حسني مبارك .. بين إرهاصات هيفاء وهبي .. و حماس
خرج السيد حسني مبارك علينا بكامل لياقته الثمانينيّة .. ليلقي كلمته … الموجهة للأمة ( و لا ندري أيّ امّة ) .. كانت علامات الزمن قد اختفت عن هذا الوجه … نعم .. فالسيّد حسني .. كان قد استعان بآخر صيحة من الصيحات ( الهيفاويّة ) من نفخ للشفاه ، و شدّ للوجه ، بل و أجزم صادقا .. أنّه قد حقن تجاعيد الزمن بالمستحضر الجديد ” البوتوكس .. أضف إلى ذلك اللون البنّي .. الذي غطى بياض شعر .. أخفاه لأنّه لا يدل على الوقار ,,, و بذلك رجع الرئيس الى شبابه… وخاطبنا خطاب الواثق من رؤيته الاستراتيجيّة للوضع القائم في غزّة .. معتمدا على لكنة معظم الأرتيستات .. بقلب الحروف التفخيميّة … فشنف آذاننا بمفردات مثل ( الضفة ، و القتّاع ) و ( الأًحتلال ) .. و باقي النفايات التي جادت بها قريحته .. و التي سردها بشكل مذهل .. يدل على أن من قام على تحفيظه ايّاها .. قد قام بمعجزة .. حيث ، و أنّه بناء على دراسات علم النفس ، فإنّ الخرفين ممن تقترب أعمارهم من الـ ( 100 ) يحتاجون الى وقت بين ( ستة شهور .. الى سنة ) لحفظ مقطع من ( 30 ) كلمة .. فكيف بكلمة موجهة للأمة ، و بدون أوراق .. مما يثبت و بما لا يدع مجالا للشكّ أنّ العدوان كان قد خطط له منذ زمن بعيد .. وأنّ هذا الحيزبون .. قد أعدّ العدّة للأمر … كما أنّ معدّ الكلمة .. كان يضع يده على قلبه .. خشية فلتتة من هذا السيّد .. تجعله ، و تحت وطأة عمليات التجميل .. يخرج عن النص .. فبتحفنا بـ ” أفيه ” مصري .. و ينطلق مرندحاً بأغنية ” بوس الواوا ” تضامنا مع ” عباس ” و سلطته الشرعيّة ، و استنكاره ، و تنديده بالمجازر التي يقوم بها حبيبه اولمرت ، و باقي العصابة الصهيونيّة .. للقضاء على ” حماس ” التي أذلته ، و سلطته ، و طردته من ” غزّة” ….
وكون الطاقم السياسي الذي يحكم كنانة العرب قد ابتلي بداء .. الكذب ، و الخيانة .. بل و تجاوزها مع ” سليمان ” الى الكَلب .. و رويدا رويدا الى السعار مع ” ابو الغيط ” .. فإنّ رؤيته الاستراتيجيّة لطبيعة هذه الحرب على غزّة .. ستصاب بالإسهال .. نتيجة فشل اسرائيل بضربتها الأولى .. و تجاوز حماس لها .. و بانتظار مفاعيل ما إذا كانت اسرائيل ستغامر بالاجتياح البرّي .. فتصفع صفعة ثانية .. بعد حرب تموز 2006 ، و التي أذل بها ” حزب الله ” القوات البريّة الاسرائيليّة .. و باعتراف جنوده ، و قباداته العسكريّة .. فيفشل كل المخطط ( المباركي – العباسي – الاسرائيلي ) في كسر حماس .. فإننا سنسمع الكثير من هذا المبارك ، و أبو غيطه .. و خلال هذه المعركة التي لم تجروء اسرائيل على اظهار هدفها الاستراتيجي … و كما قلنا تحت وطأة إذلال ” حزب الله “ لها
و كون السيّد حسني ” لا يكذب ، و لكنّه يتجمّل ” فإنّه قد قام بتحليل فلسفي لمفهوم ” المقاومة ” – كان قد سبقه اليه ” بعض عراعير ” الكذبة من الفلسطينيين .. من حيث أنّنا يجب أن نقاوم الكيان الصهيوني ” بالأزاهير ” كونها ترش على الفلسطينيين ” ماء الورد ” من الجوّ .. و أنّ على حماس أن تقبل بالتهدئة .. رغم إغلاق جميع المعابر .. و الحصار الدامي ….
