فشل المجتمع الدولي مجددا في القيام بأي تحركات يمكنها إجبار إسرائيل على وقف العدوان المتواصل منذ 9 أيام على قطاع غزة، والذي دخل مساء أمس مرحلة الاجتياح البري؛ مخلفا حتى مساء اليوم الأحد نحو 484 شهيدا وأكثر من 2400 جريح.
واعتبرت مصادر سياسية إسرائيلية هذه الأوضاع “ظروفا مثالية للحملة العسكرية، من حيث التفهم الدولي والمصالح المشتركة مع دول عربية معتدلة”، وهو ما أكده معلق إسرائيلي اليوم.
ورفض مجلس الأمن الدولي في جلسته الطارئة فجر اليوم مشروع قرار تقدمت به الدول العربية عبر ليبيا، العضو العربي في مجلس الأمن، يطالب إسرائيل بوقف فوري لإطلاق النار، وذلك بعد أن عارضته الولايات المتحدة؛ الأمر الذي اعتبرته حركة حماس “مهزلة” توضح مدى هيمنة الولايات المتحدة وإسرائيل على قراراته.
وأكد كبير المعلقين في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، شمعون شيفر، أن “إسرائيل تحظى بدعم الإدارة الأمريكية وعدد كبير من دول أوروبا، فضلا عن أن هناك تماثلا في المصالح بينها وبين رؤساء الدول العربية المعتدلة، وهو ما يعد ظروفا مثالية تجري في إطارها الحملة العسكرية”.
وأضاف شيفر في تقرير نشرته الصحيفة اليوم أن “قادة الدول العربية المعتدلة تنقل للقيادة الإسرائيلية رسائل حادة لا تقل عن تصريحات السياسيين الإسرائيليين، يقولون فيها: اضربوا حماس ولا تسمحوا لهنية بالتحول إلى نصر الله الثاني”.
عجز المجلس
من جهته علق السفير الليبي جاد الله الطلحي على : إن الولايات المتحدة عرقلت مشروع قرار تقدمت به بلاده باسم جامعة الدول العربية في وقت سابق على المجلس يعرب عن “القلق العميق” من الهجوم البري الإسرائيلي على قطاع غزة ويدعو الطرفين إلى “إعلان وقف فوري لإطلاق النار واحترامه بالكامل”.
كما شدد المندوب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور على أن مهمة مجلس الأمن هي إخضاع إسرائيل للقانون الدولي عبر وقف العملية العسكرية على قطاع غزة.
فيما انتقد رئيس الجمعية العمومية للأمم المتحدة ميجيل داسكوتو بشدة عدم فاعلية مجلس الأمن والتي تولدت -حسب قوله- عن عجزه في التوصل لتوافق حول أسلوب لمعالجة الأزمة في غزة.
ووصف ما يحدث في قطاع غزة بأنه “جريمة”، مشددا على أن فشل المجلس في التوصل إلى قرار لوقفها يسيء إلى صورة الأمم المتحدة والمجلس نفسه.
مهزلة مجلس الأمن
من جانبه، قال المتحدث باسم حركة حماس فوزي برهوم في بيان: “ما جرى في مجلس الأمن مهزلة، ويوضح مدى هيمنة أمريكا والاحتلال الصهيوني على قراراته”.
وأضاف أن مجلس الأمن يؤكد “بذلك على انحيازه للاحتلال، ويعطيه فرصة لاستكمال مجزرته في غزة”.
وقف مشروط
وقال دبلوماسيون: إن الولايات المتحدة رفضت إعادة البيان المقدم من ليبيا وأجهضته، مشيرين إلى أن أي بيانات تصدر عن المجلس يجب أن تكون بيانات المجلس بالإجماع.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية إن أي وقف لإطلاق النار في غزة يجب أن يكون مشروطا بعدم العودة إلى الوضع الذي كان سائدا قبل الغارات الأخيرة الذي بدأت قبل تسعة أيام.
وأعرب السفير البريطاني جون ساورز عن شعوره “بخيبة أمل شديدة” بسبب فشل المجلس في التوصل إلى اتفاق على بيان.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى وقف “فوري” لأعمال العنف، وحث إسرائيل على السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وجاء في بيان صادر عن مكتب بان كي مون قبل اجتماع مجلس الأمن أن الأمين العام اتصل برئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت وأبلغه “قلقه العميق وخيبة أمله”.
وأضاف البيان أن كي مون دعا إلى وقف فوري للعملية البرية، وطلب من إسرائيل بذل قصارى جهدها لضمان حماية المدنيين والتمكن من إيصال المساعدات الإنسانية إليهم”.
وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى انتقد أمس السبت التباطؤ في عقد اجتماع مجلس الأمن لاتخاذ قرار بشأن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
وقال موسى إن مجلس الأمن هو الجهة الرسمية الوحيدة التي تستطيع أن توقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وإن عدم انعقاده حتى الآن يضع علامات استفهام على النظام الدولي بأسره.
“عملية دفاعية”!
وبدأت القوات الإسرائيلية مساء أمس اجتياحا بريا في قطاع غزة بعد ثمانية أيام من القصف الجوي أسقط أكثر من 470 شهيدا وألفي جريح وسط تحذيرات دولية من تفاقم الوضع هناك.
ففي الولايات المتحدة، قالت وزارة الخارجية إنها تعمل من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وأضافت أنها أخبرت الحكومة الإسرائيلية أن العمل العسكري يجب أن يحذر العواقب المحتملة على المدنيين.
وأشار بيان للخارجية الأمريكية إلى أنها تشعر بقلق عميق بشأن الوضع الإنساني في غزة، ودعت إلى سريان وقف لإطلاق النار بأسرع وقت ممكن.
وقال شون ماكورماك الناطق باسم الخارجية الأمريكية إن وقف إطلاق النار يجب أن يكون مستقرا وليس محدود المدة.
أما رئاسة الاتحاد الأوروبي فقالت: إنها تعتبر العملية الإسرائيلية “دفاعية” في طبيعتها أكثر منها هجومية، كما صرح بذلك ييري بوتيسنيك المتحدث باسم الرئاسة الدورية التشيكية للاتحاد الأوروبي.
غير أن السفارة البريطانية في إسرائيل قالت إن البيان الصادر عن رئاسة الاتحاد الأوروبي لا يعبر عن موقف الحكومة البريطانية.
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند إن هذا التصعيد سيؤدي إلى الاستنفار والفزع.
كما نددت فرنسا بشدة بالهجوم البري الإسرائيلي على قطاع غزة، مؤكدة أن هذا التحرك العسكري الخطير يزيد من تعقيد الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي ولاسيما الاتحاد الأوروبي وفرنسا وأعضاء اللجنة الرباعية ودولة المنطقة، من أجل وقف القتال وإدخال معونات فورية للمدنيين، والتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان صحفي: “إن فرنسا تدين الهجوم البري الإسرائيلي على قطاع غزة، كما تدين استمرار إطلاق الصواريخ”.
وفي مدريد، أجرى وزير الخارجية الإسباني ميخيل أنجيل موراتينوس اتصالا هاتفيا مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ليعبر له عن “تضامنه ودعمه” بعد بدء العملية البرية الإسرائيلية في قطاع غزة.
ووجهت المكسيك، وهي عضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي، نداء عاجلا لوقف إطلاق نار فوري في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس، حسب ما أعلنت وزارة الخارجية المكسيكية.