د. فايز أبو شمالة
لا يقل “أهود براك” وزير الأمن الإسرائيلي تطرفاً عن “تسفي لفني”، ولا تنقصه عنصرية “أهود أولمرت” ، ولا تغيب عنه أحقاد “نتان ياهو”، إنه بالإضافة لكل ما سبق، الأكثر شجاعة، والذي تم اختياره خصيصاً وزيراً للأمن بعد حرب لبنان، ليعيد بناء الجيش الصهيوني المنهار.
لا يجهل “براك” ما لسلاح الجو الإسرائيلي من قدرة، وسيطرة على أجواء غزة، لذا عمد إلى استغلال هذا التفوق، وإظهار قوة مبالغ فيها في الهجوم المباغت على تجمعات فلسطينية في قطاع غزة بهدف إحداث المفاجئة، والصدمة، ومن ثم الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار من واقع التفوق، لذا وافق براك على المقترح الفرنسي لوقف إطلاق النار من منطلق الحفاظ النسبي على هيبة الجيش الإسرائيلي المحتشد على بوابات غزة بشكل يوحي باستعداده للتقدم، وعمل كل ما يطلب منه، إن موافقة “براك” على وقف إطلاق النار تعني إعفاء جيشه من الاختبار الحقيقي على أرض غزة، ومن راقب الحرب على غزة يدرك كيف تذرع الجيش من البداية باستدعاء الاحتياط، ومن ثم تذرع باستدعاء مزيد من الاحتياط، ثم استدعاء الوحدات المساندة، فكيف يقدم جيش على حرب، ويشرع بالقصف قبل أن يحضر نفسه لها، ويستدعي مسبقاً ما يحتاجه من قوات احتياط، ومعدات؟.
ذلك التردد العسكري في اقتحام غزة، والموافقة السريعة على المقترح الفرنسي لم ترق لشركاء “براك” في الحكم، “أهود أولمرت” وتسفي لفني” اللذان أصرا على رفض الفكرة، ومواصلة الحرب، والتلويح بتقدم القوات البرية، دون دراسة النتائج السلبية لذلك، وهذا ما دفع الكاتب “عوفر شيلح” في صحيفة “معاريف” ليقول: ليت “أهود أولمرت” يقتنع بما هو مقتنع فيه “أهود براك” ولكن على ما يبدو فإن حسابات “أولمرت” حسابات سياسية وليست حسابات عسكرية فقط، فقد نقلت صحيفة /هآرتس/ العبرية عن أولمرت قوله: “أن زعماء عرب يحثوني على عدم وقف العملية العسكرية والاستمرار في توجيه الضربات العسكرية ضد حماس”، دون تسمية تلك الدول.
لقد تعارض موقف “براك” العسكري، مع موقف “أولمرت” السياسي، وعليه فإنني أظن أن تقدم الدبابات الإسرائيلية إلى غزة قد لا يتحقق أبداً، وإن تحقق ففي أماكن محددة، ولمدة زمنية لا تتعدي أيام، وقد يجر عليها التقدم كارثة لم تخطر في بال العسكرية الإسرائيلية ولاسيما أن شباب المقاومة الذين فاجئوا الجميع بقدرتهم على ضرب عمق المدن الإسرائيلية، قد يفاجئون القوات البرية بما لا تعلم، لقد أدرك ذلك الكاتب “عاموس عوز” عندما قال: أن الهجوم البري على قطاع غزة من الممكن أن يؤدي إلى التورط والغرق في أوحال القطاع التي يعتبر الوحل اللبناني بالنسبة له شيء لا يذكر.