عبر مركز البحرين لحقوق الإنسان عن بالغ قلقه اثر تصريح وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة الذي أدلى به بعد قمع القوات الخاصة لمسيرة سلمية في يوم الجمعة الفائت الموافق 19 ديسمبر 2008، كانت قد دعت لها جمعيات سياسية ومؤسسات مجتمعية للتضامن مع قطاع غزة المحاصر بفلسطين.
ودون سابق إنذار، فقد داهمت القوات الخاصة والمشكلة من قوات أجنبية المشاركين في المسيرة- من أطفال ونساء ورجال- بوابل من الغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي، سقط بسببها الكثير من النساء والأطفال، كما قامت تلك القوات بملاحقة المشاركين الذين هرعوا لمواقف سياراتهم داخل القرى المجاورة هرباً من ذلك الاعتداء. وفي إطار سياسة العقاب الجماعي التي تتبعها المؤسسة الحاكمة في البحرين ، قامت القوات الخاصة بعد ذلك بفرض طوق أمني شديد على قرية السنابس، تبعه تمشيط أزقتها بمجموعات عديدة من تلك القوات مشياً على الأقدام وبالاستعانة بالطائرات العمودية وبالسيارات المدرعة ، مطلقة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي على أي تواجد بشري.
وفي نفس المساء ، أصدر وزير الداخلية وهو عضو من الأسرة الحاكمة تصريحات تنذر بمزيد من القمع والاستبداد والتضييق على حرية التجمع والتظاهر من خلال إدخال تعديلات على قانون التجمعات رقم 32 للعام 2006م ، بما يضمن بسط يد السلطات الأمنية على أي مسيرة أو اعتصام وتبرير استخدام القوة وكل ما يلزم للمحافظة على النظام- كما جاء في تصريح الوزير. وتشمل التعديلات المقترحة المادتين الثانية والثالثة عشرة من قانون التجمعات المدان دولياً، لتحميل المنظمين لأي مسيرة أو اعتصام المسئولية عن الأضرار التي تحدث عند خروجها عن “الأهداف المرسومة لها أو عند أي تجاوز للقانون والنظام”.
وقد زاد الوزير من لغة التهديد عندما صرح بأن”وزارة الداخلية ستقوم باستخدام الصلاحيات القانونية المقررة في القانون لضبط وحفظ النظام والأمن العام سواء تلك المقررة في قانون الاجتماعات أو غيره من القوانين الأخرى وذلك بزيادة الإجراءات الأمنية مستقبلا.
من جانبه علق نبيل رجب – رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان- على تصريحات وزير الداخلية متسائلا:”إلى أين يريد سعادة الوزير أن يصل بالبلاد من خلال هذه السياسة في استهداف ما تبقى من المساحة الضئيلة للحرية، التي قيدتها القوانين المقيدة لحرية التجمع والتعبير في قانون التجمعات والمسيرات، إلى متى سيتم محاصرة النشطاء من حقوقيين وسياسيين بقانون العقوبات المدان دولياً الذي يكمم الأفواه ويسجن الأفراد بسبب آراءهم، وقانون الإرهاب الذي يحاكم النيات، وقانون المطبوعات الذي يدين ويسجن الصحفيين لأرائهم، وقانون الجمعيات الأهلية الذي أغلق ويغلق الجمعيات الحقوقية لممارستها عملها؟” وتابع رجب:” أين هو الإصلاح الذي يتحدثوا عنه، فماذا تبقى للناس من حرية يريد أن يسلبها الوزير؟” وأضاف:” أصبحنا نعيش في دولة كالدول الدكتاتورية القمعية، حيث سيادة لغة البطش وتكريس حالة من الطوارئ والاضطراب الأمني، فلم يعد يمر أسبوع لا تقوم فيه قوات الأمن وميليشياتها المسلحة بقمع مسيرة أو اعتصام سلمي “.
ولهذا يطالب مركز البحرين لحقوق الإنسان السلطات البحرينية :-
1- بأن يكف وزير الداخلية عن تهديد المواطنين ومؤسسات المجتمع المدني مستعملاً لغة القوة والقوانين المقيدة للحريات والمنتهكة للمواثيق الدولية.
2- بتعديل قانون التجمعات رقم 32 للعام 2006م بما يتوافق مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه البحرين في سبتمبر من نفس العام، مع الأخذ في الاعتبار مؤاخذات وملاحظات المنظمات الدولية التي علقت على القانون إبان إصداره ومنها منظمة هيومان رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية ومنظمة المادة 19.
3- تكف وزارة الداخلية عن انتهاج سياسة العقاب الجماعي للمناطق والقرى البحرينية والاستخدام المفرط للقوة وأن تبعد عناصرها الأجنبية والمدنية المسلحة ” المليشيات “عن المسيرات السلمية.