قاسم محمد الكفائي
أزمة ُ ( غزّة ) التي شَهدِناها اليومَ هي حلقة ٌ من سلسلة ِ أزماتٍ وَقعَت على كاهل ِ أكثر من مليون فلسطيني من العرب والمسلمين صَمدوا فيها بعنوان أحقيتِهم بالعيش على أرضِهم ، ومقاومةِ كلّ المُخططاتِ التي تتمنى عليهم الذِلة َ والهزيمَة . لقد تحَمّلَ أهلُ غزّة حصارَ الخُبز ِ والدواء ، وظلوا صادمين ليواجهوا قذائف وصواريخ طائراتِ ما ُتسمى بدولةِ إسرائيل . فما كان لهذه المدينة من نصيبٍ بأيةِ رغبة عربية رسمية للدفاع عنها ولو بكلمةِ صدق ٍ .
الحكامُ العرب في واقعِهم المَشهود يعيشون اليومَ على أعلى قمةٍ لأكبر هرَم ٍ من النذالة والخسّة والتشرذم وكأنهم عبيدٌ لعبدٍ أمريكي وبريطاني . هذا في تفسيره الأخلاقي يعني الأنحطاط ، وفي السياسة يعني الولاء والتبعية والعمالة . أشلاءُ أبناء غزة تناثرت لحومُها ودمائها رَوت أرضَها الحمراء بالعلن وليس الخفاء ، والضحايا هم من الأطفال والنساء والشيوخ والفتية ، ولم يَعُد بالأمكان للأنسان المُتتبِّع غير التصديق بتلك المَشاهد . أما هؤلاء الأوباش الرسميين باستثناء الشقيقة سورية والسودان ولبنان فلا يَهشون ولا يَنشون على أقل تقدير كما تفعل البقرة كيف توظِف ذيلهَا لتنظيفِ بعض ِ الأوساخ أو لطردِ الذباب من على مؤخرتِها . لكن الألقاب الجميلة والمقدسة التي يُفصِّلونها على أنفسِهم تطالعُنا بها جرائدُهم كلَّ صباح ٍ بقصد التضليل والتطبيل على عقول البسطاء من شعوبهم . فهذا خادمُ الحرمين والأميرُ المفدى ، وذاكَ المبارك والأخضر ، وَهَلمَّ جَرّى . فليس لهم قيمة ُتذكر وقد ترَفعّّ عنهم ذلك الذباب . لكن بالمقابل ماذا يجب أن تفعله سورية لأداء المسؤولية القومية والدينية والأنسانية التي على عاتقها ، أو ما يفعله لبنان المتمثل بالمقاومة ؟؟؟
الموقفُ خطيرٌ وصارم عندما نجدُ مرة ً أخرى ساحة َ المعركةِ على المستوى العربي الرسمي مملوءة ً بالفئران والأرانب بدل الرجال المدافعين والجادين بوقف نزيف الدم والحرب على أساس اخلاقي وليست تمرير أحلام ونوايا . فهذه الأزمة التي ابتدأت كما ذكرنا من حصار الخبز الى توزيع القذائف على أهل غزة بدأت بتوقيت زمني أسمه زمن الأنحطاط العربي الرسمي بعد إن جاهدت أمريكا ودول أوروبا بتوفير كافة الأسباب التي من شأنها أن تحطم البنية التحتية للكرامة العربية وقد نجحت . وفي الوقت الذي تقذف فيه الطائراتُ الأسرائيلية قنابلهَا على رؤوس ِ أهلنا في غزة المُحاصَرة تفوح أفواهُ رؤساء وملوك وأمراء بعض الدول العربية برائحة مقززة تشم منها حقيقة َ هذه الأنظمة وتعبر عن ضحالتِها . تلوِحَ وسائل إعلام هؤلاء أن أهلَ غزة المتمثلين بحركة حماس هم عملاء إيران وسورية ، وأنهم أرادوا المُواجَهة المُسلحة ، وهم بدأوها ضد اسرائيل . بينما أهلُ الفتاوى من العاكفين على وجوهِهم ومؤخراتِهم في مَحاريب وزارة الداخلية السعودية لم تظهر منهم فتوى واحدة تدين اسرائيل على غرار فتاواهم المليونية بقتل الشيعة في العراق ، أو فتاواهم بحرمة مساندة المقاومة اللبنانية عندما تصدت للهجوم الأسرائلي في الجنوب اللبناني عام 2007 ، وغيرها . إكتفى هؤلاءُ العلماءُ المُجَنّدين ببعض كلماتِ الشجب حفاظا على ماء الوجه والكرامة المفقودة ، واكتفوا بالدعاء للشهداء بالجنة ( مسخرة والله ) . وفي مواقع إخبارية قرأنا أن الداعية السعودي ( عوض القرني ) تورط باصدار فتوى دون علم وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز فالقي القبض عليه ونقل الى الرياض للتحقيق معه بالمخالفة . أما الشيخ الكبير يوسف القرضاوي مفتي ( البزنس ) انكسر قلمُه ولم يعد باستطاعتهِ إصدارَ أية فتوى ينصر بها أطفالَ ونساءَ غزة من الذين طحَنت عظامَهم أنقاضُ البناياتِ المُهُدّمَة بفعل الصواريخ الأسرائيلية .
فكيف إذن تمضي قافلة ُ المُواجهة ، وتتحمل سورية والمقاومة اللبنانية عبىءَ المُصيبة ؟
على الساحتين العربية والأسلامية هناك ثلاثة خطوط تعمل باتجاه نصرة القضية الفلسطينية ، نتلمس منها الأملَ المنشود للخروج من هذه المِحنة بسلامةِ الكرامة والحفاظ على ثبات الأقدام .
فالخط ُ الأول هو الخط ُ العربي المتمثل بموقفِ سورية الرسمي ومعها قوى المُقاومة اللبنانية ، والخط ُ الثاني هو الخط ُ الأسلامي المتمثل بموقفِ إيران الرسمي والشعبي الذي يُعَدّ موقفا مشرِّفا كان قد تركه الأمامُ الخميني العظيم – تقدست روحه الطاهرة – كأرثٍ عظيم ٍ الى المسلمين لا يُستهانُ به ، موصِيا بوجوب نصرة القضية الفلسطينية على أساس ٍ شرعي وإنساني . كذلك لاحت في الأفق مواقفٌ مشرفة ٌ في بعض ِ الدول الأسلامية كان أهمُها موقفُ تركيا الشقيقة ، ومواقف جَماهيرية هي الأخرى . أما الثالث فهو الخط الجماهيري العربي المُكبَّل بقيودِ أشقياء الصُحف وأجهزة التلفاز . لكن الذي نلمسه هو أن الشرف
َ العربي في أوساط الجماهير مازال بخير . فلم تبقَ للأنسان العربي الرغبة بالأستماع الى قادتهِ العرب في تصريحاتِهم وبياناتِهم أو خطاباتِهم لأنه لا يرى فيهم اليقظة ، ويراهُم في غيبوبةٍ مُستديمة . لما أعلنت الجامعة ُ العربية من القاهرة بيانَها الذي شجَببت فيه الجريمة َ الأسرائيلية بحق أهلنِا في غزة ودَعت وزراء الخارجية العرب الى الأجتماع الطارىء الذي بموجبه تم عقد اللقاء في القاهرة بمصر بعد أيام من دعوة الجامعة العربية له . هذا الأجتماع الصِوَري لم يُسفر سوى عن مُنافساتٍ بمواقف الأنبطاح مابين قطر والسعودية ، وأسفرَ عن الألتزام بمبدأ العلاقات العربية العربية الذي يَنصُ على مبدأ ( اتفقَ العربُ على أن لا يتفقوا ) ، كان بحق لا يساوي قيمة مادة ( البنزين ) الذي استهلكتهُ طائراتهُم في رَحلاتِها من بلدانِهم الى مكان عقد الأجتماع . أما المنامُ في أرقى فنادقِها الفارهة ، والأكلُ الفاخرُ نشتري بقيمتهِ قطاعا أشبه بقطاع غزه . عرَفَ الجَمهور العربي أن هذا الأجتماع كسابقاته هو بمثابة ترشيدِ مواقفٍ واستهلاكِ وقتٍ ، وضَوء أخضر يخرج الى الكيان الصهيوني من السعودية ومصر لأستمرار القصف الجوي وإحداث أكبرَ الأضرار بالبنية التحتية والبشرية في غزة . أبو الغيط المصري يتحدث في مؤتمر صحفي وكأنه عابر سبيل ، لا يستعمل غير مفردات ( التسويف ، والأيام القادمة ) ، بينما همُه الأكبر هو تدمير غزة بالكامل من أجل تدمير حركة حماس . فمَن يَنصرُ غزة َ ياترُى !!!
َ العربي في أوساط الجماهير مازال بخير . فلم تبقَ للأنسان العربي الرغبة بالأستماع الى قادتهِ العرب في تصريحاتِهم وبياناتِهم أو خطاباتِهم لأنه لا يرى فيهم اليقظة ، ويراهُم في غيبوبةٍ مُستديمة . لما أعلنت الجامعة ُ العربية من القاهرة بيانَها الذي شجَببت فيه الجريمة َ الأسرائيلية بحق أهلنِا في غزة ودَعت وزراء الخارجية العرب الى الأجتماع الطارىء الذي بموجبه تم عقد اللقاء في القاهرة بمصر بعد أيام من دعوة الجامعة العربية له . هذا الأجتماع الصِوَري لم يُسفر سوى عن مُنافساتٍ بمواقف الأنبطاح مابين قطر والسعودية ، وأسفرَ عن الألتزام بمبدأ العلاقات العربية العربية الذي يَنصُ على مبدأ ( اتفقَ العربُ على أن لا يتفقوا ) ، كان بحق لا يساوي قيمة مادة ( البنزين ) الذي استهلكتهُ طائراتهُم في رَحلاتِها من بلدانِهم الى مكان عقد الأجتماع . أما المنامُ في أرقى فنادقِها الفارهة ، والأكلُ الفاخرُ نشتري بقيمتهِ قطاعا أشبه بقطاع غزه . عرَفَ الجَمهور العربي أن هذا الأجتماع كسابقاته هو بمثابة ترشيدِ مواقفٍ واستهلاكِ وقتٍ ، وضَوء أخضر يخرج الى الكيان الصهيوني من السعودية ومصر لأستمرار القصف الجوي وإحداث أكبرَ الأضرار بالبنية التحتية والبشرية في غزة . أبو الغيط المصري يتحدث في مؤتمر صحفي وكأنه عابر سبيل ، لا يستعمل غير مفردات ( التسويف ، والأيام القادمة ) ، بينما همُه الأكبر هو تدمير غزة بالكامل من أجل تدمير حركة حماس . فمَن يَنصرُ غزة َ ياترُى !!!
هل ينصرُها مجلسُ الأمن الدولي العاجز بالهيمنة الأمريكية عليه ، أم أنّ هناكَ حلُّ ٌ وسط ٌ ، أم متقدم ؟
إجتماع ُ البرلماناتِ العربيةِ الذي انعقدَ في لبنان هو الأهم ببيانهِ الختامي من بيان اجتماع وزراء الخارجية العرب ، والمضحك أن الكثيرَ من المُجتمِعين غفلوا فسألوا وبعتب عن غيابِ رئيس البرلمان السعودي عن الأجتماع في الوقت الذي لا يوجد في السعودية برلمانٌ على غرار برلمانات البشر من أهل الأرض . أيّ ُ برلمان ٍ هذا الذي يعترف به آل سعود ؟ فلو أرادَ لهُ أن يكون لا يدخل فيه عضوٌ واحد من خارج أفراد العائلة الحاكمة ، أو أنّ علماءَ وزارة الداخلية سيُصدرون فتوى بتحريم تشكيلهِ على أساس البدعةِ والضَلال .
المتتبعُ الحَريصُ لما يَجري على الساحتين ، العربيةِ والدولية يجد أن غزة لم تكن هي المُستهدَفة وحسب بل هناك حالة إضعافٍ وتقطيع ِ أوصال القوى الخَيرة التي يهمها الشأن السوري واللبناني والسوداني ، والجمهورية الأسلامية في إيران وأفغانستان ، ثم الصومال ، وغيرها من القضايا . فمن نظرتي المتواضعة لما يجري أبث سرّي الى العلن لا على أساس التمني وإنما هو حقيقة يجب أن تتحقق من أن شعب العراق سيتعافى ، وسَيمُد يدَه الى أشقاءه ، وستتغير كلّ ُ المَوازين التي تراهن وتزايد عليها أمريكا وحلفائهُا والعُملاء . وما ننتهي به نضعُ أمامَنا حقيقة ً أخرى هو أن هذا الكيان الصهيوني القذر سيندحر وسيُطرَد من على أرض فلسطين في آخر المطاف ، وستتغير أنظمة رجعية لا مُحال . فليس هناك من مَخرج لحل الأزمة ، لا بالأجماع العربي المقيت ، ولا بالانبطاح العربي المَشهود . في كلتا الحالتين تبقى الحلول وهميَة حتى يتقلد شجعان غزة شِعارَ المقاومةِ لتستمرَ المواجهة ُ بالدرايةِ السياسيةِ والسلاح ِ المتيسر ِ والصبرِ الجَميل ، وَكلنا مَعَهُم .
قاسم محمد الكفائي
عراقي مقيم في كندا