احمد النعيمي
أن المتتبع لما يجري في عالمنا العربي يلاحظ أن الأسعار كل يوم في ارتفاع مستمر في جمع الأصناف بدءً من الوقود والغاز وانتهاءً بعود الثقاب .. وفي بعض منها ترتفع الأسعار في الشهر الواحد مرات حتى أن اسطوانة الغاز في بعض بلداننا قد وصلت إلى أربعة عشر $ والمتوقع أنه غضون الأيام القادمة أن تزداد كذلك ، والحبل على الجرار ..
بينما في دول أخرى تجري زيادة لراتب هذا الإنسان المسكين ، ويفرح ويطير من الفرحة وما هي إلا أيام وترتفع الأسعار بشكل خيالي فيكتشف أن راتبه لم يعد يكفيه لنصف الشهر ، وتتراكم عليه الديون ويندب حظه متمنياً أنه لم تكن هناك أية زيادة ولا هم يحزنون ..
وفي الوقت نفسه تزداد الضرائب التي تزهق أنفاس المواطن وتلعن أبو سلـّافه .. وتجمع الأموال من عرق الشعوب وجهدهم وتخزن ثم ترسل من بعدها إلى البنوك الأوروبية .. بينما يموت كثير منا جوعا !!
ولكن يكفينا فخراً انه أصبح لدينا زعماء يعدون من الأغنياء المعدودين على الأصابع في العالم كله .. فلنرفع رؤوسنا إلى أعالي السماء ..
واذكر أنني ومنذ وعيت على الدنيا والى الآن لم أجد شيئاً ارتفع سعره ثم عاد لينخفض بعدها .. بل على العكس من ذلك فان الأسعار تتضاعف بشكل جنوني .. ولا شيء تنزل قيمته أبداً !!
ولكن مهلاً تذكرت هناك شيء واحد .. أحاول أن أتذكره !! أوه .. تذكرت ؛ أن هذا الشيء الوحيد هو الإنسان الذي تنخفض قيمته وبشكل مخيف .. حتى أصبح لا سعر له في بلادنا مطلقا ..
ففي المغرب من مدة نقلت الجزيرة عن قتلى وقعوا أثناء مظاهرات عمت البلاد وبالصور .. وقامت بعدها الحكومة المغربية بمسح آثار الدماء وإخفاء السكين ، وإغلاق مكتب الجزيرة ومحاكمتها بحجة نشر أخبار كاذبة .. وليحمد الله مدير مكتب الجزيرة ألف مرة أنه نجا بجلده . بينما في اليونان الآن قامت الدنيا ولم تقعد من أجل مقتل صبي ، أما نحن فقد ذهبت دماء كثير منا هدراً وقبع الآخرون في السجون عشرات السنوات ، ولم نجد بواكي لنا ، هانت علينا أنفسنا فهنا على غيرنا .
وفي دول الخليج بلاد النفط وغيره .. ولكنه للأسف قد أصبح لغيرها !! يحصل فيه الموظف الأجنبي أياً كان نوعه وجنسه ، المهم أن يكون أجنبياً !! – ولكن احذر إذا أخذت الجنسية الأجنبية أن ينكشف أمرك ، فاعمد إلى تحويل اسمك العربي بآخر أوربي وذا رنين كذلك !! – فإن الأجنبي يحصل على مرتبات تبلغ في اقلها ضعف ما يأخذه ابن البلد نفسه ..
وتعطى الفتات لإخوانهم العرب ، وتنسحق هناك الشعوب الشرق آسيوية وقد تظاهر العمال الآسيويين في إحدى دولهم منذ مدة معلنين رفضهم لما يعطى لهم من أجور .
أتساءل في كثير من الأحيان ، طبعاً مع نفسي فقط .. فقد منعنا من الاجتماع لأكثر من واحد .. فأتساءل عن سبب هذا الارتفاع المخيف في الأسعار .. فأقول مثلا لو ارتفع سعر الطماطا ” بالعربي الفصحى بندورة ” اليوم وقمنا نحن بعدم شراءها هذا اليوم وبعد وبعده ، ماذا سيحصل لنا هل سنموت جوعاً !!
أم أننا صرنا نحرص على شراء أي شيء حتى لو ارتفع سعره المهم حرام انه يخرب لدى صاحبه ، أو أن تنتهي مدته .. حرام صح ؟؟ أم أننا أصبحنا لا نملك قدرة التحكم برغبات الحيوان في كثير منا !!
ما اكتبه هو ما يدور في ذهن كل إنسان عندما يريد أن يأوي إلى فراشه للنوم ، وبعد أن يداعب النوم أجفانه ، بالعافية يا عم !! يستيقظ وكأن كلام الليل قد محاه النهار .. فقد تعودنا – كما وجدنا عليه آبائنا – أن لا نتكلم فيما لا يعنيننا ، فإننا أن فعلنا سنكون حتما لدى اقرب مركز …. وايش بدنا بوجع هالراس !!
نروح للشعل أحسن ونحط رأسنا بين هالروس ونقول اقطع .. ونبدأ بتمجيد بطولات رؤسائنا وذكر مناقبهم وانتصاراتهم وووو .. فقد قـُصت الألسنة واسملت العيون وقـُطـّعت الأيدي وكُسّرت الأرجل وحاجات أخرى ، كلنا يعرفها !! ولا يبقى في مخيلتنا سوى صور الزعيم المناضل والوسيم ..
وبيني وبينكم هيك أفضل نأكل البرسيم ونمجد الثور الكبير بدل أن نتكلم في السياسة ونوجع رأسنا .. فيكفي أن نهز رؤوسنا على طريقة حمار جار صديقي .. لأنه لا يُقبل منك أن تلوذ بالصمت ، فستتهم عندها بالخيانة العظمى ، وقد تعلق رأسك في الهواء ، فمن منا يريد أن يخسر رأسه !! فما عليك سوى أن تشير به ، لكي تحاول على الأقل أن يبقى أعلى جسدك !!
خلاص لا تحاول .. انتبه لا يكون أحد شافك ؟؟ وأنت تكلم نفسك .. فعيونهم محيطة بك من كل مكان .. وانتبه على نفسك أوعى تشوف أي حلم يخالف أوامر الزعيم ، فقد أصبح لديهم الآن أجهزة تتجسس على أفكارك بل وأنها حتى تتمكن من معرفة ما رأيت في منامك ..
يا ربي ما هذا الكابوس الذي رأيت !!
احمد النعيمي