د. فايز أبو شمالة
لم يكف الكاتب عدلي صادق عن مهاجمة تنظيم حماس، وظل عبر مقالاته في صحيفة الحياة الجديدة وفياً لقناعاته السياسية، صادقاً مع انتمائه التنظيمي، محملاً حماس مسئولية الانقسام، ومحذراً من خطر تواصله على القضية الفلسطينية، لقد ظل هجومياً حتى السابع العشرين من ديسمبر تاريخ المحرقة التي نفذتها الطائرات الإسرائيلية بحق المئات من أبناء قطاع غزة، المحرقة التي تذكيها نار الحقد اليهودي، ويكتوي بنارها الشعب الفلسطيني الذي رضع من صدره الكاتب حليب الوطنية، فكتب من منفاه مقالاً، أو شعراً أملاه عليه الدم النازف في شوارع غزة، يقول: شهداء غزة، اليوم، موصولون بشهداء جنين في الأمس القريب. الدم والإنسان والدمع والمصير، نقاط التقاء المجموع الفلسطيني، ويواصل الكاتب ابن تنظيم فتح بعد أن سحب خنجر النقد من ظهر حماس، وأغرز خنجر الحقد في صدر الأعداء قائلاً: كلما صبوا نيرانهم علينا، أحببنا الوطن أكثر. وكلما استهدفوا فريقاً منا، اقتربت أغصان الشجرة الفلسطينية، من بعضها البعض، لكي تقاوم الريح العاتية. وبلهيب النار التي تتلظى حقداً، نتعلم الدرس البليغ، ونستعيد العنوان القديم لعدونا الوحيد، الذي ينهب الهواء والماء والضوء والأرض، ويسفك دمنا ويزرع الفتن.
هذا الكلام لا يصدر إلا عن قلب وعقل فلسطيني حريص على وحدة الدم، وعن عربي يفهم معنى العروبة، وعن مسلم يدرك أن الإسلام كرامة المسلمين، ودمعهم نقطة التقاء، وحرب ضد عدو واحد ما تاه عنه العقلاء، وما نسيه الشرفاء.
لقد تعودت بعض المواقع الإلكترونية الفلسطينية أن تنشر ما يقوله عدلي صادق، ولكنها اليوم لم تنقل ما كتبه عن الوحدة، فهي لا تتناسب وخطها، أو مدرستها السياسية والفكرية، وأمانيها، وبدلاً من ذلك فقد احتضنت ما كتبه طارق الحميد في الشرق الأوسط تحت عنوان: دماء غزة مشروع تجاري. وفيه يهاجم الكاتب الدم النازف في غزة، ويحمل المقاومة مسئولية ذلك، ويقول: جرائم إسرائيل الواضحة يجب أن لا تنسينا ما فعلته وتفعله حماس في أهل غزة، والقضية الفلسطينية ككل، وإلا بتنا شهود زور في حفلة تلميع المواقف الدموية. ولذا فإن التساهل مع حماس يجعل العالم العربي شريكا في معاناة الفلسطينيين.
أيعقل هذا؟ أفلسطيني من يروج لمثل هذا الكلام؟ وهل من كاتب عربي لا يعرف أن حركة حماس تقاوم بالدم والروح المشروع الصهيوني؟ وإلا لماذا يتدفق هذا الدم؟ ولماذا يستهدف الشعب الذي يحتضن حماس المقاومة؟ أم أن طارق الحميد يتشفى بالدم العربي الذي لم يره يسيل من الأشلاء المحترقة في غزة؟
لقد تنبهت إلى مقال الكاتب طارق الحميد المنشور في صحيفة الشرق الأوسط من خلال الإذاعة العبرية، “ريشت بيت” وهي تقدم صباحاً لليهود نموذجاً رائعاً للكتاب والمفكرين العرب أمثال طارق الحميد، الذين رفعوا ورقة التوت عن عورة تنظيمات المقاومة، ومن يتآمر معها، وتطمئن الإذاعة يهود الدولة العبرية بأن لهم أصدقاء، ومؤيدين في الهجوم على غزة، وأن هذه الأصوات القوية، والجريئة تستوجب الدعم من يهود العالم.
فإذا كان الكاتب العربي الفلسطيني عدلي صادق صادقاً في دعوته للوحدة الوطنية، فهل عائلة الحميد العربية المسلمة راضية عن رأي طارق؟.