محمد أبو علان
على مدار ثلاثة أيام متتالية تلقى الكثيرون رسائل عبر بريدهم الالكتروني تبشر بظهور “محمد نزال” عضو المكتب السياسي لحركة حماس على شاشة فضائية الجزيرة في برنامج “بلا حدود”، وتحدثت الرسائل الالكترونية عن برنامج سيثير ردود أفعال واسعة لما سيكشفه “محمد نزال” من وثائق عن ممارسات الأجهزة الأمنية قبيل سيطرة حماس على قطاع غزة.
انتظرنا مساء الأربعاء بفارغ الصبر وجلسنا نستمع للسيد “نزال” الذي تحدث عن دور الأجهزة الأمنية في التجسس على دول وجاليات عربية في شتى أنحاء المعمورة، مُظهراً صور لوثائق ومستندات عن عمليات التجسس الذي تحدث عنها، ناهيك عن حديثه عن أفلام فيديو لشخصيات سياسية متورطة في قضايا لا أخلاقية والتي أعرب عن استعداده لنشرها إن وافقته قيادة الحركة على ذلك.
والقضايا الذي عرضت في هذا اللقاء ليس فيها جديد، فهناك مسئولين أمنيين فلسطينيين سبقوا السيد “نزال” في حديثهم عن وجود خروقات أمنية في أجهزة الأمن الفلسطينية وفي كافة فصائل العمل الوطني والإسلامي وإن لا خلاف على وجود هذه الخروقات وإنما الخلاف على حجم هذه الخروقات في كل جهاز وكل فصيل.
ففي الأشهر الأخيرة هناك بعض العناصر الأمنية التي حوكمت وحكم عليها بالإعدام نتيجة تخابرها مع أجهزة الاحتلال الأمنية وتسببها في استشهاد عدد من القيادات الميدانية لانتفاضة الأقصى، وقبل ذلك بسنوات تحدث وزير الداخلية آنذاك اللواء “نصر يوسف” عن اختراق دول أوروبية لعدد من الأجهزة الأمنية الفلسطينية وخلقها مراكز قوى لها داخل هذه الأجهزة، “وأضاف إن المنسق الأميركي الجنرال وليم وورد، هو الذي أوقف الاتصالات بين هذه المراكز، وهذه الجهات وهي دول أوروبية ممولة للسلطة الفلسطينية”، وكان هذا الكلام في جلسة مسائلة لوزير الداخلية أمام المجلس التشريعي في العام 2005.
بالتالي الحديث عن هذا الموضوع لا يحتاج لحلقات وندوات تلفزيونية فالوزير والغفير في المجتمع الفلسطيني يعلم بوجود هذه الظاهرة في الأجهزة الأمنية قبل أن يتحدث عنها السيد “نزال” من على شاشة فضائية الجزيرة، أما التطرق لتسجيلات وأفلام ذات علاقة بقضايا لا أخلاقية فهذا إن دل على شيء فإنه يدل على مستوى الانحطاط في لغة التخاطب الإعلامي والسياسي في الداخل الفلسطيني.
ولم يتردد “محمد نزال” في القول إننا أعلمنا بعض الجهات العربية بمحتوى هذه الملفات، فمن أعطاك الحق بنقل قضايا وأمور تتعلق بالواقع الفلسطيني الداخلي لجهات عربية؟، وهل هذا يسمى تعاون أمني مع هذه الجهات العربية أم يمكن وضعه في خانة التخابر مع جهات أجنبية؟ أم أن هذا يأتي تحت شعار “بلبقلها المقصوفة”؟.
فالوضع الداخلي الفلسطيني لا يحتمل مزيداً من المناكفات، وإن كان لدى حماس كل هذه الملفات لتحتفظ بها حتى تصبح الظروف الداخلية الفلسطينية مناسبة لمرحلة الحساب والعقاب وحينها تعرض حماس كل ما لديها وتطالب بعدها بمحاكمة كل من يثبت أن له دور في الخيانة والتجسس على الشعب الفلسطيني ومؤسساته وفصائله، على أن تضع نصب عينها ضرورة أن يشمل الحساب والعقاب أحداث حزيران 2007 وما سبقها وما تلاها من عمليات قتل وتعذيب طالت الكثيرين من الأبرياء.