و كون حماس لم تعد تقبل ” بالطاقم السياسي المصري ” كوسيط نزيه .. انظروا الى سخرية القدر .. مصر تصبح وسيط .. بين اخوتها ، و اسرائيل .. فإنّ حماس يبدوا أنّها تسير بخيارها .. نحو المواجهة .. وأنّ السيد حسني كان يحاول بكلمته هذه ” أن يلّمع ” وجه سياسته ، و الذي لم يعد مقبولا على الصعيد الشعبي المصري ، و العربي … سيّما ، و أنّ ” سليمانه ” قد كشف عن هذا الوجه .. بمجرد وصول ” الدحلان ” ، و كل القائمة الأمنية المطرودة من غزّة .. الى مطار القاهرة لاستكمال خطة ” طرد حماس “.. مع استعداد ” عباس ” ، و ” نمره الورديّ ” حمّاد .. لقمع المظاهرات ، و منع المشاغبين من ائئمة المساجد من تحريض الشعب لمساندة حماس … إضافة إلى انكماش دور “ أبو الغيط “، و هرولته الى تركيا .. التي تبدو غيريّة على ” الفلسطينيين
” اكثر .. من بعض ” العباسيين الدحلانيين ” ، و المستعربين ممن دأبوا على ترديد عبارة ” امارة حماس الاسلاميّة ” ” طالبان حماس ” .. الخ من المفردات المسطحة … التي لم تعد تنطلي على أحد ، و التي تثبت أن العقيدة الصهيونيّة ليست بحمل جواز سفر ” اسرائيلي ” أو بالانتماء لأي .. لوبي صهيوني .. بل بالعدوى …. و التي تحتاج إلى أربعين إبرة في السرّة .
إنّ المستهدف شعبيّا ليس ” مصر العروبة ” فليريح أنفسهم من يدّعون الحميّة على مصر .. فالشعب المصري في غير واد .. و لكنّها هذه القيادة المتصهينة .. الرابضة على صدر مصر .. و التي خططت مع إسرائيل ، و تشارك بالتنفيذ عبر حصار غزّة عن طريق ” معبر رفح ” .. طبعا نحن لا نبرىء هنا النظام الرسمي العرباني .. حتى من الذين يقفون مع حماس .. لأنّ هذا ظاهر الأمر .. و باطنه أنّ الجميع ” هو حسني مبارك ” مع اختلاف بالميول ” الهيفاويّة ” … يشترك بهذا الأمر عباس ، و غيره من القيادة الفلسطينيّة المرتهنة … التي تتباكى على شهداء غزّة .. و أنّ الأمر ببساطة هو الانتهاء من ” الملف الفلسطيني ” كما ترغب إسرائيل ، و أمريكا الراكبتين على ظهر هذا النظام .. حيث لم يبقى الاّ حماس ، و الشعب الفلسطيني ( ممن ارتضى طريق المقاومة .. على غير طريقة رمي الأزاهير ) شوكة تقف في حلق هذا التحالف .. و الى أن يأذن الله .. فإنني مازلت أكذّب حسني مبارك .. و اصدّق حماس .. إنّ كرة الثلج بدأت تتدحرج ..و المنتصر هو من يقرر شكل المرحلة المقبلة .. و انصح ” عباس ” منذ الآن بإعداد حقائبه .. لإخلاء المقاطعة .. مع تطمين الخائفين ” من الإمارة الإسلامية ” بأنّهم يستطيعون الدخول الى غزّة ، و ممارسة حريتهم الشخصيّة .. حتى لو كانت صلاة إلى ” الجدار “