يرى محللون ان دعم حزب الله اللبناني السند الأول والأقوى لحماس في غزة، سيظل معنوياً للحركة في الوقت الحاضر، اذ لا مصلحة له في تقديم الدعم العسكري او في فتح جبهة مع اسرائيل في جنوب لبنان. وقال الباحث بول سالم من مركز “كارنيغي” للشرق الاوسط ان “حزب الله ليس في موقع يسمح له بتحمل عبء حرب ثانية” بعد سنتين من نزاع مدمر مع اسرائيل في الجنوب.
وعبر الامين العام لحزب الله حسن نصرالله منذ اليوم الاول للنزاع عن موقف لا لبس فيه يتمثل بدعم “مقاومة” حماس ضد اسرائيل، والاكتفاء بالاشارة الى ان الحزب مستعد “لمواجهة اي عدوان اسرائيلي على لبنان”.
وتقول امل سعد غريب الخبيرة في شؤون حزب الله “رغم ان الحزب يعتبر ان فلسطين هي قضيته المركزية، فمن السذاجة التفكير انه سيهاجم اسرائيل انتقاماً” لاحداث غزة.
اما سالم فيرى انه حتى لو “امتلك النية والوسائل للقيام بذلك، فمن الصعب ان يقدم الحزب مساعدة مباشرة لحماس، لاسباب لوجستية وجغرافية”.
وتقول اسرائيل ان حزب الله الشيعي اللبناني “ضاعف ثلاث مرات قوته النارية” منذ حرب لبنان في صيف 2006 وانه “يملك اليوم 42 الف صاروخ”.
وفي الدول العربية، ينظر الى حزب الله على نطاق واسع على انه القوة المسلحة الوحيدة التي تمكنت من الصمود في مواجهة اسرائيل.
وبعض الاسباب التي تحول دون مخاطرة حزب الله بفتح جبهة اخرى مع اسرائيل في جنوب لبنان، لبنانية داخلية.
وتقول امل سعد غريب “سيكون فتح جبهة لبنانية امراً كارثياً لان البلاد لا سيما الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت لا يزالان في طور اعمار ما تهدم” في الحرب الاخيرة.
ولجأ مئات آلاف النازحين من جنوب لبنان والضاحية الجنوبية، المنطقتين اللتين استهدفتا بعنف بالقصف الاسرائيلي خلال حرب تموز/يوليو 2006، الى حدائق عامة ومدارس ومناطق جبلية وغيرها.
ولم تنته عملية اعادة بناء ما تهدم في عمليات القصف التي تسببت ايضا بمقتل حوالي 1200 لبناني.
ويرى سالم ان “جزءاً من اللبنانيين يعارض اصلاً كل عمل مسلح لحزب الله. وهذه المرة، اذا بدأ هجوماً على اسرائيل فسيترك ذلك انعكاساً سلبياً كبيراً عليه لدى الرأي العام المؤيد له”.
وتطالب الاكثرية النيابية والوزارية في لبنان بحصر السلاح في يد الدولة التي يجب ان تملك وحدها قرار السلم والحرب.
ويتمسك حزب الله بسلاحه، معتبراً ان الجيش اللبناني لا يملك مقومات مواجهة اسرائيل.
وهذا الموضوع هو محور جلسات “حوار وطني” بين الافرقاء اللبنانيين مخصصة للبحث في “استراتيجية دفاعية” للبنان.
وتقول غريب “اذا اقدم حزب الله فجأة على تصعيد معين، فان خصومه قد يستخدمون ذلك كذريعة ضده” للمطالبة بنزع سلاحه.
ويرى المحللون ايضاً ان حزب الله لا يرغب بالدخول في مواجهة مع الجيش اللبناني المنتشر في جنوب لبنان بموجب القرار الدولي 1701 الذي وضع حدا للعمليات الحربية بين حزب الله واسرائيل، وذلك بعد غياب عن الجنوب استمر ثلاثين عاماً.
وكان الرئيس اللبناني ميشال سليمان قائد الجيش السابق واضحاً اخيراً برفضه ان يصبح “لبنان منصة لاطلاق الصواريخ” على اسرائيل.
وتقول امل سعد غريب ان حزب الله لديه ما يكفي من الذرائع اذا اراد مهاجمة اسرائيل، بينها “الانتقام” للقيادي في الحزب عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق في 2008، واتهم حزب الله اسرائيل باغتياله..الا انه حتى الساعة يكتفي بشن حملة اعلامية على الدول العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة.
وكان نصرالله شن هجوماً على مصر، مطالبا اياها بفتح معبر رفح الذي يربط قطاع غزة بالاراضي المصرية ومتهما اياها بـ”الشراكة في الجريمة وفي القتل وفي الحصار وفي صنع المأساة الفلسطينية”.
ويرى الباحث وليد شرارة، واضع مؤلفات عدة عن حزب الله، ان الحزب “قد يخرج اقوى كمقاومة شعبية وكذلك سوريا وايران (الداعمتان لحماس) سياسياً” اذا لم تتمكن اسرائيل من تحقيق اهدافها في قطاع غزة وابرزها “استعادة قدرة الردع التي اهتزت اهتزازاً شديداً” في حرب تموز/يوليو.
ويؤكد بول سالم “في المقابل اذا ربحت الدولة العبرية، فان ذلك سيمثل خطراً على لبنان على المدى الطويل، لانه سيعني ان اسرائيل وجدت وسيلة لمواجهة حرب الشوارع التي طورها حزب الله والتي تبنتها حماس”.
ولا تزال المواجهة في قطاع غزة تقتصر على الغارات الجوية ولا يعرف ما اذا كانت اسرائيل ستنتقل الى شن حرب برية.
وتوعَّد حسن نصرالله بان “الخسارة الاسرائيلية” ستبدأ “عندما يبدأ التحرك البري الذي سيواجه بقوة المقاومين”.