وجدان عبدالعزيز
تبقى مساحات الشعر مفتوحة كمساحات جمال لا يشبع الانسان الشاعر من التجوال داخل اروقتها وتظل شفرته الخاصة متيقضة لالتقاط ماهو الاجمل الذي يعبر عن رغبات تقطن الاعماق كامنة وتتوسل الظهور ، لكن انى لها هذا والانسان الشاعر يزاور ما بين الاختفاء والظهور ام التلون في تحميل الكلمات باضواء مشعة والذي يساعد للوصول الى البوح مثلما فعلت الشاعرة امال جبارة وبدأت في رسم المفاتيح على سلم الكلام تقول :
(يرسم المفاتيح على سلم الكلام
وينساب لحنا / بوابة ضوء)
وكأني بها مضطربة بين الامساك باللامرئي او الامساك والركون الى المرئي هذه الانسيابية الحرة تقول عنها :
(هذا المترقرق كالحلم في زوايا الروح
يورثها مناسك الطواف بالشمس)
حتى تتصير الشاعرة الى كيان ينتهي في التماهي حلما في زوايا الروح لان الانسان داخلها يبحث عن النقاء وصدق الحب ..
(يحيل الى البصر تفاصيل الرؤى ويلملم
الصمت دهشة الخلاص)
قالت رؤى ولم تقل رؤية ثم انها عمدت الى الصمت ، لانه اذا كان الكلام من فضة فان السكون من ذهب وهو بحث جمالي عن ماهية الاشياء وتحاول التكتم على صوتها حينما تذوب في الاخر وتحول الضجيج الى صمت والصمت كلام اشاري يتحدث في الخفاء لماذا؟ تقول :
(لاريك غرور المعنى في خباياك
وكان بالامكان اكثران اسكن غيابك
فتكبر ملامح الظل في ثناياك)
أي تكبر ملامح المعنى الذي ابحث عنه فاشد الرحال الى الصبر رغم ان (…الوقت حينذاك يتبجح بالفوات) لكن (تنفس الالم ملأ الوقت وكان وجهك يضرم في الصمت جنون الكلام) وهكذا تأخذك بسياحة جمالية تبريرية معلنة في اكثر من مكان ان الانسان سبب وجوده البحث عن الجمال والسعادة ، حتى انه اذا صمت غرق في بحر التأملات بحثا عن مخرج للوصول الى بر الامان ، ولهذا ان الانسان الشاعر في داخلها وسيلته اللغة ، لذا عمدت الى المغايرة واحداث الانتباه والدهشة في ثنائية متضادة / الصمت /الضجيج او الصراخ ، بيد انها تسكن الغياب تقول :
(لاريك غرور المعنى في خباياك
وكان بالامكان اكثر ان اسكن غيابك)
وهنا هدأت روح التوتر والتضاد بين الصمت والصراخ والمكان تحول الى الوجع حتى تعرى الانسان عندها من الزمكانية واصبح كملامح الظلال ..
(وكان وجهك يضرم في الصمت جنون الكلام)
وهو وجه غير مرئي في الاحلام لانها تقول انا
(ساهرة كنت في عمى القصيدة
اكابر عتمة المعنى وعسر الرؤى)
فاعلنت بفصيح العبارة انها تبحث عن المعنى الذي يوصلها الى معنى تقريبي من بحثها لتقول :
(سانفذ الي من جهة لا تطالها المسميات
وساقفل الوقت على الحلم …)
وهذا ديدن الانسان الشاعر يبحث عن فردوس مفقود ولا يجده الا في الاحلام فهو يعمد لتهشيم الزمكانية ، ليحلق بعيدا في الاعالي ، كي يتلمس طريق الحقيقة …
من هذ اقول ملائكة الارض هم الشعراء الذين يبحثون عن الطهارة والنقاء فتراهم ينزعون عن الحسي المرئي الى الحلم واللامرئيات وهذا ما اكدته الشاعرة امال جبارة بقولها :
(انا ياهذي الامنيات لم اشع سرك لعقاربها)
حتى تقول :
(لحظة اكسيرية
هي التي ينعكس فيها وجه الله على ماء عيوننا)
هكذا تتبلور عطاءات الشعر في مساحات الجمال انها عطاءات لا مرئية تثير المتعة ولذة الاكتشاف في رحلة مستمرة لا تتعب الروح انما يتعب منك الجسد فقط فتخلد الى النوم وسادتك الكلمات والجمل الى بعد حين ….
قصائد / اقترافات والتباس واحتراق للشاعرة امال جبارة