالة أو بشن هجوم على غزة، لمنع استمرار سقوط صورايخ المقاومة، ويظهر ذلك جليا من ما نشرته وسائل الإعلام عشية الحرب، واستعمالها ماكينة التهويل والتخويف من بقاء الوضع كما هو عليه.
أما بخصوص ما يسمى بالجبهة الداخلية، فان الإعلام الإسرائيلي يقوم بممارسة إرهاب فكري ومسح أدمغة لمواطن الإسرائيلي العادي، حيث تقوم الصحف المختلفة بتبرير الإعمال العسكرية، وابرز مثال على ذلك ما جاء في وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي أشارت إلى أن واحد من كل إسرائيليين في مرمى صواريخ المقاومة الفلسطينية.
فيما قامت محطات التلفزة الإسرائيلية بالتركيز على التسابق في التصريحات بين زعيمة حزب “كاديما” تسيبي ليفني وزعيم “الليكود” المعارض بنيامين نتنياهو بان حكومة برئاسة ليفني ستقوم بإسقاط حكم “حماس” في غزة، فيما برز في تغطية التلفزيون الإسرائيلي لهذا الموضوع محاولة وزير الحرب الإسرائيلي ايهود باراك مقاومة الضغط عليه لتنفيذ عملية ضد غزة حتى لا يوقع الجيش في مأزق لبنان جديد فقد علق باراك سابقا بالقول” جزء من الأصوات التي تطالبنا بالقيام بعملية ضد غزة لا تعلم أنها تضر بالجيش”.
ويحاول التلفزيون الإسرائيلي إظهار اختلاف وجهات النظر فهناك شاؤول موفاز الذي قال انه يجب اخذ كل شيء بجدية ومحاولات باراك تهدئة الوزراء المتشددين بالقول معترفا أن ضرب غزة لا يمكن ان يسكت “حماس”.
القدس المحتلة