مسامير وأزاهير ( 42 ) … يا ريّس … هل سمعت بما فعله ( رجب طيب أردوغان )!!!.
استوقفني حقيقة موقفان مختلفان جاءا بُعـَيـْد مجزرة غزة … أحدهما كان لرئيس وزراء تركيا حين أعلن عن إنهاء وساطته بين سوريا والكيان الصهيوني كرد فعل سأبينه لاحقاً … وثانيهما ما جاء بخطاب التبرير وسوق الأعذار والحجج لرئيس جمهورية الشقيقة الكبرى مصر فكان خطابه ذاك أشبه بجبل وقد تمخض فولد فأراً!!!، وكي تستكمل فكرة مقالتنا فإننا رأينا أن نعيد ( للتذكير ) رسم مشهد ما قبل المجزرة الصهيونية … وتحديداً من قاهرة المعز عشية بدء المجزرة الصهيونية … لننطلق على هدىً فيما بعد بقطار حديثنا لنمر على ما يجري الآن على أرض وأجواء غزة!!!.
المشهد بالأمس …
أولاً … قيل بأن دعوة خاصة قد وجهت لوزيرة خارجية الكيان الصهيوني ( تسيبي ليفني ) لزيارة ( قاهرة المعز ) وبدعوة خاصة من الرئيس مبارك … فرأيناها وقد جلست مطمئنة وهي تحاوره والابتسامة الصفراء ما فارقت وجهها ثم تصافحا وهما جلوس حيث أدارا وجهيهما لكاميرات تخليد المناسبات لتسجيل لقاء العار ذاك!!، ثم أكملت حوارها مع نظيرها وزير خارجية مصر فتبادلا ( الأفكار !!) وسمع كـُلٌ وجهة َ نظر الآخر … ثم قامت من مكانها لترعد وتزبد وتطلق تهديداتها على مرأى ومسمع وزير خارجية الشقيقة الكبرى مصر ومن أرض قاهرة المعز ، فيما رأينا الأخير وقد شبك أصابع كلتا يديه وهو يصيخ سمعاً باهتمام لها ليرد بعدها مكتفياً على ضرورة قيام الكيان الصهيوني بضبط النفس من جانب فيما وجه حديثه لأبناء غزة ( مقطب الجبين والحاجبين !!) للتفكر والتدبر في تهديدات ليفني تلك !!!.
ثانياً …فإذا بصواريخ طائرات الكيان الصهيوني المقاتلة تنهال على مدينة غزة المحاصرة في اليوم التالي وبالعشرات غير آبهة للقائها بالرئيس المصري وما جرى من حوار معه، وغير مكترثة لتوسلات واستعطاف أبي الغيط بضرورة ( ضبط النفس ) ، ليسجل الكيان الصهيوني ( وكعادته ) بذلك مجزرة جديدة في غزة لتضاف إلى سِفـْر ِ جرائمه التي ارتكبت بحق شعبنا من قبل مجازره في دير ياسين وكفر قاسم وقانا وبحر البقر… وقائمة المجازر مستقبلا مرشحة بالزيادة والاتساع!!!، فتساقط على إثرها مئات الشهداء والجرحى فيما صارت عشرات المباني والبنى التحتية في غزة أثراً بعد عين … فقامت الدنيا لذاك الفعل الوحشي ولم تقعد … وخرج إثرها عشرات ألوف أحبتنا من أبناء مصر العروبة والعطاء والبذل تحديدا وفي عشرات المدن والمحافظات المصرية تضامناً مع أبناء غزة من جانب واستنكاراً لموقف رئيس نظامهم من جانب آخر مطالبين بفتح معبر رفح الحدودي ( المصري الفلسطيني ) والذي بات التحكم به عن بعد ومن خلال روموت كونترول “إسرائيلي”!!!.
المشهد الآن …
أولاً …
وانتظرنا على أحر من الجمر والغليان يكاد يفجر عقلنا لهول ما يحدث … فمر يوم … وثان ٍ … فثالث ٌ… فرابعٌ … إلا أن المجزرة تأبى إلا أن تستمر !!، فيما قوافل الشهداء تزف من قبل أهلها مستبشرة قانعة إلى بارئها وهي مضرجة مضمخة بدمائها الطاهرة، كما وأن أعداد الجرحى بتزايد متسارع ، والحصار على غزة ما زال صامداً وأبناء غزة يعانون جوعاً وعطشاً وقلة دواء وقصف وحشي ما توقف!!!.
