مـنيـر مـزيد
ما أشبه الأمس باليوم إلا ان اليوم أسوء بكثير مقارنة بالأمس ، وهذا ما يشير إلى مدى تردي الأوضاع من ضعف و هوان في ما يسمى ( بلادُ العُربِ أوطاني منَ الشّـامِ لبغدانِ ، و من نجدٍ إلى يَمَـنٍ إلى مِصـرَ فتطوانِ ) . بالامس كان العدوان الثلاثي على مصر و الذي احدث تغييرا كبيرا في الشرق الأوسط و في ميازين القوى الدولية حيث تألق نجما الولايات المتحدة و الاتحاد السوفيتى
و هوى نجما بريطانيا و فرنسا اما نتائج العدوان على غزة تألق نجما إيران و تركيا وأفول نجم القومية والهوية العربية وسقوط كل الأنظمة العربية ودخولها في الصراع على السلطة لتصبح كل دولة عربية ( صومال ) آخر ..
بمناسبة الاحتفال بالعيد الرابع لثورة يوليو في مصر و تحديدا في عام 1956 أعلن الزعيم الخالد جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس ، وعودة ملكيتها إلى مصر وشعب مصر. بعد أن كانت فى يد الأجانب لأكثر من ثمانين عاماً في خطابه التاريخي بالإسكندرية و بالتحديد في ميدان المنشية بعد رفض الولايات المتحدة الأمريكية بتمويل مشروع السد العالي .
على اثر قيام جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس وقع العدوان الثلاثي على مصر وكانت الدول التي اعتدت عليها هي فرنسا واسرائيل و بريطانيا و لكل دولة من الدول التي أقدمت على العدوان أسبابها الخاصة للمشاركة فيه من هذه الأسباب:
1. توقيع مصر اتفاقية مع الاتحاد السوفييتي تقضي بتزويد مصر بالأسلحة المتقدمة و المتطورة بهدف تقوية القوات المسلحة لردع إسرائيل ، مع العلم أن توقيع هذه الاتفاقية لم يأت إلى بعد رفض الدول الغربية تزويد مصر بالأسلحة. الأمر الذي أثار حماسة إسرائيل للاشتراك في هذا العدوان لأنها رأت أن تزود مصر بالأسلحة المتطورة التي تهدد بقاءها ..
2. دعم مصر للثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي و إمدادها لها بالمساعدات العسكرية مما أغضب فرنسا و حرضها على المشاركة في العدوان.
3. تأميم قناة السويس منع إنجلترا من التربح من القناة ..
على الرغم ان البعض قد وضع اللوم على جمال عبد الناصر في أسباب هذه الحرب إلا ان شعور الانتماء للهوية و القومية العربية دفع كل البلدان العربية للوقوف إلى جانب مصر ورئيسها جمال عبد الناصر . خرجت المظاهرات العارمة في كل الدول العربية تساند مصر فأرسلت وفودا مسلحة من مقاتلين و فدائيين حيث ساهموا في القتال في مدن الإسماعيلية وبورسعيد و بور فؤاد بصورة أذهلت المعتدين ..
هكذا باء العدوان بالفشل الذريع، وانتهى العدوان، تاركاً آثاراً بارزة على حركة التحرر العربي، حيث أعطته زخماً هائلاً، مما أدى إلى تسريع قيام الحركات المناهضة للأنظمة الموالية للدول العظمى الاستعمارية ، ذات التطلعات المهيمنة على مقدرات العالم الثالث كحركة 14 يوليوتموز 1958 في العراق وحركة 26 سبتمبر ايلول 1962 في اليمن و ازدادت شعبية جمال عبدالناصر والخط السياسي لذي كان ينتهجه وازدادت هذه الشعبية أكثر بعد إعلان قيام الاتحاد العربي بين سوريا و مصر كنواة لدولة عربية شاملة وكما اسفر نتائج تلك الحرب تغيير المقاييس على الساحة الدولية فتألق نجما الولايات المتحدة و الاتحاد السوفيتى و هوى نجما بريطانيا و فرنسا .
