د.جـمال سالمـي
إذا كان عمـيد وزراء الجـزائر بوبكر بن بوزيد قد فاجأ جميع المواطنيـن، وخاصـة الإسلامـيين، دعـاة كانـوا أو سياسـيين محترفين، بقـرار منع الماكـياج واللـباس غير اللائـق داخـل المدارس والثانويـات، فقد أزاحـت طائـرات شقـراء تل الربـيع، ضابطـة الموسـاد الشقـية ليفـني، كل مساحـيق صهايـنة بني إسرائـيل وأعـراب الخيانـة والمذلـة والهـوان..
حريـة الحرائـر
خلافـا لأغلـب الشـوارع العربـية والغربـية، لم تشـهد الجزائر الثوريـة المجاهـدة أيـة مسـيرة غاضـبة ضد الإبادة الصهيونية لقلعة المقاومـة الفلسطينـية في غـزة، واكتفـى بلخـادم وحـنون وسلطاني بتجمـعات جماهيريـة صغـيرة ومحـدودة داخـل القاعـات المغلـقة، أو أمام مقـرات أحزابـهم النائمـة..
وقد أنقـذت أحـداث غـزة بسرعـة البـرق أقـدم وزيـر جزائـري من حـرب إعلامـية شرسـة وضغـوط سياسـية وإداريـة غير محدودة، تأهـب لشـنها بقايـا تيار الغربـنة والفرنسـة والأمركـة، بعد أن فاجأهم بن بوزيـد بقـرار لم يتوقعـه أشـد الإسلامـيين تفاؤلا، يقضي بمنع فتيات الجـزائر، حـرائر الغـد، من استخدام مساحيق الماكياج داخل المدارس والثانويـات، وكذلك من ارتـداء ملابس غير لائـقة..
غـزوة غـزة
إنه غـدر عربـي مبيـن، يـكرر نفـس سيناريـو تأليب الأعداء الأوغـاد الصهايـنة على حـزب الله في لبـنان، ذات صيـف بطولـي شـامخ في تمـوز/جويلـية 2006، وقبـله تمـويل واسـع النطـاق لحمـلة الإنجـيلي الغبـي بـوش الثانـي والأخـير على عراق النشامى الذي أحالوه ركاما ملعونـين..
فقد كان غـوث الوزيـر المصـري أبي الغيـط للمستضعفـين الفلسطينـيين المنكوبـين في دولـة الجـوار المحتلة: تبريرا أعرابيا غريبا لعـدوان صهيونـي سافـر، سرعـان ما فضـح مؤامـرة معسـكر الاستسـلام، دول الطـوق ضد حـماس وغـزة..
لقد فضحـت المواقـف الرجولـية البطولية لأعاجم المسلمين تركيا وإيـران مـدى انهـيار النظـام الرسمـي العربـي وتهافـت قادته، مع استثـناء أسـد سوريـا وأميـر قطـر، على استرضـاء العـدو مهما فعل، خوفـا من خـيال أمريكا راعـي الخنجـر الصهيـوني منذ الأزل..
شقـوة الشقـراء
ليسـت طائـرات الشقـية ليفـني من ضربت شرطـة غزة وأبرياء القطـاع العـزل المساكـين، إنها أحـقاد الأعـراب الجبناء، أطماعهم في ركـوب موجـة الاستسـلام المجـاني المهـين، لمخطط أمريكاني يهودي مقبـور، بجـعل الشـرق الأوسـط وشمـال إفريقـيا بحيرة هيمنة غربية هادئـة، تشـرف عليه رسمـيا واقتصاديـا دويلـة الصهاينـة الزائلة مهما طالـت المحـنة وتمـددت السنـون..
جريـرة الجزيـرة
بينما تعامـل إعـلام معسـكر الاستسـلام باستهـتار غير لائق وغير مقبـول إطلاقـا مع محـنة شعـب الجـبارين في غـزة، تألق مرة أخرى فرسـان الجـزيرة، وبدرجـة أقل ثوار المنار والحوار والزميل التونسي الدكتـور الحامدي صاحب المستقلة، فتحـولوا طـوال أيـام القصـف والغضب، تماما مثلما فعلـوا في أفغانسـتان والعـراق ولبـنان، إلى جنود إعلاميين رفعوا عاليا رؤوس العـرب..
غير أن جـريرة الجـزيرة ظلـت، رغم ضرورات الاحترافية ومقتضـيات المهنـية وضريـبة العالمـية، توقـيت استضافة المتحدث باسم جـيش العـدو الصهيـوني صبيحـة الغارات المفاجـئة، لولا أنقذهـا الزميل عبد الصمـد على المباشـر ببراعـة إعلامـية مشـكورة..
بعيـدا عن البـكاء..
رغم أن لغـزة، كما كان للقدس وبغداد وبيروت، رب جبـار قهـار قـوي يحمـيها، لكن الحـل الحـقيقي يبدأ من هناك، من صدور وعقـول الأحـرار والأبـرار والأطـهار، ومن غـرف التخطيط العربية الذكـية: لا بـد فعلا من بناء دول قويـة، سياسـيا واقتصاديـا وعسكريـا، غير مرتهـنة في قراراتـها وبرامجـها لعـدو أو حلـيف، وغير تابعة غذائيا ومالـيا وفكريـا لغـرب خـائن حـقود، لم يخـف يومـا استهـتاره بالأعـراب، واحتضانـه للصهايـنة، بل تحـيزه اليومي المستديـم لحروب الإبـادة التي تشنـها أمريـكا الصغـرى في قطـاع فلسطينـي صغـير..