أدانت جمعية تعنى بحقوق المرأة في السعودية قرار أحد القضاة السعوديين، بعدما رفض إبطال عقد زواج بين طفلة في الثامنة من عمرها ورجل في 47 من عمره. وقالت رئيسة الجمعية، الناشطة وجيهة الحويدر، إن “الوصول إلى أبسط حقوق الإنسان يتطلب وقوفنا ضد من يصر على إبقاءنا في العصور المظلمة.” ودعت المجموعة في بيان صدر عبر موقعها الالكتروني، وزير العدل ومجموعات حقوق الإنسان إلى التدخل من أجل إبعاد الطفلة عن الرجل.
وكان قاض سعودي قد رفض إبطال عقد زواج بين الطفلة والرجل الذي تم باتفاق من والد الطفلة، حيث تبين أنه منح ابنته من بدل سداد أموال كان يدين بها “للعريس”، وذلك حسب ما نقل عن محامي الطفلة في القضية.
وقال المحامي عبد الله الجطيلي، إن القاضي، الشيخ حبيب عبد الله آل حبيب، قد رفض طلب الأم إلغاء عقد الزواج، بحجة أن الأم ليست الوصي الشرعي للطفلة، وبالتالي لا يمكن أن تمثل ابنتها في مثل هذه الإجراءات.
وكان الأب قد نظم هذا الزواج للتخلص من ديونه تجاه الرجل، الذي يعتبر صديقا عزيزا عليه، في حين لم يأخذ الأب برأي الأم، لأنهما منفصلين عن بعضهما.
ومن جانبه، طلب القاضي من زوج الطفلة، الذي حضر الجلسة، عدم إتمام كافة مراحل الزواج قبل أن تصل الطفلة إلى سن البلوغ.
وأكد القاضي على أن الطفلة سيكون لها الحق في طلب الطلاق عبر المحكمة، حالما تصل سن البلوغ.
وأضافت مجموعة حقوق الإنسان في البيان الصادر الأربعاء، أن “زواج الأطفال يحرمهم من أبسط حقوقهم الشرعية، ويضيع لهم شعورهم بالأمان والطمأنينة، ويسبب لهم مشاكل نفسية واكتئاب، بالإضافة إلى إسهام هذا النوع من الزواج في خلق جو عائلي غير صحي بدأ من الأساس بطريقة خاطئة.”
وقالت المجموعة إن هذا الزواج يتناقض مع القوانين التي وقع عليه العاهل السعودي، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حيث يعتبر كل شخص تحت سن 18 عاما طفلا، ويجب أن يُعامل على هذا الأساس.
وقالت الحويدر إن “هذه الحالات ما هي إلا تشويه لصورة المملكة،” معتبرة أن المملكة تشهد “موجة قوية لنشر وتعليم حقوق الإنسان،” غير أن البلاد “فيها تيار يريد إبقاء الشعب في العصور المظلمة، إلى جانب التيار الذي يرغب في الإصلاح والتغيير.”
ولم تعلق وزارة العدل السعودية على الموضوع.
وكان زهير الحارثي، المتحدث الرسمي باسم لجنة حقوق الإنسان في السعودية، والتي تديرها الحكومة، قد قال إن “المنظمة تحاول محاربة هذا النوع من الزواج، لأنه ينافي بنود الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الحكومة السعودية.”
وأضاف الحارثي أن منظمته لا تمتلك تفاصيل هذه القضية، إلا أنها ساهمت بمنع زواج واحد على الأقل من هذا النوع.
وكانت القضية قد ظهرت إلى العلن في أغسطس/آب الماضي، عندما رفعت الأم قضية مطالبة بفسخ عقد الزواج، داعية الجهات المختصة ومنظمات حقوق الإنسان لمساعدتها في ذلك.
وقال كريستوف ويلكي، الباحث في شؤون حقوق الإنسان بالدول العربية لدى منظمة هيومان رايتس ووتش، إن منظمته قد سمعت بعدة حالات لزواج الأطفال والرجال الأكبر سنا.
ولكن المنظمة أكدت أن الشكاوى بدأت تزيد إلى قرابة حالة واحدة كل خمسة أشهر، وذلك بسبب قدرة السعوديين “بحد رأيه” على التعبير بشكل أوسع عن استياءهم لمثل هذه الحالات.
وأجلت المحكمة النظر في القضية آنذاك لعدم حضور “العريس والعروس،” وقد سبق للوالد أن زوج اثنتين من بناته لرجال مسنين، لكن قاض في محكمة الرياض العليا أمر بتطليق الأولى، التي كان عمرها 12 عاما، بينما هربت الثانية مع أمها إلى ملجأ للنساء في الرياض.
وتشهد دولا عربية أخرى، ظواهر مشابهة، إذ أثار زواج طفله تبلغ من العمر 8 سنوات وتدعى “نجود” إلى رجل في العقد الثالث من العمر، جدلا واسعا في اليمن أفضى إلى تطليقها.