الأسرى الفلسطينيون …..قمع واهمال طبي واستشهاد …
…….يبدو واضحاً ومن خلال ما تقوم به ادارات السجون الاسرائيلية من تصعيد واجراءات قمعية غير مسبوقة تجاه الحركة الأسيرة الفلسطينية،ان ما يجري بحق أسرى شعبنا الفلسطيني، يندرج ضمن خطة متكاملة وشاملة للإنقضاض على الحركة الأسيرة الفلسطينية،وسحب منجزاتها ومكتسباتها وحقوقها،من أجل اعادة أوضاعها الى بدايات سنوات الاحتلال.
وهناك الكثير من الشواهد والدلائل على حقيقة المخطط التي تنفذه ادارات السجون الاسرائيلية بحق أسرى شعبنا من قمع واذلال وامتهان للكرامة،فقبل فترة لا تزيد على أسبوع أقدمت ادارات السجون على اقتحام سجن”عوفر” في رام الله حيث أصيب العشرات من الأسرى الفلسطينيين نتيجة استخدام قوات قمع السجون المسماة”بالنحشون” أثناء اقتحامها لأقسام السحن الرصاص المطاطي والغاز المدمع والهروات وغيرها،ولم تكتفي بحرق خيم المعتقلين وسحب الأجهزة الكهربائية والملابس واتلاف المأكولات الخاصة بالأسرى،بل عمدت الى تكبيل المعتقلين والاعتداء عليهم بالضرب المبرح،وابقائهم في البرد القارص لفترة زمنية طويلة،ومن ثم حرمت 400 منهم من زيارات الأهل،وعمدت الى قمع وعزل عدد منهم الى الزنازين والسجون الأخرى،ولم يمضي على هذا الاجراء القمعي التعسفي أكثر من يومين،حتى قامت ادارة سجن”أوهلي كدار” – سجن بئر السبع – بمنع الأسرى من اقامة الصلاة في “الفورة” ساحة المعتقل،وعندما رفض الأسرى هذا الاجراء الاستفزازي قامت ادارة المعتقل باتخاذ سلسلة من الاجراءات العقابية بحقهم تمثلت بسحب الأجهزة الكهربائية ومنعهم من “الفورة” ووقف زيارة الأهل الى اشعار آخر وكذلك،منع”الكانتينا” وترافق ذلك مع تصعيد غير مسبوق بقطع الكهرباء عن المعتقل من صباح الأحد 21/12/2008 وحتى ظهر الثلاثاء 23/12/2008 ،وكذلك قامت وحدة خاصة من قوات قمع السجون”النحشون” بتفتيش الأسرى بشكل مهين واستفزازي،والتفتيش كان بغرض الاذلال واتلاف مقتنيات الأسرى،وقد رد الأسرى على تلك الخطوات التصعيدية والاستفزازية بإرجاع وجبات طعام ورفع عدة شكاوي على قطع الكهرباء كإجراء غير قانوني واغلاق المعتقل وتقديم طلبات نقل جماعي،وأعلنت الادارة أنها ستصعد من خطواتها واجراءاتها القمعية في حال أصر الأسرى على موقفهم بإقامة الصلاة في “الفورة” ساحة المعتقل.
وفي نفس السياق والفترة وحيث سياسة الاهمال الطبي لأسرانا والتي هي تعبير عن سياسة رسمية انضم الأسير جمعة ابراهيم موسى(أبو اسماعيل) الى قافلة شهداء الأسر،في مستشفى سجن الرملة بعد رحلة اعتقالية مدتها ستة عشر عاماً من أصل حكم بالسجن المؤبد،والأسير الشهيد أبو اسماعيل والبالغ من العمر ستة وستين عاماً، لم تشفع له الأمراض الكثيرة التي نخرت جسمه في سجون وزنازين الاحتلال من سكري وضغط وضيق في التنفس وتصلب في الشرايين ولا تقدمه في العمر لكي يطلق سراحه،وكذلك لا حسن النوايا ولا صفقات الافراج آحادية الجانب،ولم نسمع ما يسمى بمؤسسات ودعاة حقوق الانسان يرفعون عقيرتهم عالياً لتحرير هذا الأسير المريض والطاعن في السن،كما هو الحال الذي ترفع فيه عقيرتها وتقيم الدنيا وتقعدها عندما يأسر جندي اسرائيلي!!.
