محمد عايش
طائرات الاحتلال العدوانية ليست جديدة على سماء غزة اطلاقاً، فالغزيون يعرفونها جيداً، وكثير منهم يستطيع أن يحدد طرازها بمجرد سماع الصوت.. فأطفال غزة ونساءها وعجائزها وشيوخها تحولوا الى خبراء في العدوان الجوي.
ليس جديداً بالمطلق أن يرتكب الاسرائيليون مجزرة، فهم لا يضيعون فرصة للولوغ في الدم الفلسطيني الا ويقتنصونها، أليسوا من ارتكب مذبحة ديرياسين؟ وقانا؟ وبحر البقر؟ وجنين؟ وصبرا وشاتيلا؟.. ألم يشرب شارو من دماء الفلسطينيين حتى شبع، وملأ كرشه حتى ثمل؟!
هذا كله ليس جديداً، ووحشية الاسرائيليين تحصيل حاصل لا ينبغي أن ننشغل فيه كثيراً، فعندما يتحولوا الى بشر يمكن أن نبحث عيوبهم، أما ما داموا حيوانات متوحشة غير أليفة، فلا غرابة في اقترافهم الجرائم، سواء في غزة أو الضفة الغربية أو جنوب لبنان.
الجديد الوحيد في هذه الحرب العدوانية الوحشية أن أطرافاً عربية تشارك للمرة الأولى علنياً في الأعمال العسكرية المباشرة، فالنظام المصري دفع بأفضل جنوده وبكل ما يملك من عدة وعتاد الى معبر رفح لضمان أن لا يتسلل أي جريح فلسطيني ليغثه أشقاؤه من المصريين الشرفاء!
الجديد في هذه الحرب أن النظام المصري قدم الدعم اللوجستي المباشر على الأرض لهذا العدوان بأن منع طائرات الاغاثة القطرية والليبية والسعودية، ومنع قوافل المساندة الشريفة من أبناء مصر الشرفاء، لتتضاعف أعداد الشهداء، وتتعاظم المجزرة، وتتعقد الكارثة!
الجديد في هذه الحرب أن الجيش المصري ولأول مرة في تاريخه، منذ ما قبل قيام الدولة العثمانية، يُطلق النار على الفلسطينيين، لئلا يُفكر أي منهم في اللجوء الى مصر لتلقي العلاج، أو شراء الطعام أو الشراب!
الجديد في هذه الحرب أن النظام الرسمي العربي أصبح عارياً كما لم يتعرَّ من قبل، وأن أعداء هذه الأمة من الصهاينة الناطقين بالعربية أصبحوا أكثر شهرة من ذي قبل!
باختصار.. الفلسطينيون لم يتفاجؤوا بطائرات العدوان، وانما تفاجؤوا بتواطؤ الاخوان!!
* المقال خاص بجريدة “الوطن” الصادرة في أمريكا.