الوحدة على ارض المعركة … ومواجهة العدوان
كثر الحديث هذه الايام عن ضرورة الوحدة الوطنية الفلسطينية لمواجهة المرحلة ومواجهة العدوان وهذا كلام لا يختلف عليه اثنين ولكن أي وحدة وطنية ؟؟!!! في قاموس الثورات اللقاء دائما ً يكون في تعانق البنادق للفصائل المختلفة نحو الهدف الاستراتيجي وكل من يخرج عن أرض المعركة ليس جدير بأن يتصف بأنه حريص على الوحدة الوطنية أو أحد عناصرها .
في بدايات انطلاقة حركة فتح وأمام المهاترات التي حدثت في ذاك الوقت رفعت فتح شعار ” اللقاء على ارض المعركة” ورفعت شعار أخر ( الأرض للسواعد التي تحررها ) في ذاك الوقت كانت حركة فتح تعبر عن البندقية المقاتلة التي رفعها الساعد الفلسطيني الذي لبى نداء التضحيات واعتنق الكفاح المسلح منهجية وأداة للوصول للهدف الاستراتيجي وهو تحرير فلسطين ، فاللقاء كان دائما على أرض المعركة لكل القوى الفلسطينية بفصائلها المختلفة من الجبهة الشعبية إلى الصاعقة إلى قوات التحرير الشعبية ومعظم الفصائل الاخرى التي كانت تمثل عواصم وأحزاب عربية ، ولذلك بحق كانت غابة البنادق يحكمها ويرسم قوانينها وانضباطياتها الهدف ووحدة الهدف والآليات .
من قال أن الوحدة الفلسطينية ناقصة ؟؟ ومن قال أن الوحدة الوطنية ليست في أحسن صورها ؟، أرد على هؤلاء أن من هو خارج المقاومة وهي الخيار الاستراتيجي للشعب الفلسطيني فهو خارج المعادلة الفلسطينية وخارج مفهوم الوحدة الفلسطينية ، وجميع الصياغات التي يمكن أن تحدث لأي معادلة لا يمكن أن تجمع وتعطي معادلة متزنة لعنصرين أحدهما وطني اسلامي مضحي مقاوم وأخر مهزوم وانهزامي وتنازلي ويريد أن يجني الثمار في أول محطة يتوهم أنه قد انجز فيها ، وهذا الخطأ بعينه وكل ما يقال عن حوار وطني من أجل الوصول إلى وحدة وطنية في ظل برامج دايتونية أو مادام هناك ماثلاً شخصيات حبكت مهزلة أوسلو لا يمكن أن يتحقق شرطية اتزان المعادلة ولن تجني ثمارا ً يمكن أن يفهم لغتها وصياغتها لتعطي شكلا ً صمودياً وجماليا ً للمعادلة الوطنية .
الوحدة الوطنية والموقف الوطني في احسن صوره وفي أسمى معانيه وهو الذي تجسد في المقاومة الفلسطينية في غزة بكل فصائلها الاسلامي واليساري ، الوطني والقومي ، أما من خرجوا عن الصف ومازالوا ملتصقين ليسيؤوا لحركة تحرر وطني فهم خارج الصف الوطني ولا يوجد أي لغة أو مفهوم يجعل من الاتصال بين قوى المقاومة وهؤلاء المخربين للخيارات الوطنية وللمعادلة الوطنية بأن يكون عنصرا ً من هذا الائتلاف للقوى الوطنية وللوحدة الوطنية باعتبار أن هؤلاء هم عنصر تخريب وتفرقة للمعادلة الوطنية ومعطياتها .
بالتأكيد أن الهجمة الصهيونية على قطاع غزة قد كشفت وبشكل واضح وصريح بأن هؤلاء لا يمثلوا حركة تحرر وطني ولذلك يجب ان يكونوا خارج لغة أي حوار فلا يجوز أن يجتمع النقاء الثوري والعطاء والجهاد مع قوى المراوغة والتسويف والتسويق أيضا ً لمواقف تحقق الضرر بالمقاومة وبالصف الوطني ولا يجوز أن يكون أي شكل من اللقاء مع من قاموا بالفساد وأجهظوا ثورة وعذبوا كوادرها ليحتلوا المواقع من أجل صياغة معادلات تقربهم من قوى الاحتلال .
ولذلك فشلت كل المحاولات التي حاولت أن تصيغ معادلة بالتأكيد أن مضطربة وغير منسجمة وللأسف تذهب بعض القوى الاقليمية في اسلوب انشائي اعلامي دعائي تتباكى على الوحدة الوطنية الفلسطينية وبضرورة اللقاء بين المقاومة الفلسطينية وسلطة رام الله ولكن متى يبقى هذا التباكي صحيحاص ؟؟، هل بتنازل المقاومة عن ادبياتها وسلوكها واخلاقياتها أم تنازل ما تبع غيه في مغامرات استفاد منها العدو في بناء المغتصبات وتجزئة الضفة وكسب عامل الوقت من أجل تنفيذ برامجه .
