صباح الموسوي
ستون عام والجرائم الإسرائيلية تتواصل ضد الشعب الفلسطيني ولم توقفها أياً من بيانات الشجب والإدانات الدولية ‘كما لم توقفها التنازلات العربية ولا الفلسطينية أيضا‘ فلا كمب ديفيد ولا وادي عربة ولا أوسلو ولا غيرها من الاتفاقيات العلانية والسرية التي أبرمتها الأنظمة العربية مع إسرائيل تمكنت ان توقف جرائم هذا الكيان بحق الشعب الفلسطيني ‘و لا حتى الألعاب النارية المسماة جزافا بصواريخ القسام التي تطلق على المستوطنات استطاعت هي الأخرى ان تلجم حكومة الصهاينة من مواصلة جرائمهم بحق الفلسطينيين ‘ سواء ان كان هؤلاء الفلسطينيون في غزة أو الضفة أو مناطق فلسطينية أخرى .
إسرائيل لديها حصانة دولية وكارت بلانش أمريكي أوروبي يسمح لها ان تفعل ما تريد و أينما تريد ومتى ما تريد‘ سواء أطلقت حماس صواريخها الفشفاشية ام لم تطلقها ‘ و بوجود حماس ام بدونه فالجرائم الإسرائيلية تلاحق الفلسطينيين وسوف تبقى تلاحقهم حتى لو رفع الشعب الفلسطيني بأكمله الراية البيضاء ‘ و هذا لن يحصل أبدا‘ فالعقلية الصهيونية محكومة بتعاليم التلمود العنصرية و بعقدة الهلكوست النازية التي لا تقبل غير القتل والدمار بديلا لحلها. ولهذا فان تحميل المسؤولية لحماس أو السلطة الفلسطينية أو أي طرف عربي أخرى ‘ مثل ما فعل حزب الله الإيراني في لبنان الذي سارع عبر تلفزيون المنار الى اتهام بلدان عربية بالمتواطئ مع إسرائيل للهجوم على غزة ‘ فان مثل هذه التهم ليس سوى محاولة لحرف الأنظار عن الجريمة الإسرائيلية التي على ما يبدو كان حزب الله ومن وراءه ينتظرونها بفارق الصبر لكي يتخذوها مبررا لشن حملتهم الإعلامية على بلدان عربية معينة من بينها مصر والأردن والسعودية ‘ و هذه الحملة هي جزءا من الحملة التي كانت قد بدأت بالمظاهرات الصبيانية التي سيرها الحرس الثوري الإيراني أمام سفارات الدول المذكورة وتخللها إحراق مكتب الخطوط الجوية السعودية في طهران. كما ان الاتهامات المتبادلة بين حماس والسلطة التي يحمل فيها كل منهما الطرف الأخرى المسؤولية عما آلت إليه الأمور‘ ليست هي الأخرى سوى محاولات بائسة يسعى كل طرف منهما اتخاذها وسيلة لتبرئة ساحته وإلقاء اللوم على الطرف الأخرى متناسيان أنهما شريكان في الخطيئة التي ارتكباها سوية وتسببت في الوضع الراهن الذي يعيشه الفلسطينيون في غزة وغيرها .
فإذا كانت حماس تتهم السلطة بالتآمر عليها بالتعاون مع أطراف عربية ‘ فهل هذا مبررا لها ان تقوم بفصل القطاع وتقيم لها سلطة مبتورة الأطراف وتعزل نفسها عن محيطها العربي وترمي بنفسها بحضن إيران؟‘ فمتى كانت إيران حريصة على القضايا العربية والإسلامية ‘ والفلسطينية منها تحديدا‘ حتى تقوم حماس برمي نفسها بأحضان طهران بهذا الشكل الذي نراه ؟.
لقد شهد العالم اجمع المحاولات المضنية التي قامت بها مصر والمملكة العربية السعودية وغيرهما من الدول العربية لربأ الصدع بين الفصائل الفلسطينية‘ و ما ان يقترب الحل ويوشك ان يتوصل الأطراف الى اتفاق حتى تطلع التصريحات من طهران معكرة الأجواء و تقوم حماس وأطراف فلسطينية أخرى مرتبطة بالمشروع الإيراني بعرقلة الاتفاق وإعادة الحوار الى المربع الاول .
فحماس التي عزلت نفسها عن محيطها العربي و وضعت بيضها في السلة الإيرانية من اجل الاحتفاظ بسلطة هزيلة لا يعترف بها حتى حلفاءها وغير قادرة على جلب كيس دقيق واحد أو علبة دواء واحدة لأهالي غزة ‘ من المؤكدة أنها شريك أساسي في معانات أهالي غزة وغير غزة من الفلسطينيين . وهذه المسؤولية تتحملها السلطة أيضا التي سعى بعض المشاركين فيها الى التفرد بالقرار الفلسطيني وإلغاء دور الأطراف الفلسطينية الأخرى معتمدين على الدعم الأمريكي الذي لا يهمه من العملية سوى إنهاء القضية الفلسطينية و ضمان امن ومستقبل إسرائيل.
ولكن مع كل هذا يبقى ان إسرائيل بتاريخها الدومي المعهود غير محتاجة لمبررات كي ترتكب المجازر‘ فيوم ارتكب الصهاينة مجزرة دير ياسين وكفر قاسم وغيرها من المجازر الأخرى لم تكن هناك حماس و صواريخ القسام ‘ فمن يحاول ان يحمل هذا الطرف الفلسطيني أو ذاك أو هذا البلد العربي أو ذاك‘ المسؤولية عن مجزرة إسرائيل في غزة فانه لا يهدف سوى خدمة هذا الكيان الصهيوني .
صباح الموسوي
كاتب احوازي