مسامير وأزاهير ( 38 ) … من إستحقاقات أوسلو اعتقال ( رجب عوني توفيق )!!!.
الثورة تأكل رجالها … ذاك قول دارج قد ذهب مثلاً حياً لجماعة جمعهم هدف سياسي يصب لتغيير واقع حكم بالقوة فسرعان ما فرقهم طمع الدنيا وحب الجاه والاستئثار بالسلطة والنفوذ … غير أن ذاك المثل لعمري لا يصح أن ينطبق بأي شكل من الأشكال بحق رجال اكتووا بنار احتلال فأرخصوا النفس والروح فداءاً لوطن محتل قد دنس ترابه وسفك دم أبنائه وشرد وانتهك العـِرْضُ والكرامة !!!.
من منكم من لم يسمع بنشرة الأخبار أو قرأ خبراً في موقع إخباري عن ( رجب عوني وفيق الشريف ) … ذاك الشاب الفلسطيني الثلاثيني العمر ومن أبناء مدينة نابلس تحديداً… شاب ككثير من شبان فلسطين المؤمنين بعدالة قضيتهم والذي نذر نفسه ووهبها رخيصة لفلسطين الغالية … شاب فلسطيني صلب مبدئي ترك ملذات الدنيا ولهوها … ترك الأهل والأحبة وتمسك بهدفه الذي آمن به فظل متوارياً عن الأنظار لست سنوات متتالية بعد أن تصدى لقوات الاحتلال الصهيوني عام 2002 حين اجتاحت مدينة نابلس … حتى ظن الجميع أنه قد استشهد في ذلك الاجتياح بعد أن توارى عن الأنظار زمناً طويلاً … قبلها كان ( رجب ) مطارداً من قبل قوات الاحتلال منذ عام 1996، ثم اعتقل لدى أجهزة أمن السلطة عام 1998… كان مطارداً لأنه وقف بوجه الاحتلال وممارساته … لأنه قارع الاحتلال وأبى الرضوخ له … فإذا به يعتقل قبل أيام من قبل أجهزة أمن السلطة من داره في شارع شوتيرة في نابلس بعد أن طوقت منزله عشرات العربات الأمنية ليتم اقتحام الدار واعتقاله وإهانته أمام عائلته وحشد من أبناء المدينة!!!.
ظل ذاك المجاهد مطارداً من قبل قوات الاحتلال البغيض لست سنوات … ربما انزوى بغار أو كهف في سفح جبل من جبال فلسطين … ولربما أيضاً التجأ لواد يهيم على وجهه … فتحمل خلالها الجوع والعطش … البرد شتاءاً والحر صيفاً … تحمل غربة الأهل والأحبة وظل مختفياً عن الأنظار لست سنوات متتالية … وهكذا وبمنتهى البساطة وبرودة الدم تقوم قوات أمن السلطة باعتقاله منتشية مزهوة بما فعلت فيما لم تتمكن من اعتقاله قوات الاحتلال الصهيوني لست سنوات خلت ، فأي عار تلبسنا وأي شنار آلت إليه أحوالنا!!!.
حين كتبنا مقالتنا ((مسامير وأزاهير ( 32) … ما أشبه دَوْرَيّ قوات الانتداب البريطاني بقوات أمن السلطة!!)) والتي نشرت بتاريخ 6/12/2008 فقد أقام ( البعض ) الدنيا ولم يقعدوها فاتهمنا ذاك البعض بأننا لا نحسن الكتابة إلا في ميدان تجريح فتح والسلطة، وأشاعوا بأننا حين ننتقد ممارسات أجهزة السلطة إنما نعادي الشرعية الفلسطينية دونما سبب وجيه ، وبأننا نتعمد على تشويه صورتها وصورة نفر من أجهزتها الأمنية العاملة في مدن الضفة فيما تمارسه بحق أبنائنا المجاهدين بديلاً عن قوات الاحتلال الصهيوني … فأين هؤلاء الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها مما جرى بالأمس بحق أحد مجاهدي فلسطين ممن عاهد رب العزة والجلال وألزم نفسه على أن يقارع المحتل الغاصب حتى تحقيق النصر فظل مطارداً مختفياً عن الأنظار بعيداً عن الأهل والأحبة لست سنوات ليتم اعتقاله أخيراً من قبل من هم يوصفون بأنهم أبناء جلدته ورفاق دربه بالكفاح والتحرير ومناهضة الاحتلال!!؟.
إننا والله ما نطقنا إلا الحق ولا شيء غير الحق وما تجنينا على أحد حين شبهنا ما تفعله قوات الأمن الفلسطينية التابعة للسلطة الفلسطينية هذه الأيام تحديداً بما فعلته قوات الانتداب والاحتلال البريطاني إبان ثلاثينات وأربعينات القرن المنصرم ، حين كانت الأخيرة تلاحق مجاهدي فلسطين فتلقي عليهم القبض وتضيق الخناق وترميهم في معتقلات النفي في صحراء النقب ليخلو الجو لقطعان يهود ليحكموا قبضتهم على أرض فلسطين وشعبها وإلا فكيف سيتم تبرير ما جرى بحق هذا المجاهد الشريف!!؟.
وأتساءل بدوري … بأي تهمة ألقي القبض على ( رجب عوني توفيق الشريف )!!؟.
هل سرق مال الشعب الفلسطيني !!؟.
هل اعتدى على فلسطيني آخر!!؟.
هل انتهك مقدسات فلسطينية!!؟.
هل تاجر بالممنوعات فأفسد شباب فلسطين!!؟.
هل اتصل بأجهزة للعدو وتخابر معها فأضر بمصلحة فلسطين العليا!!؟.
لا والله … فما كانت هذه تهمته ولا جريرته … بل كانت تداعيات اعتقاله انتماءه لفلسطين وتشبثه بعدالة قضيتها.
إنه والله لزمن تندى له الجباه الشريفة ويخجل منه أصحاب الضمائر والوجدان، إنه سلوك وممارسة باتت ظاهرة يومية اعتادت أن تقوم بها أجهزة السلطة الفلسطينية من أجل كبح جماح شباب المقاومة والانتفاضة وتقييد حركتهم من خلال اعتقالهم وزجهم في المعتقلات ليصفو الجو لهم لينفذوا ما وقعوا عليه واتفقوا في أوسلو وغيرها ورغم انتهاء اتفاقية أوسلو عملياً وتنكر الاحتلال لاستحقاقاتها!!!.
وتلك والله استحقاقات أوسلو البغيضة التي قلبت كل شيء واستوجبت ذاك التنسيق الأمني بين قوات الاحتلال وقوات أمن السلطة، ورغم انتهاء اتفاقية أوسلو عملياً والتنكر الصهيوني لتعهداته وعدم التزامه بها فإننا لا نزال نتلمس للسلطة إصراراً واضحاً على التمسك باستحقاقات تبنتها وألزمت نفسها بها فيما وقف
ت حائرة لا تلوي على شيء إزاء انتهاكات الصهاينة اليومية، بل على العكس تماماً حيث راحت تمارس ما عجز العدو نفسه عن تحقيقه … كما جرى تحديداً في اعتقال (رجب عوني توفيق الشريف )!!!.
ت حائرة لا تلوي على شيء إزاء انتهاكات الصهاينة اليومية، بل على العكس تماماً حيث راحت تمارس ما عجز العدو نفسه عن تحقيقه … كما جرى تحديداً في اعتقال (رجب عوني توفيق الشريف )!!!.