د. فايز أبو شمالة
باتت وسائل الإعلام الإسرائيلية جميعها تخضع للمراقبة، ويحظر عليها نشر أي مادة إعلامية قبل موافقة الرقيب العسكري عليها، وهذا يعرف في إسرائيل باسم “سنزوره” ووفق إدعاء الجيش، فإن هذا ما خلصت إليه لجنة “فينوجراد” بعد الفشل في حرب لبنان، لذلك تتردد كلمة “سنزوره” في وكل وسائل الإعلام، وفرضت على كل ما يكتب، ويقال، حتى على المقابلات الشخصية، وعلى رجال الفكر، والمحللين السياسيين الذين يرددون أحياناً: لا “سنزوره” على هذا الكلام، إذا تجاوز الاجتهاد في الرأي حد معين.
سنزوره
فقط عند الساعة الخامسة والنصف صباح اليوم الثاني للمعارك البرية أعلنت الإذاعة الإسرائيلية عن إصابة جنديين إسرائيليين بجراح، وفي الساعة السادسة إلا الربع أعلنت نفس الإذاعة عن إصابة عشرة جنود منهما اثنين بجراح متوسطة، وفي الساعة السادسة تماماً أعلنت نفس الإذاعة عن إصابة ثلاثين، اثنين منهما أصيبا بجراح خطيرة، وكان الإعلام الفلسطيني قد أعلن قبل ذلك بعشرة ساعات عن مقتل وإصابة عدد من الجنود الإسرائيليين.
بعد أن سقط الصاروخ في إسرائيل
بعد أن سقط الصاروخ بالقرب من رئيس بلدية عسقلان، راح يصف الدمار الذي لحق بالمكان، ويقوم بعد الإصابات حتى وصل إلى ستة مصابين، ولكنه توقف فجأة، وقال: لا يمكن إعطاء تفاصيل، ولما سئل عن مكان سقوط الصاروخ، تردد، ثم قال: مكان مهجور، وعندما سئل عن سبب تواجده الساعة التاسعة والنصف صباحاً في مكان مهجور، قال: لا يمكن إعطاء تفاصيل، ولماذا غادرت مكتبك؟ قال: لا يمكن إعطاء تفاصيل.
للعلم، كانت الطائرات الحربية الإسرائيلية قد قصفت معظم مباني بلديات قطاع غزة.
بعد أن سقط الصاروخ الفلسطيني مباشرة على أسدود، سئلت المراسلة العسكرية المتواجدة في المكان، فقالت: سمعت صوت ارتطام الصاروخ، وأرى من بعيد الصاروخ وقد ضرب مبنى من أربعة طوابق، وأرى من بعيد أنه قد تسبب في أضرار كبيرة بالمبنى، وأرى من بعيد أنه لا يوجد إصابات بين المواطنين ، فقط أضرار مادية. فكيف عرفت المراسلة أن لا مصابين؟ أم أن التعليمات التي في جعبتها الإعلامية تقضي بعدم الإعلان عن مصابين.
بعد أن سقط عليها ستة صواريخ فقط؛ بلغ عدد المهاجرين من مدينة بئر السبع وحدها إلى مناطق الشمال ولاسيما إلى مدينة تل أبيب، وضواحيها حوالي سبعين ألف مغتصب، رئيس بلدية بئر السبع “ريبك” يناشد اليهود بعدم الرحيل من المدينة، ويحاول طمأنتهم.
بعد أن نجح الإعلام العسكري الإسرائيلي في اختراق الإذاعات المحلية، طلب من الفلسطينيين مغادرة بيوتهم، ولكن أحد لم يغادر بيته، لأنهم يفضلون الموت على الرحيل.
تعليمات إسرائيلية
تعليمات الدفاع المدني لسكان المدن في إسرائيل؛ أن ابقوا أبواب البيوت، والشقق مفتوحة طوال الوقت كي يسهل الانتقال إلى الملاجئ لحظة سماع صفارة الإنذار، حيث أن المدة الزمنية للاحتماء بين انطلاق الصفارة وسقوط الصاروخ هي نصف دقيقة لسكان عسقلان، وهي دقيقة إلا ربع لسكان مدينة أسدود، وهي دقيقة لسكان مدينة بئر السبع.
سكان قطاع غزة ينامون في بيوتهم، وأوكلوا أمرهم إلى الله، فلا ملاجئ في غزة