عبد النبي حجازي
في هذا اليوم الأول من العام الجديد وغزة غارقة في الدم والدمار تتزاحم الأسئلة وتتعاقب سؤالاً يُناط بسؤال بأجوبة أقسى من الحجارة تقرع الرأس ـ هل يبيض الحمار وتلد الدجاجة ؟ ـ هل ينعق البوم فوق رؤوسنا إلا يدود الخل ينغل فينا جواسيس وخونة وعملاء ومتخاذلين ومعتدلين ؟ ومالفرق بين من يعرقلون اجتماع القمة وحفاري القبور أولئك ينتظرون المصاب حتى يموت فيجردون معاولهم ؟ ـ هل صحيح أن الحرب بين أمريكا وإسرائيل ودول المصالحة والاعتدال وبين حماس تعني محاربة الإرهاب ؟ هل صحيح ماقالته (سيبني ليفني) للرئيس مبارك (نريد استئصال حماس) ؟ ـ وهل تفرق طائرات (ف 16) والأباتشي بين حماس وبين الشعب في غزة ؟ ـ هل أصبحنا عرباً بائدة: عاد وثمود وطسم وجديس ؟
بعد كل هذا الحصار والتجويع وقطع الماء والكهرباء ، وبعد هذه الإبادة الجماعية بلا مقصلة ولارصاصة قرابة العامين ، وبعد أن أخذت الطائرات تنقضّ خلال خمسة أيام موصولٍ ليلُها بنهارها وتلقي أطنان القنابل بكل الهمجية على المساكن والمستشفيات والمساجد لاتستثني طفلاً ولا امرأة ولا مدنياً ولاشرطياً .. بعد كل هذا يقول (إيهود باراك) إنها (حرب بتفوق أخلاقي!) إن هذا الكذب وهذا النفاق ليس جديداً عليهم ولا على بوش الآيل إلى السقوط ، ويقولون إنهم يريدون أن يربّوا حماس لأنها قليلة التربية تطالب بوقف المجازر الهمجية وتطالب بفتح المعابر لإمداد الجائعين بالطعام والمرضى بالدواء . ويقول أولمرت وليفني وآخرون إنهم لايعنون الشعب في غزة وهم يقتّلون ويفظّعون ويخرّبون ، لايتركون شبراً على طول غزة وعرضها وكأن هذه الضحايا بالآلاف ليسوا (شعباً) ، وكأن هذه الحمم التي يصبونها فوق الرؤوس بالأطنان باقات ورد ، وأرغفة ، وقارورات من الماء النمير , ويقولون ويقولون وتقوم المظاهرات في (معظم) الدول العربية والإسلامية , وفي بعض المدن الأمريكية وبعض الدول الأوروبية .. والكيانات العربية ليستْ سوى أقفاص تصيح منها الديوك , أفرغوا مافي الجيوب لنجدة أمريكا بعد أن بذّر أموالها دبليوبوش بحروبه الظالمة في أفغانستان (الإسلامية) والعراق (العربية) وعفّوا عن تقديم فلس واحد لمحاصري غزة , وياليتهم آثروا الصمت فقد تناغموا في تصريحاتهم مع مقولات زعماء إسرائيل في حماس (إرهابية) على أنهم أعداء الإرهاب ! ورفع محمود عباس راية أمريكا وإسرائيل مبرهناً عن صدق إخلاصه ووفائه لمن ندبوه لمهمته .
وآه يامصر يامن كنت ملاذ المفكرين والسياسيين العرب الذين لجأوا إليك هرباً من الاضطهاد العثماني . آه يامصر التي حضنتِ الفنانين السوريين وجعلتهم نجوماً متوهجة: أبو خليل القباني , زكي طليمات , أنور وجدي , فريد الأطرش ، أسمهان . ووردة الجزائرية .
آه يامصر عبد الناصر التي تبنّيت حركات التحرر العربية ، ولملمتِ جروح العرب وآهاتهم , وتبينت القضية الفلسطينية , وآه ياشعب مصر الطيب يامن بذلتَ الضحايا وجدتَ بالأموال اقتطعتها من لقمة عيشك .