أثار البرنامج الاجتماعي «حلال تي في» على التلفزيون السويدي عاصفة من الانتقادات والمواقف المعارضة لفكرته التي تقوم على طرح موضوعات اجتماعية من منظور الاقليات الاجنبية في السويد، من خلال ثلاث محجبات سويديات من اصل سوري ولبناني ومصري، هن: شيرين عواد (٢٣ سنة) وداليا قاسم (٢٢ سنة) وخديجة الخبيري (٢٥ سنة).
ففي كل حلقة، تجول الفتيات الثلاث على مناطق في السويد لإجراء لقاءات تتعلق بالمساواة بين المرأة والرجل وأخرى اقتصادية او سياسية او دينية.ثيرا على الجالية الاسلامية خصوصا الرسمي منه بالرغم من ان عدد كبير من افراد الجالية الاسلامية يدفعون اجرة وضريبة “اللاينسس” مرتين في العام التي تذهب للتلفزيون ان ار كو.
يشار ان السويد تعتبر اكثر دولة منفتح اعلامها الرسمي على الجالية الاسلامية من خلال مشاركتهم في نقاشات تتعلق بالجالية الاسلامية وليس فقط التركيز على فضائح واخطاء المسلميين. في حين العلام النرويجي والدنمركي لازال غير منفتح.
وكما كان متوقعاً انهالت ردود الفعل من كل صوب ضد ومع فكرة ان يمنح التلفزيون السويدي شبه الرسمي موازنة لبرنامج من ثماني حلقات له لون ديني. وتشرح ادارة البرنامج ان الفتيات الثلاث «يجرين لقاءات مع سياسيين وشخصيات معروفة وأناس عاديين للحصول على اجوبة لأسئلة تدور في اذهانهن. فمثلاً، في الحلقة الاولى، كان مقرراً ان يجيب الكاتب السويدي المعروف كارل هاميلتون عن اسئلة تتعلق بمستقبل المجتمع السويدي اقتصادياً وطبقياً.
ولكن قبل تصوير الحلقة وقعت مقدمات البرنامج في نقاش حاد مع هاميلتون الذي دخل الى مكان التصوير في احد مطاعم العاصمة استوكهولم ومدّ يده ليصافح الفتيات، الا ان اثنتين منهن رفضتا مصافحته ووضعتا أيديهن على صدرهما. هذه الحادثة كانت الشعرة التي قصمت ظهر البعير، اذ اعرب هاميلتون عن انزعاجه الكبير وقال: «بما اننا نعيش في السويد، فيجب ان يمارس الفرد العادات والتقاليد السويدية.
إذ لا يمكن الانسان ان ينتقل الى مجتمع جديد وينقل عاداته وتقاليده ليفرضها على اهل المجتمع»، معتبراً الفتيات دخيلات على المجتمع السويدي. اما جواب الفتيات فكان: «نحن سويديات ولدنا هنا ولسنا دخيلات على المجتمع. وما نمارسه هو امور دينية لا دخل للعادات والتقاليد بها». كما اعربن عن انزعاجهن من تصرف هاميلتون ووصفوه بأنه تصرف «عنصري». الا ان هاميلتون اصرّ على موقفه، وقال انه عندما يسافر الى مجتمع غريب لا يطبق العادات السويدية في ذلك المجتمع. ودافع هاميلتون عن نفسه من خلال لقاءات صحافية ومن خلال عموده اليومي في احدى الصحف السويدية، مشيراً الى ان علاقات طيبة تربطه مع الكثير من المسلمين، وأنه ليس عنصرياً كما حاولت الفتيات تصويره.
وإذا كانت حادثة المصافحة طغت على المقالات التي كتبت حول هذا البرنامج، فإن النقاش الاكثر اهمية الذي تداوله اهل الإعلام هو اختيار التلفزيون السويدي فتيات مسلمات لا خلفية إعلامية لهن، واعتبرت بعض المقالات ان طريقة عيش الفتيات ولبسهن وأسماءهن كانت عناصر اساسية في اختيارهن لتقديم البرنامج. فشيرين قانونية وخديجة ممرضة في طب الأسنان وداليا تدرس الطب. ولكن هذا لم يمنع الفتيات من ان يبرزن موهبتهن الإعلامية، اذ كانت الحلقة الاولى ناجحة الاخراج والتقديم ولا يوجد فيها شوائب سوى عنصر المجاملة الذي طغى على الأسئلة.
وتشرح شيرين التي استضافها برنامج «الصباح» في التلفزيون السويدي ان اسماء عدة اقترحت للبرنامج الى ان وقع الاختيار على «حلال تي في». وقالت: «ان كلمة حلال لها دلالاتها ومرتبطة في شكل كبير بالإسلام، وهذا البرنامج سيكون حلالاً، اي يجب ان يقدم بطريقة صحيحة. فما نفعله هو تقديم برنامج اجتماعي مثير جداً، ونناقش فيه اموراً تتعلق بمجتمعنا السويدي».
وعلى رغم ان لا خلفية إعلامية للفتيات، الا ان خديجة تقول انها كانت تخطط لأن تصبح مقدمة برامج، «ولكنني تركت الفكرة جانباً لأنني لا اريد ان ادرس اختصاصاً لا استطيع استخدامه بسهولة. ولكن عندما شاهدت اعلان البرنامج ارسلت طلباً للمشاركة في تقديمه، وهكذا كان».
واللافت في البرنامج ان الفتيات الثلاث اللواتي يتمتعن بخلفية دينية متشابهة، يختلفن أمام بعض القضايا التي تطرح في البرنامج مثل قضية المساواة التي ترى فيه
ا خديجة انها قضية لا يمكن حصرها في المنزل فقط. وتضيف: «بالنسبة إليّ المساواة هي ان تكون هناك مساواة في سوق العمل، وتكون للمرأة الحقوق ذاتها التي للرجل، في الراتب والعمل. أما الامور الاخرى فهي مواضيع يمكن تسميتها علاقات اجتماعية ولا علاقة لها بالمساواة».
ا خديجة انها قضية لا يمكن حصرها في المنزل فقط. وتضيف: «بالنسبة إليّ المساواة هي ان تكون هناك مساواة في سوق العمل، وتكون للمرأة الحقوق ذاتها التي للرجل، في الراتب والعمل. أما الامور الاخرى فهي مواضيع يمكن تسميتها علاقات اجتماعية ولا علاقة لها بالمساواة».
هذا التنوع الفكري لم يكف لإقناع الجمهور السويدي بأن الفتيات لهن افكارهن الخاصة والمستقلة، اذ ان هناك نظرة شمولية لهن وللأقلية المسلمة في السويد. وفي هذا الصدد، تقول شيرين: «نحن نعلم ان الكثير من المشاهدين سينظرون الينا على اننا نمثل الاسلام في التلفزيون، ولكن هناك تعدد ثقافات في المجتمع السويدي، ويجب ان تتمثل هذه التعددية في التلفزيون». اما خديجة فتتمنى ان يتقبل المشاهد البرنامج، و «أن يكتشف ان الحجاب ليس معناه اننا نفكر بالأسلوب ذاته، بخاصة اننا افراد لكل واحد منا قناعته وطريقة تفكيره».