ثانياً … وفيما تتواصل المشاعر العربية الغاضبة المستنكرة عموماً والمصرية خاصة مطالبة برد العدوان وإيقافه وإنقاذ أبناء غزة من جريمتيّ الحصار الثلاثي الجائر ( الدولي العربي الصهيوني ) والقصف الهمجي الوحشي، فتوقعنا من باب رفع العتب أن يستجيب النظام المصري ، وانتظرنا قراراً مصرياً يصحح سوء الظن الذي لحق بهم ، وتمنينا أن يخرج الرئيس المصري عن صمته ( الرهيب !!) بعد خمسة أيام من بدء الجريمة ليعلن عن بشرى فتحه لمعبر رفح ( المصري الفلسطيني ) وذلك امتثالاً لمطالب أبناء شعبه المصري ومن أجل امتصاص نقمة
أبناء شعبه على أقل تقدير أولاً وكرد اعتبار لمصر العروبة ثانياً ، وكنا نتوقع استفاقته من غيبوبته التي طالت طويلاً ليعلن عن ندمه لاستقباله لليفني ليلة بدء المجزرة الوحشية وعلى أرض العروبة مصر ، وكنا نتوقعه وقد خطا خطوة شبيهة بتلك التي خطاها رئيس وزراء تركيا ( رجب طيب اردوغان ) حين أعلن الأخير عن إيقاف وساطة تركيا في المفاوضات بين سوريا والكيان الصهيوني ، أن يعود الرئيس المصري لتحمل مسؤولياته ( القومية والشرعية والإنسانية ) اقتداءاً بما فعله ( رجب طيب اردوغان ) حين جاءت ردة فعل الأخير سريعاً وغاضباً فاعتبر جريمة الصهاينة في غزة هاشم بأنها إهانة كبرى كانت قد وجهت لبلاده على خلفية لقائه بايهود باراك وزير) العدوان !!) الإسرائيلي وقبل خمسة أيام من تنفيذ مجزرة غزة فيما لم يبلغه الأخير عن اعتزام كيانه ضرب غزة!!، فإذا بالرئيس المصري يظهر أخيراً … وأخيراً من على شاشات الفضائيات وهو يعلن بازدراء واستخفاف بمشاعر أبناء شعبه الغاضب أولا ً وإمعاناً بغرس الخنجر في أظهر أبناء غزة ثانياً من أنه لن يفتح المعبر إلا … إن عاد الرئيس الفلسطيني عباس لغزة من جانب وبحضور المراقبين الدوليين من جانب آخر وهي أسباب لعمري أقرب للسخف والتدليس والهروب باتجاه العدو!!!.
هذا والله ملخص ما جاء بقرار الرئيس مبارك وما أكده يوم أمس حين أعلن وبطريقة التورية والالتفاف عن اصطفافه التام مع الآلة الحربية التدميرية الصهيونية واستمرار دعمه لنهج الكيان الصهيوني لسحق عظام وتمزيق أشلاء وإكمال مسلسل ذبح أبناء غزة … أو …. استسلام ورضوخ من وقعت المجزرة بحقهم لإملاءاته وأشتراطاته التي جاءت على لسانه حين أعلن التزامه باتفاقية المعابر التي لم تكن بالأساس شأناً مصرياً كما ولم تكن لمصر علاقة بها لا من قريب ولا من بعيد، هذا من جانب ، وتمسكه بعناد بعقدة الخلاف التي من أجلها حدث الفراق والخلاف الفلسطيني الفلسطيني من جانب آخر، مدعياً كذباً سعيه لعدم ترسيخ الانقسام الفلسطيني !!!.
كم تمنيت ساعتها أن تبتلعني الأرض فلا أستمع لخطابه ذاك فزاد الطين بلة حين راح الريّـس مبارك يخوض في بركة دماء مجزرة أبناء غزة مما زادنا يقيناً فوق يقيننا السابق من أنه كان وبسابق ترصد وإصرار ضليعا بتلك المجزرة ولمرتين اثنتين :
1- حين التزم هو ووزير خارجيته الصمت المطبق حين أطلقت تسبي ليفني تهديداتها من عقر دارهما في قاهرة المعز!!.
2- وحين استمر على موقفه الرافض بعدم مداواة جراحات أبناء غزة من خلال إعلانه رفضه فتح المعبر ( المصري الفلسطيني ) كرد اعتبار للإهانة والاستهزاء الذي طاله ونظامه ودولته كما بيناه آنفاً ومجاراة وتشبهاً بموقف رئيس وزراء تركيا!!!.
كنا نتوقع أن خطاب الرئيس المصري سيكون على مستوى ردة فعل الشارع المصري وغضبته واستنكاره وما يطالب به، لكنه أكد بخطابه ذاك من أنه كان مرتبطاً بأجندة تمس إلى حد كبير بالبعد القومي العربي، كما وأكد عن انحيازه التام لوجهة نظر فلسطينية دون أن يقف في منتصف المسافة بينهما حين أصر على فرضها كمدخل لفتح معبر رفح فكان بذلك دليلاً ساطعاً وبرهاناً ناصعاً من أنه لا يصلح الآن ولا مستقبلاً كي يكون راعياً نزيهاً حيادياً شفافاً للمصالحة الفلسطينية الفلسطينية ، كما وأنه بإعلانه ذاك قد اقترب كثيراً في محاكاة ممارسات بوش اللعين حين تبنى الأخير وجهة النظر الصهيونية فيما ادعى أنه راع نزيه وحيادي للسلام والتسوية في الشرق الأوسط !!!.
فهنيئاً لك يا ( ريّـس ) مبارك بمستشاريك السياسيين الذين أشاروا عليك أن يتضمن خطاب تبريرك إشارة واضحة بعدم فتحك للمعبر لتكون حجة لك بعدم تكريس الانقسام الفلسطيني!!!. فأي تكريس للانقسام يا ( ريّـس ) ذاك الذي قد يحدث إن قررت فتح المعبر فأدخلت الادوية والغذاء والوقود إذا ما أخذت بالحسبان حراجة الوضع في غزة وأيقنت أن الوضع الآن هناك هو وضع استثنائي إنساني إن لم تكن لديك رغبة حقيقية في تبني موقف عربي قومي مشرف!!!. ثم وأي مخالفة لاتفاق عام 2005 والذي ما كنت يوماً يا سيادة الريّـس المفدى أحد أطرافه !!!.
لي كلمتان أخيرتان …
لك العذر يا ( ريّـس ) فيما فعلت وصنعت وقلت إذا ما تذكرنا ما قاله الشاعر يوماً :
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام!!!.
ولأبناء غزة الصامدين الصابرين المرابطين أردد ما قاله الإمام الشافعي ( رحمه الله ):
ولرب نازلة يضيق لها الفتــى ….. ذرعا وعند الله منها المخـرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها ….. فرجت وكنت أظـنها لا تفرج
سماك برهان الدين العبوشي