د. محمد احمد النابلسي
رئيس المركز العربي للدراسات المستقبلية
إتخذت الملك المغربي الاسبوع الفائت قراراً باقالة أحد وزرائه “اليهـود” بعد حصوله على الجنسية الإسرائيلية. وهي مسألة أثارت ملفاً عربياً شائكاً سبقت إثارته في مصر خصوصاً وتحديداً خلال فترة سجن الدكتور سعد الدين ابراهيم حامل الجنسية الاميركية. ويومها هددت واشنطن بوقف مساعداتها عن مصر ما لم يتم الافراج عن سعد الدين. وبعد الافراج عنه قال سعد الدين في احتفالية اقيمت له في نيويورك: “انا أقوى من مصـر!!”. وهذا هو ثمن قبول مسؤولين وقادة مجتمع مزدوجي الجنسية. والموضوع متكرر في أنحاء الوطن العربي وتحديداً في العراق حيث معظم السياسيين مزدوجي الجنسية.
وفي المغرب دعا مصطفى الرميد، القيادي في حزب “العدالة والتنمية” المغربي المعارض، إلى ضرورة التنصيص دستوريا على أن لا يتحمل مسؤولية وزير أو موظف سام أو نائب برلماني من يحمل جنسية مزدوجة، وعلل ذلك بكون صاحب الجنسية المزدوجة سيكون ولاؤه “مزدوجا” كذلك. نفس الدعوة تبناها وزير سابق، فضل عدم الكشف عن اسمه، إذ دعا إلى التنصيص دستوريا على ذلك. “خاصها تكون دستوريا، لا يمكن أن تناط مهام عليا لمواطنين يحملون جنسية أخرى غير الجنسية المغربية”. كما دعا قيادي من حزب الاستقلال الذي يقود الحكومة الحالية وينتمي إليه الوزير المقال، إلى استغلال الإقالة من أجل شن حملة وطنية ضد كبار موظفي الدولة الحاملين لجنسيات أخرى، وقال القيادي “هذه فرصة للمغاربة كي يفتحوا هذا الموضوع. إنها مبادرة من الملك”. واعتبر القيادي الاستقلالي أن ولاء هؤلاء الوزراء والبرلمانيين وكبار موظفي الدولة ”لن يكون للمغرب أبدا”. وطالب قيادي استقلالي باستغلال إقالة الملك لكاتب للدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون أحمد لخريف ب”سبب جنسيته الإسبانية”، من أجل شن حملة وطنية ضد كبار موظفي الدولة الحاملين لجنسيات أخرى، وقال القيادي، الذي فضل الكشف عن اسمه، “هذه فرصة للمغاربة كي يتحرروا بشكل كبير من هذا الملف ويثيروه علانية” وأوضح أن الراحل علال الفاسي كان سباقا إلى الدعوة “من يتحمل المسؤولية؟”.
هذا النقاش يعيدنا الى الجاسوس البريطاني لورنس العرب الذي لعب دوراً دمغ بالعار السياسة العربية من حينه ولغاية اليوم. اما عن السياسيين الحاليين من حملة الجنسيات المزدوجة فلنا ان نذكر بان إزدواجية الحنسية هي بداية اعلان طلاق مع بلد الأصل. أو أقله اعلان عدم ثقة بمستقبل هذا البللد او ببنيته اوبقوانينه. فكيف تستقيم المعاشرة السياسية لهؤلاء؟.
لعل أمنية وليد جنبلاط بالعمل زبالاً في نيويورك تقدم الذرائع للمزدوجين اللبنانيين لكن عليهم بداية التعرف الى المكان الذي يأتي منه جنبلاط وعمق جذوره السياسية التي جعلته يبالغ في الدلال والعقوق مستنداً اليها. والغالبية العظمى لا يملكون ما يملكه جنبلاط لذلك فهم يسيرون في ركابه لدرجة تخوله التلاعب بهم وفق مزاجه المعروف بتقلبه.
هل يحق لنا ان نستفيد من تجارب الدول من حولنا وان نتوقع أزمات شبيهة متسائلين عن حقيقة ولاء مزدوجي الجنسية المصرين على احتلال المناصب المقررة لمصير البلد ومستقبل مواطنيه.
هل نطلب كثيراً بطلبنا من الاعلام اللبناني القاء الاضواء على هذه المشاكل وتجاربها في البلدان العربية؟. وهل يستجيب هذا النوع من الساسة لقانون يطالبهم بآحادية الجنسية؟.
المستعدون للتخلي عن جنسيتهم الغريبة يبرهنون عن ايمان فعلي بطروحاتهم السياسية اللبنانية. اما الممتنعون فهم يقدمون دليلاً على ترددهم في الانتماء لهذا البلد وعندها يضعون طروحاتهم في خانة التحليل والربط مع مصالح الدول البديلة. اما الذين يهددوننا يومياً بالرحيل الى أوطانهم البديلة أو بديلة البديلة في بعض الحالات فان على هؤلاء الإكتفاء بالدور الذي قدمته لهم الاوطان البديلة والإنسحاب مع سلسلة انسحابات هذه البدائل. فنحن لا نريد الوصول الى من يقول: “انا أقوى من لبنان في حفلة عشاء اميركية”. فنحن لا نعترف اصلاً بهذا اللبنان الذي يدوسه شخص فرد أياً يكن وأياً كان وطنه البديل. فكل ما نتفق عليه مع حائري الجنسية لا يتعدى الاتفاق على أهمية التبولة والدبكة ولكن كي نتفق معهم في الموقف من مجزرة غزة وكل مصادر حيرتهم داعمة لإسرائيل منتشية بالمجزرة؟.
ختاماً سؤال نوجهه الى محبي لبنان
ومعه الحياة على الطريقة الجانحة نحو الإفلاس: هل تمانعون وتعارضون المطالبة بحصر المسؤوليات بآحادي الجنسية؟. وهل تصل محبتكم للبنان لدرجة المطالبة باستصدار مثل هذه القانون؟. نريد ان نعرف حقيقة ومدى محبتكم لهذا اللبنان!؟.
ومعه الحياة على الطريقة الجانحة نحو الإفلاس: هل تمانعون وتعارضون المطالبة بحصر المسؤوليات بآحادي الجنسية؟. وهل تصل محبتكم للبنان لدرجة المطالبة باستصدار مثل هذه القانون؟. نريد ان نعرف حقيقة ومدى محبتكم لهذا اللبنان!؟.