اما العدوان الصهيوني على عزة يبدو مشابهًا للعدوان على مصر ولكن بدرجات مختلفة ،
و الخلاف المهم هو وجود غطاء من النظام العربي لهذا العدوان بحيث يرى هذا النظام ان حماس وحزب الله يشكلان عقبة في مسيرة السلام ، و جزءاً من النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط مما منح النظام العربي على ما يبدو غطاءا لهذا العدوان وله أسبابه الخاصة و من هذه الأسباب:
1- انهاء فكر مقاومة الاحتلال و المضي قدما في التفاوض .
2 ـ انهاء المد الأسلامي الذي تخشاه و تحاربه أمريكا وحلفائها من العرب من الانظمة العربية.
3 ـ انهاء حالة الانفصال ما بين غزة والضفة بعد فشل كل محاولات جمع الصف الفلسطيني وخاصة انهم يضعون اللوم على حماس .
4ـ اما الكيان الصهيوني يريد تركيع الشعب الفلسطيني و فرض رؤيته بالقوة العسكرية عليهم وعلى العرب وقتل عملية السلام تصفية القضية الفلسطينية وهناك أسباب أخرى و اهمها رسم خريطة الشرق الأ
وسط الجديد بما يتناسب مع مصالحه و مطامعه ليصح فيه اللاعب الرئيسي بعد القضاء على أي عائق يقف في تنفيذ مشروعه .
وسط الجديد بما يتناسب مع مصالحه و مطامعه ليصح فيه اللاعب الرئيسي بعد القضاء على أي عائق يقف في تنفيذ مشروعه .
هذا العدوان البربري سيلقى فشلا ذريعا ًو اما العوامل الأساسية التي ستقود إلى فشل هذا العدوان ، شدة المقاومة و اصرارها على مقارعة هذا العدوان البربري رغم كل همجيته و وقوف الشعوب العربية والأسلامية إلى جانب المقاومة و ازدياد الغضب العربي والاسلامي و العالمي ضد قوات الأحتلال وذلك باستهداف الأبرياء ، المباني والمنشأت المدنية ، مما سيزيد الضغط النفسي على قوات الأحتلال مع مرور الوقت .
اما نتائج هذا العدوان إذا ترك دون رد فعل عربي ايجابي سيكون كارثة على النظام العربي الذي وقع على حكم إعدامه في وقت عجز فيه عن وقف العدوان على غزة وعن عقد مؤتمر للقمة العربية
ـ بروز قوة اقليمية في الشرق الأوسط وهي تركيا
ـ تزايد قوة المد الأسلامي في الشرق الأوسط واشتداد قوة الصراع بين إيران والكيان الصهيوني
ـ انحسار النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط ليفتح الباب أمام فرنسا و احتدام الصراع الأوروبي الأمريكي على المنطقة .
ـ رصاصة الرحمة في جسد الجامعة العربي ودور العرب في رسم مستقبلهم . فكانت أول رصاصه وجهت للجسم العربي حين فشل العرب في إيجاد حل حين احتل جيش صدام حسين الكويت وترك الحل في يد الولايات المتحدة مما خسر العرب العراق و الرصاصة الثانية حين تخلى عن لبنان وترك حزب الله وحيدا .
ـ اما بالنسبة للفلسطينين انتهاء دور و موت السلطة و دور فريق اوسلو ليحل محلهم فكر المقاومة وهذا يعني بداية صراع اسلامي صهيوني .
ـ خروج العرب من الصراع .
بهذا العدوان الكل خاسر و المنطقة ستدخل في حالة فوضى بسبب اشتداد قوة الصراع عليها بين إيران والكيان الصهيوني ، بين اوروبا والولايات المتحدة ، هذا سيكون عليه الواقع العربي الجديد
و المؤلم و إذا لم يتحرك النظام العربي لوقف العدوان فورا و يستخدم كل الأوراق التي يمتلكها للضغط على القوى الفاعلة وعلى الكيان الصهيوني لأجل هذا الغرض و إلا سيصبح العرب بلا هوية أو قومية حالهم مثل حال الغجر أو ببساطة بدو رحل . فعلى العرب التحرك بفاعلية في وقف العدوان فورا و اعادة ترتيب البيت العربي والقيام بتنفيذ الاصلاحات السياسية الجادة في تعزيز الديموقراطية والحرية واحترام حقوق الإنسان.