وفاء اسماعيل
تعودنا عقب كل مصيبة وكل جريمة وكل مجزرة ترتكب بحق هذه الأمة على عبارات الشجب والإدانة .. حتى باتت اسطوانة مشروخة .. فقد يصلنا كل دقيقة وكل ثانية عبر وسائل الإعلام بيان من هنا وهناك وكلمات شجب وإدانة لهذا او ذاك اللعنة على تلك البيانات وكل هذه الإدانات اللفظية التي لا تغنى ولا تسمن من جوع ..وأتساءل ما الفرق بين حكامنا وبين الكتاب وأصحاب المواقع والصحف والأقلام الذين تحولوا الى صورة مصغرة من أنظمتنا الحالية ؟ هم يستنكرون ويشجبون ونحن نتبع خطاهم فى الاستنكار والشجب .. والمصيبة التي حلت بنا وبأمتنا علاجها اكبر بكثير من الشجب والإدانة ، هم يعقدون المؤتمرات لتغطية مؤامراتهم ، ونحن نعقد الندوات والمحاضرات ونكتفي بالكلام الذي لا يسمعه سوى آذاننا .. هم يسمحون لكم بحرية الكتابة والتعبير شريطة ألا تمس أياديكم لا سلاح ولا حذاء ، ونحن نطلق العنان لأقلامنا نستصرخهم ونستصرخ العالم ونناشدهم وننتقدهم وأتحدى ان تصل صرخاتنا او مناشداتنا إليهم ، ببساطة لأنهم لايقرأون .. تركوا لنا العنان لنفرغ ثورات الغضب بداخلنا على الأوراق ..وليتباهوا هم بان ما نقوله يحسب لهم لا عليهم ، يتباهون أنهم يطبقون الديمقراطية .. فنكون قد خدمناهم وساعدنا فى بقاءهم لأطول فترة ممكنة .. فهل آن الأوان لان تتحول أقلامنا الى سهام ترشق فى صدورهم احتراما على الأقل لتلك الدماء الذكية التى سالت على أرض غزة ؟ هل آن الأوان ان تتحول تلك الأقلام الى رصاص يخترق جسد الخيانة والعمالة فى أوطاننا ؟ رجاءا كفوا عن مناشدة القتلة والسفلة الذين تسببوا فى تجويع مليون ونصف فلسطيني من أهل غزة .. كفوا عن مناشدة جامعة الدول العربية الميتة ومنظمة المؤتمر الاسلامى الهزيلة .. كفوا عن مخاطبة مجلس الإرهاب الدولي .. كفوا عن كتابة بيانات الشجب والإدانة … فغزة ليست بحاجة لأقوال بل بحاجة لأفعال .
*ان مجزرة غزة الأخيرة والتى انفطرت لها القلوب أصابتنا جميعا باليأس والإحباط من امة خلت من رجالها الذين اكتفوا ببيانات الشجب والإدانة وكأنهم حفظوا الدرس عن ظهر قلب من حكامهم وحكوماتهم .. وأكثر ما يثير الحزن والأسى أننا نفعل ما يفعلونه دون ان ندرى .. يتآمرون علينا كشعوب وكمقاومة ثم يرسلون قوافل الإغاثة محملة بالغذاء والدواء للضحك على الذقون ولذر الرماد فى العيون ، وكمحاولة منهم لامتصاص غضب الشعوب ، وتأكيدا لتعاطفهم المزيف مع الضحايا يتهافتون ويتهاتفون لعقد مؤتمر قمة وكأننا نلنا خيرا من مؤتمراتهم العقيمة التى لا تلد الا العار ولا تفرز إلا الخزي وبيانات أتفه من ان تقرأ تدين وتشجب ، يتفقون على عقد مؤتمر بعد يومين او ثلاثة او شهر ؟ بعد ان تكون إسرائيل قامت بمهمتها على أكمل وجه وبعد ان يكون عدد الضحايا ارتفع وشفى غليل حقدهم على.. الشعوب. الحصيلة حتى تلك اللحظة جراء المجزرة الصهيونية ارتفعت الى أكثر من 200 شهيد و700 جريح .. فمن هو المسئول عن كل تلك الأشلاء وهذه الدماء ؟ أليس النظام المصري الفاسد الذى شارك فى حصار أهل غزة واليوم هو نفسه الذى يأمر بفتح المعبر لاستقبال الجرحى وإدخال المعونات حتى يغطى على جريمته ؟ أليس ابو مازن الذى شارك فى الإعداد لمخطط الخلاص من حماس ؟ ورغم هذا نجده احرص الناس على الاستمرار فى تولى رئاسة دولة لم يعلن قيامها بعد ، وشعب لم يعلن موافقته بعد على وجوده واستمراره فى السلطة .. لقد أدركت كل الشعوب ان مناشدة هؤلاء أمر يعد من السفه والعته ولا يمكن ان نصل الى نهاية النفق بقيادة هؤلاء الحكام فلا فائدة ترجى منهم ولا خير.. اننا أمام مأساة ليست بحاجة لا لشجب ولا لإدانة بل بحاجة لتحرك وهرولة لنصرة أهلنا المحاصرين .. مأساة تظهر فيها معادن الرجال ، فلما البقاء عاجزين ؟ الطريق أمامكم لكسر جدار الخوف والذل والمهانة.. بدلا من شعاراتكم الجوفاء التى ترفعونها ( بالروح بالدم نفديك يا غزة ) فأين هى أرواحكم ودمائكم أيها الرجال ؟ أم ان الدماء جفت فى عروقكم كما جفت فى عروق حكامكم ؟ والله لا يبقى فى بيته فى هذا الوقت العصيب الا الفئران .. ثورة غضب يامن تدعون الرجولة .. ليخرج الملايين الى الشوارع ولا يعود احد الى بيته إلا وقد فك الحصار عن أهلنا فى غزة .. ثوروا لكرامتكم وعروبتكم ولو مرة فقد ولى زمن السكوت والصمت ..حطموا قيود عجزكم واسقطوا تلك الأنظمة التى تتآمر عليكم مع عدوكم …أجساد أطفالنا وشبابنا تحصدها غارات العدو الهمجية وانتم تنتظرون ياشعوب العرب والمسلمين وتتفرجون على ذبائح العدو الصهيونى .. ؟ والله ان صمتكم لهو اكبر الكبائر .. وعجزكم امام اشباه الرجال لهو اعظم الذنوب .. فتوبوا الى خالقكم الذى لا ينصر الا من ينصره .. فحماس وكل رجل مقاوم يحمل سلاح لهو اشرف منا جميعا .. والرفعة للمقاومين والخزى والعار للمتخاذلين .. المفاوضين .. المعتدلين بل قولوا المنقلبين على دينهم وشعوبهم .. العاجزين عن حماية أنفسهم .. فئران السلطة والنفوذ .. سحقا لكم يا أشباه الرجال ..ما أحقركم !!!!!
وفاء اسماعيل