بالتأكيد ممكن ان تكون هذه الدعوات صحيحة عندما تغير هذه الشخصيات جلودها وعمق بنيتها الفكرية والمسلكية في رفض صريح لبرنامجها السابق الذي هو لا يبعد كثيرا ً عن لبنات أوسلو ودايتون وعلى هؤلاء أن يتحدثوا بوضوح عن انهاء اتفاقية أوسلو وانهاء السلطة في ظل الاحتلال واطلاق يد المقاومة في الضفة الغربية ليكتمل توازن المعادلة في وحدة وطنية شاملة تقودها المقاومة ضد الاحتلال .
وغير هذا الكلام يبقى كلام فارغ ( وهذا الميدان يا حميدان ) ، الوحدة الوطنية عرفها القاصي والداني تجدست في ارادة وصمود الشعب الفلسطيني في مظاهراته في كل مكان خارج الوطن وفي الضفة وبصمود غزة التي تواجه أعتى أنواع الحرب التكنولوجية بفصائل موحدة وبشعب ملتف حول صمودها وبسالتها ، ولها العمق من الجماهير الفلسطينية والعربية والاسلامية والشعوب المحبة للسلام والحرية ، هكذا يمكن أن يرجع الشاذ إلى معدن الاصالة ولكن ولحتى الآن لا نسمع إلا عن أدوار تقوم بها قيادة حركة فتح وقيادة السلطة لا تعدو عن موقف أي نظام رسمي عربي بل هناك أنظمة عربية كان لها موقفا ً مشرفا ً وغيوراً على المقاومة وعلى الشعب الفلسطيني في غزة مثل الجماهيرية الليبية ودولة قطر وتركيا .
الهجمة البربرية على فصائل المقاومة والشعب الفلسطيني في غزة قد اسقطت أخر ورقة توت تغطي عورة قيادة حركة فتح الأوسلوية ، وخطابها غير جاد لتلبية النصوص الأساسية لإلتحاقهم في ركب الوحدة الوطنية وركب المقاومة والتحرير ، فهم مازالوا متمسكين ببرنامجهم الأوسلوي الدايتوني البليري ، ومازالت تلك القيادة تراهن على أمريكا وقيادة لفني للساحة السياسي
ة لدولة الاحتلال ، تلك القيادة التي تجبن على أن تنهي المفاوضات مع العدو الصهيوني ، تلك القيادة التي مازالت مصرة على أن تخرج حركة فتح من المعادلة الوطنية والتحررية كما أخرجتها منذ زمن من عمقها التي اتسمت به وقامت عليه وهو الكفاح المسلح .
من المهزلة أن يتشذق البعض بضرورة الوحدة الوطنية ومد الأيدي وهي أيديهم مازالت رائحة عرق القاتل أولمرت والقاتلة لفني ، وبارك وقادة الاجهزة الامنية لدولة الاحتلال لها اثر على ماسامات أكفهم ومازالت أثار قبلاتهم تفضح تلك القيادة وربما عندما يشاهد المشاهد أي صورة لشهيد أو لطفل أو لمرأة من الجرحى والشهداء في قطاع غزة الصامد الذي يعتبر هو بوابة فلسطين الحقيقة للتحرير .
عبثا ً وتسويفا ً للوقت وخداعا ً للمفاهيم أن يتحدث هؤلاء عن ضرورة الوحدة الوطنية معهم وهم خارجين عن الوحدة و خارجين عن صف المقاومة .
فاطمئنوا ان الوحدة الوطنية في اسمى صورها من كتائب شهداء الاقصى إلى القسام إلى سرايا القدس وألوية الناصر صلاح الدين والأحرار وأبو علي مصطفى وباقي فصائل العمل الوطني ، هذه هي الوحدة الوطنية وهاهو الشعب الفلسطيني يقدم الاستفتاء الديمقراطي من خلال المظاهرات بالتزكية وبالهتاف وبالدموع وبالجراح وبالمصود وبالارادة مبايعة للمقاومة وقيادة المقاومة ، أما الآخرين فعليهم أن يتركوا الميدان ولأن الميدان هو من يكشف الصادق من الكاذب .
بقلم / سميح خلف
عضو لجنة اقليم حركة فتح سابقاً / الجماهيرية العظمى
رئيس الاتحاد العام للمهندسين الفلسطينيين / فرع الجماهيرية