عندما قاطع المسلمون حكاماً كانوا أو محكومين دولة الدانمارك ،كردّ فعل عمّا قام به الرسّام النجس ،من تشويه وإساءة إلى خاتم الأنبياء،محمد صلى الله عليه وسلم ، صاحب القول والفعل والخلق الكريم ،حول الرسوم الكاريكاتورية،وقد سمّاها البعض بأنها حرية التعبير ، أسالت تلك القضية الحبر الكثير ،ومن الطبيعي أن الغيرة الإسلامية كانت دافعا للتعبير عن السخط الذي طاف كلّ الأرجاء ، وتباينت الآراء وقتذاك بين معارض ومؤيد للمقاطعة،لأنها ستذهب بأرزاق من أسّسوا تجارتهم على الإستيراد من الدانمارك من جُبن …
وحقّقوا أرباحا،ولعلّ من أصحاب النفوذ من يملك مفاتيح تلكم التجارة ، فكيف به أن يقوم إذن بإضرار نفسه ؟،وكما هي العادة عند عرب ومسلمي اليوم ،أنها تتماشى وفق ما تقتضيه المصلحة ،وللضرورة أحكام ،والرياء والسمعة لا يغيبان في كل عمل حسب ما نراه وما نلمسه ونشهد به كل يوم فلابد من الدفاع عن الإسلام ولو للتظاهر.
الآن حصحص الحق وما بعده إلاّ الضلال.
لقد زعم البعض من قادة بعض الدول الإسلامية و معهم بعض الحركات التي تعمل لصالحهم أن اليد الطولى في تحريك الشعوب هم ،سواء من خلال مواقفهم التي استدعت حينها سفير الدانمارك وأحرق علم بلده أو تصريحاتهم التي سايرت تلك الفترة بغية امتصاص الغضب الشعبي المتزايد عبر مداخلات في الفضائيات أو مقالات عن طريق الأنترنت ،وكأن الإسلام كان هو الحاكم الفعلي وتعرض وقتها عبر الرسوم إلى هجمات تستدعي من بعض الحكّام والعاملين تحت لوائهم ،تحريك الشعوب ،والواقع يقول بأن الإسلام هدّمت أركانه ولم يبق منه إلاّ القليل ،فالزكاة مثلا ،التي هي ركن من أركان الإسلام ،لايوجد لها أثر في قوانين أغلب الدول التي تدّعي أنها حاملة الإسلام
ولو دققنا النظر جيدا لوجدناه مغيبا تماما في كثير من التشريعات والمعاملات ،ولوجدنا أنّ محلّه الأهواء والموضوعات .قوانين مستوحاة ضد الشريعة نفسها نجدها مطبقة في حياة الناس مع أنهم يدّعون النقيض ،ولا أريد أن أضيع وقتي للتدليل ،فالعاقلون يعرفون ذلك ،وكمثال فقط ،قصّة الحجاب التي في تونس وتعدد الزوجات ،حلّ محلهما تعدد الخليلات والسفور.
عندما يتطلب الدفاع الحقيقي عن الإسلام ومسرى الرسول صلى الله عليه وسلم تجد المرضى من المخنثين فكريا أو المعاقين حضاريا يجبنون ،وقد قلت في وقت الحملة الشعبية وقتذاك أن المسيرات جعلت لتسيير الغضب وامتصاصه وستستغله الحكومات لتوظيف تلك الحركات فيما بعد
هاهي الأيام تثبت ما قلته وانظروا إلى الأقوال والأفعال ،فهاهم الصهاينة يفعلون الأفاعيل بإخواننا في فلسطين ويحاصرونهم حصارا شديدا ويقتلونهم أشد تقتيل وهذا بعد أن إختار الشعب الفلسطيني ممثليه ، هاهم يعاقبونهم عن إختيارهم مع أنهم محتلون ،فمن النواب من قتل ومنهم من اعتقل ومنهم من أسر وهجر الكثير وبقي الشعب تحت رحمة المقاطعة والحصار بسبب الإختيار.
ما الفرق بين مقاطعة الصهاينة ومعهم الغرب لإخواننا بسبب اختيارهم وبين مقاطعتنا نحن؟ أعتقد أنه لا مجال للمقارنة أبدا فالمقاطعة للشعب الفسلطيني حقيقة أما مقاطعتنا نحن للدانمارك فهي مجاز.