أحرام على الدنماركيين..حلال على المحتلين؟!
بقلم:سري سمور-جنين-فلسطين المحتلة
ما يثير الدهشة والاستغراب أن ردة الفعل العربية والإسلامية على الإساءات الموجهة لنبينا الكريم ،محمد بن عبد الله،صلى الله عيه وسلم،تتسم بالغضب الذي يصل حدّ المطالبة باستخدام العنف أو استخدامه فعلا إذا كانت صادرة عن أوروبيين مثلا ،مثلما حدث عند قيام رسام دنماركي تافه سخيف بنشر رسوم مسيئة،في الوقت الذي تكون ردة الفعل على إساءات مشابهة بل أشد وأكثر من قبل الصهاينة في فلسطين فاترة ومتراخية ولا تكاد تذكر،سواء على الصعيد الشعبي،أم على الصعيد الرسمي الذي نسلّم بفتوره وسلبيته بشكل عام.
كانت الإساءة الأخيرة،وعلى الأغلب لن تكون الآخرة،هي كتابة شعارات وألفاظ مسيئة للنبي الكريم يوم الأحد 21/12/2008 على باب مسجد البحر في مدينة يافا المحتلة عام 1948،وقبل ذلك كتبت شعارات على مساجد ومنازل في الضفة الغربية المحتلة ،والغريب كما قلت أن هذه الإساءات الواضحة من قطعان المستوطنين لم يكن لها أي صدى إعلامي يذكر في الشارع العربي والإسلامي،وهذا الشارع نفسه أقام الدنيا وأقعدها ضد الدنمارك وهولندا لذات السبب،فحين رسم دنماركي وضيع رسوما تتطاول على النبي الكريم في صحيفة هامشية،أعادت نشرها صحف أوروبية مختلفة-بعد الضجة-،خرجت تظاهرات وتهديدات للدنمارك شعبا ودولة ،وتعالت أصوات وشكلت تجمعات تدعو لمقاطعة المنتوجات الدنماركية ،وبالفعل كانت هناك مقاطعة ،ولكن ما بال العرب والمسلمين لا يحركون ساكنا ومساجدهم التي يذكر فيها اسم الله في فلسطين تكتب على جدرانها شعارات مسيئة لنبيهم الكريم؟هل الإساءات محرمة ومرفوضة إذا كان مصدرها الدنمارك أو هولندا،ومقبولة إذا صدرت عن الصهاينة المحتلين؟وهل شعار «إلا رسول الله» تتبعه ضمنا عبارة:يا دنماركيين ويا أوروبيين بينما لا بأس بذلك يا صهاينة يا محتلين؟!
إنها حالة من الوهن والهوان أمام حثالة صغيرة ،وهذا يمس كل مقدس لدينا؛فجريمة الصهاينة بكتابة هذه الشعارات على المساجد أشد من كتابات ورسوم في صحف أو مواقع إنترنت ،لأنهم قبل إساءاتهم هذه يحتلون الأرض ويقتلون الشعب ويشردونه ويعملون بدأب على تهويد المقدسات،وكل هذا لم يحرك مياه الصمت والركود في الشارع العربي والإسلامي إلا لممًا!
إن إساءات المحتلين للرسول الكريم مدروسة ومخطط لها بعناية ،بدليل تكاثرها في الآونة الأخيرة،مع نشر أخبارها في الإعلام لتبدو جزءا من واقع يومي،كما أن حكومة الاحتلال لم تعد تبدي الأسف أو تتظاهر بالإدانة مثلما حدث في حالات سابقة،لأن القوم يعلمون أنه ما لجرح بميت إيلام!
إسحاق شامير قبل حوالي عشرين سنة تطاول على سيدنا محمد ،صلى الله عليه وسلم،وقتها لم يكن هناك انتشار لوسائل الإعلام الرقمية مثل اليوم،والذين أثاروا الخبر وغضبوا من تفوهات القرد البولندي هم إخوتنا في الداخل ،وقبل حوالي عشر سنوات قامت متخنزرة صهيونية تدعى «توتيانا توسكين» برسم وتوزيع صورة مسيئة عرفت وقتها «بمنشور الخنزير» في مدينة الخليل،وكالعادة حاول الاحتلال وصمها بالجنون والخبال ،واتصل بنيامين نتنياهو رئيس وزراء حكومة الاحتلال آنذاك بمصطفى النتشة رئيس بلدية الخليل وأعرب له عن «الأسف والانزعاج» من تلك الفعلة الشنيعة،والآن وكل أسبوع تقريبا هناك إساءات للنبي الكريم ولمقابر المسلمين في فلسطين وللمقدسات التي يفترض أنها لأمة المليار وليست لنا وحدنا أبناء شعب فلسطين؛ ،ولم تعد حكومة الاحتلال تتظاهر بالبراءة أو الإدانة لهذه الأفعال …لماذا؟لأنها ترى أصحاب الشأن يرسفون في المهانة والذلة ،وتدرك من تجارب سابقة ،أكثرها برهانا حرق المسجد الأقصى على يد الصهيوني «روهان» أن أمة الإسلام لن تثور لنبيها ولن تغضب لمقدساتها.
الأمة من طنجة إلى جاكرتا لم تفعل شيئا لما جرى ويجري لبيت المقدس ،ولا ضد منع الأذان والصلاة في حرم إبراهيم ،ولا ضد تحويل المساجد إلى بارات ومطاعم في الداخل،علما أنها كان يجب أن تفعل لمجرد احتلال جزء عزيز من الوطن العربي والإسلامي وهي فلسطين،لكنها لم تفعل ما يجب تجاه الاحتلال،ولم تحرك ساكنا وتغضب تجاه إمعان الاحتلا
ل في طغيانه ليمس ما كان يفترض أنها خطوط حمراء بكتابة ورسم شعارات مسيئة لسيدنا محمد …هل ماتت الأمة؟إذا كان الجواب:نعم،فلم المظاهرات والفعاليات ضد الدنمارك؟هل يرون أن الدنمارك دولة واهنة وضعيفة ؟ومنذ متى كان يسمح لقوي أو ضعيف بالتطاول على سيد المرسلين وخاتم النبيين؟
كنت وما زلت أجد بريدي الإلكتروني يعج برسائل تدعو لمقاطعة المنتوجات الدنماركية،ولكنني لم أجد ولو رسالة واحدة تدعو لوقفة أمام الصهاينة الذين فوق القتل والاحتلال تجرءوا وتطاولوا على النبي الكريم..هل معنى ذلك أن العرب ظاهرة صوتية؟أسأل الله تعالى ألا يكون الأمر كذلك!
،،،،،،،،،،،
سري عبد الفتاح سمور
قرية أم الشوف المدمرة قضاء مدينة حيفا المحتلة
حاليا:جنين-فلسطين المحتلة
الجمعة 26 ذي الحجة 1429هـ – 24/12/2008م
بريد إلكتروني:-
رابط المقال في المدونة: