لم تستبح غزة وحدها والعرب ما بين مشارك ومتفرج ، بل الأمة كلها مستباحة ، وكما أستبيحت المساجد في غزة ، فهي تستباح أيضا في العالم العربي ، ورأيتم كيف منع نظام مبارك المصلين من الصلاة في بعض المساجد ، وأُدخل بعضهم بالبطاقات الشخصية ، حتى لا يتضامنوا مع إخوتهم في غزة ، ولم يفتِ أحدا بكفر من يشك في ردة هذا المحنط المنحط الغير مبارك ، لكن الأخطر كيف ترضى الأمة أن يستباح بيت الله الحرام ومنبر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم .
مليون ونصف مليون فلسطيني يواجهون أقذر حرب جبانة من اليهود والعرب وخلفهم العالم الغربي كله في غزة ، ومن لم يتمزق ؛ تمزق أطفاله أمامه ، أو هدم بيته ، أو أحترقت آماله ، أو جن جنونه ؛ حين عرف أن بعض العرب تطالب بمزيد من الدك ، لواط عربي يهودي ما جرى أبدا ، ويخرج عليك خطيب البيت الحرام عبد الرحمن السديس ؛ بخطبة كانت للتو قد أعدت في وزارة نايف بن عبد العزيز ،يشجب فيها من على منبر رسول الله ويستنكر ، تماما كما يفعل حسني مبارك وغيره من العملاء ، ثم ماذا؟ تأملوا هذه الكارثة – يطلب ” بإسم الشعوب الإسلامية وقف هذا الإرهاب عبر المجتمع الدولي وهيئاته ومنظماته العالمية لوقف الدم المهراق ” ، مع أن أكبر منظمة دولية أستكثرت مجرد بيان صحفي بشأن محرقة غزة.
بماذا اختلفت هذه الخطبة عن البيان الختامي لإجتماع وزراء خارجية العرب ؟ هكذا أصبح بيت الله الحرام؟.
في مثل هذا الظرف كان على الخطيب أن يعلنها على الملأ ، بأن الجهاد أصبح فرض عين كل مسلم ، ومن على منبر رسول الله ، كما يجري دوما عبر التاريخ عند حلول الكوارث بالمسلمين ، ويكفي أنه منذ أكثر من مئة سنة لم يوجه فيه مثل هذا النداء سوى مرة واحدة وبطلب من المخابرات الأمريكية عندما عملت على إخراج السوفييت من أفغانستان.
مع إني على يقين بأن التهديد بهذا يكفي لوقف القصف على غزة ، فأمريكيا ليست بالغبية لتعرّض مصالحها والمصالح الصهيونية في العالم الإسلامي للخطر ، ف”أرامكو ” والتي لا تبتعد كثيرا عن البيت الحرام أكبر مصلحة صهيونية ؛ فأرامكو هي “ستاندارد أويل “، هي اليهودي الدموي ديفد روكفلر ؛ الذي يحرك الصهيونية كلها بأصبعه ، والعالم كله عبر منظمة مجلس العلاقات الخارجية.
هذا هو خطيبنا في مكة ، في حين يقف مطران سبسطية في القدس عطا الله حنا بالرغم من سيوف المسيحية الصهيونية الموجهة إليه ؛ صارخا بنداء أقوى وأشمل وأكمل وجها للمسيحيين في أنحاء العالم وللكنائس والأديرة بالوقوف في وجه الإرهاب الصهيوني في غزة ، ويوصم كل صامت ومتفرج بالخروج من دائرة الإنسانية.
أما الأب منويل مسلم ؛ راعي الطائفة اللاتينية في غزة فقد ضرب أروع الأمثلة بصموده مع المجاهدين والمرابطين في غزة ، ولا أدل على ذلك من الرسالة المؤثرة التي بعثها لإسماعيل هنية التي ذكرها في خطابه مؤخرا ، فتحيه له ولكل الشرفاء.
كلمة أخيرة للسديس وخطباء الحرم ، إن منعتم من قول كلمة الحق في مثل هذا الموقف فالأولى بكم الإعتزال حالا وذكر السبب على الملأ ، لتعرف العامة أي نظام أستولى عليه ، وإلا فأنكم شركاء في دماء أهل فلسطين ، فقط تخيلوا ولو لمرة واحدة أنكم أشتركتم في دم الشهيد نزار ريان وأسرته ؛ والذي تعرفوه جيدا ، مدرسة علم ومدرسة جهاد ، سعى للشهادة وأكرمه الله بها ، فتخيلوا مصير شانئيه ومن أشتركوا في دمه، وليتخيل ذلك كل من في قلبه ذرة دين ، وهو في موقف الصامت.
أما خالد مشعل؛ سمعتك تسامح فأرقتني ، أنت سيد المرحلة إلا في أن تسامح ، فلا تسامح .. لا تسامح .. لا تسامح .
وللمجاهدين والمرابطين أقول هنيئا لكم ؛ حاولوا أن يزلزوكم فزلزلت الأرض تحت أقدامهم ، حاولوا أن يبيدوكم فصرتم فضاءا واسعا لا حد له ، والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار