محمد أبو علان
في كل أزمة داخلية فلسطينية، وفي كل عدوان إسرائيلي جديد على شعبنا تكون “قناة الجزيرة الفضائية” لها نصيب من هذه الأوضاع عبر اتهامات توجه لها من قبلنا نحن الفلسطينيين وكأنها هي من تنفذ هذه الاعتداءات.
وفي العدوانالحالي على قطاع غزة اللافت للنظر إن بعض الجهات الإعلامية المحلية دخلت على خط بعض السياسيين والشخصيات التنظيمية لمهاجمة الجزيرة وكأن مراسليها هم جزء من العدوان ولا يخاطرون بحياتهم من أجل نقلالحقيقية عن معاناة الشعب الفلسطيني بشكل عام وعن مجازر غزة بشكلخاص في ظل يسعى العالم برمته للتكتم عليها دعماً للاحتلال وسياسته الإجرامية .
علينا الكف من محاكمة الجزيرة من منظورفلسطيني بحت، والكف عن مطالبتها بأن تكون فلسطينية أكثر منا، فقبل ذلك علينا توجيهالنقد لجزء كبير من إعلامنا المحلي المرئي والمكتوب منه، الذي كان له الدور الأول فيالتحريضي على الفتنة الداخلية والسعي باتجاه التوتير ورفع منسوب التشنج الداخلي، وتحول بعض الإعلاميينلدينا لكتاب منشورات وبيانات تحريضية أكثر من كونهم صحفيين ومراسلين عليهم نقلالحقيقية بمرها وحلوها .
استمعت في أكثر من مناسبة لصحفيين عاملين فيالإعلام المحلي كيف إنهم يكتبون الخبر أو القصة الصحفية حسب وسيلة الأعلام التييريدون تزويدها بالخبر أو القصة، واحد العاملين في الإعلام المحلي قال “عندما انقل الخبرلوسيلة الإعلام الفلسطينية انقله بطريقة مختلفة عن تلك التي ارسلها لوسيلة إعلام غير فلسطينية “ فكيف يتم تكييف الخبر حسب وسيلة الإعلام وليس حسب الشروط المهنية والموضوعية التيتفرضها متطلبات هذه المهنة.
وقامت الدنيا ولم تقعد لأن الجزيرة بثت وتبث لقاءاتمع مسئولين إسرائيليين ، لماذا كل هذه الضجة، فهناك جهات فلسطينية تعمل مع جهاتإسرائيلية في مشاريع مشتركة إعلامية وغير إعلامية، ومنها مراكز ابحاث ومراكز استطلاعات رأي عام، ومنهمالصحفيين وغيرهم من المؤسسات الأهلية، وهذا أخطر مليون مرة من بث مقابلة مع مسئول إسرائيليعسكري أو سياسي، وإن كانت الجزيرة تعطي بضع دقائق لمسئول إسرائيلي فهي تبث على مدارالساعة ما يجري في فلسطين وتفاصيل المعاناة التي تنقلها تغيب عنها حتى وسائل إعلامفلسطينية في بعض الحيان.
ولماذا لا ينظر للفضائيات الأخرى، فقبل بدءالعدوان على قطاع غزة بيوم واحد، وبالتحديد يوم الجمعة 26/12/2008 بثت قناة العربية مقابلةعلى مدار ساعة كاملة مع رئيس وزراء الاحتلال “إيهود أولمرت” ولم نجد من انتقدها أوتطرق لهذا اللقاء من قريب أو بعيد، أم أن لغة الاستقطاب والتحيز السياسي جعلنا نرى بعين واحدة.
مما يشير بوضوح إلى أن هذه الاتهامات الموجه لفضائيةالجزيرة تدخل في سياق المواقف السياسية والاستقطاب الداخلي الفلسطيني ولا يحمل أيةجوانب مهنية أو موضوعية، وبدلاً من مهاجمة الجزيرة علينا تقويم وضعنا الداخلي وعلىكل المستويات وبالتحديد في الجانب الإعلامي، ومن ثم البحث عن أخطاء الغير.
*- فلسطين المحتلة.