والشهيد أبو اسماعيل والذي رقمه تسعة وأربعين من شهداء الأهمال الطبي في السجون الاسرائيلية والمائة وستة وتسعون من شهداء الحركة الأسيرة، لن يكون الشهيد الأخير،بل هناك الكثيرين من أسرى شعبنا من الحالات المرضية والقدماء سيتحولون من شهداء مع وقف التنفيذ الى شهداء فعليين اذا ما استمرينا في ترك ورهن مصيرهم الى مفاوضات عقيمة وعبثية وما يسمى بحسن النوايا وصفقات الافراج آحادية الجانب.
فالاحتلال ينفذ سياسة مبرمجة ومنظمة عنوانها قمع واذلال أسرانا وأفراغهم من محتواهم النضالي والكفاحي والوطني،وقد سبق هذه الاجراءات بالعديد من الممارسات مثل محاولة فرض الزي البرتقالي الخاص بالأسرى الجنائيين على أسرى شعبنا،وذلك لإظهارهم كمجموعة من اللصوص والحشاشيين وقطاع الطرق ونزع صفة النضال والمقاومة عنهم،والاحتلال رغم رفض الأسرى لهذا الاجراء بحقهم،حيث تم قمع وعزل العديد منهم على خلفية هذا الرفض،فإدارة السجون لن تتراجع عن تطبيقه بسهولة اذا ما شعرت أي ضعف أو تراخي في مواقف الحركة الأسيرة أو انقسام وخلاف واحتراب داخلي،وأتبعت هذا الإجراء بمحاولة جس نبض ثانية،وهي محاول
ة الغاء زيارات الأسرى من خلال العرض على الأسرى المحرومين من الزيارات هم وأهاليهم الزيارة من خلال ما يسمى بنظام”الفيديو كونفرنس” كمقدمة في حال نجاح هذه الخطوة الى الغاء زيارات الأهل بشكل كلي وشامل وبما يفرض عزل كلي على أسرانا ويمنع عنهم أي شكل من أشكال التواصل مع الخارج،ويجردهم من كل المشاعر والعواطف الانسانية،وهذا الإجراء ترافق مع اجراء آخر،ألا وهو تقييد زيارات المحامين للأسرى،وعدم السماح بزيارة الأسير من أكثر من محامي،على أن تتم الزيارة من خلال عازل زجاجي وحديث ليس مباشر بل وعبر هاتف يجري مراقبته،ويحظر على الأسير في المقابلة أن يأخذ معه أي ورقة أو قلم،ويلزم المحامي بعدم ادخال أي ورقة”كانتينا” للأسيرأو كتاب وغيره.
ان ما يجري بحق أسرانا من قمع واذلال وموت بطيء وقتل،يتطلب منا كسلطة وأحزاب وفصائل أن نولي هذه القضية الاهتمام الجدي والحقيقي،وعدم رهن مصير أسرانا والذي يوماً بعد يوم يزداد تحولهم من شهداء مع وقف التنفيذ الى شهداء فعليين الى نهج جربناه وخبرناه ولم ينجح في تحرير أي منهم،وفي ظل العقلية الاسرائيلية المشبعة بالغطرسة والعنجهية،ووضع الاشتراطات والتقسيمات والتصنيفات كشروط يجري بموجبها اطلاق أو عدم اطلاق سراحهم،فهذا أول ما يعنيه أن الاحتلال لا يريد أن يقفل هذا الملف بشكل جدي وحقيقي،بل يريد أن يخضعة الى شروط وابتزاز وثمن سياسي،وهذا يعني بالملموس أنه على الطرف الفلسطيني المفاوض أن يصر على أن يطرح هذا الملف للتنفيذ وبحضور دولي وعبر جداول زمنية ومحددة وبما يشمل كل أسرى شعبنا الفلسطيني ككل وليس أجزاء وتقسيمات وتصنيفات يفرضها الاحتلال،وبالذات أسرى الداخل والقدس يجب أن يكونوا على رأس الأسرى الذين يجب الإصرار على اطلاق سراحهم،وهذا يجب أن يترافق مع بحث جدي وحقيقي من قبل كل أحزاب وفصائل شعبنا عن طرق وخيارات أخرى تمكن من اطلاق سراح أسرانا من سجون الاحتلال بعزة وكرامة وبما يليق بهم كمناضلين.
راسم عبيدات
القدس- فلسطين
25/12/2008